يقظة مغربية أمام محاولات صحافيين إيطاليين تمرير سرديات دعائية انفصالية

أطراف مشبوهة تنظم "رحلات وهمية" لتقديم صورة مغلوطة عن الأقاليم الجنوبية.
الأربعاء 2025/04/30
لا مساس بالوحدة الترابية

فشلت محاولات صحافيين إيطاليين التسلل إلى مدينة العيون المغربية يعملان على ترويج الأطروحة الانفصالية لجبهة بوليساريو في إطار حرب التضليل التي تنتهجها بالتعاون مع جهات مشبوهة لضرب وحدة المملكة.

الرباط - أفشلت السلطات المغربية بمدينة العيون محاولة تسلل صحافيين إيطاليين يروجان لأطروحة بوليساريو الانفصالية، بعدما حاولا دخولها باستخدام سيارة سياحية برفقة ثلاثة عناصر من دعاة الانفصال، دون الحصول على الموافقات الرسمية والتراخيص القانونية المطلوبة، وهو ما يشير إلى يقظة السلطات لأيّ محاولات إعلامية لتمرير سرديات إعلامية تطعن بوحدة المملكة وسيادتها.

وقررت السلطات ترحيل الصحافييْن الإيطالييْن بعد محاولتهما دخول مدينة العيون بطريقة غير قانونية، في خطوة وُصفت بـ”الاستفزازية” وتمس بالضوابط القانونية المنظمة لدخول الأجانب إلى البلاد. وأفادت مصادر مطلعة بأن الصحافي ماتيو غارافوليا والمصور جيوفاني كولموني حاولا التسلل إلى مدينة العيون عبر المدخل الشمالي في سيارة سياحية، دون الحصول على تفويض رسمي من السلطات المختصة.

وجاءت محاولة دخول الصحافييْن عبر الطريق البري بعد فشل محاولات سابقة مماثلة دخول المدينة عبر مطار الحسن الأول؛ الشيء الذي يعكس إصرارهما على تجاوز القوانين المنظمة لزيارة الأجانب للأقاليم الجنوبية للمملكة. واستدعت هذه الواقعة تدخّل السلطات المحلية التي شددت على أن احترام السيادة الوطنية ورفض أيّ بروباغندا إعلامية تسيء للوحدة الترابية للمملكة والتي تمثل خطا أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي ذريعة، مؤكدة أن التصدي لمثل هذه السلوكيات يتم وفقا للقوانين الجاري بها العمل.

وأفادت المصادر أن الصحافييْن حاولا استغلال صفتهما المهنية لتنفيذ أجندات معروفة بدعمها للأطروحات الانفصالية، قبل أن يتم توقيفهما وترحيلهما برا عبر السيارة ذاتها نحو مدينة أغادير. وفور علمها تدخلت السلطات المحلية بسرعة، حيث تم توقيف الصحافيين وإخضاعهما للإجراءات القانونية، قبل ترحيلهما نحو مدينة أغادير، في خطوة أكدت من خلالها سلطات العيون أن أي نشاط يمس بالسيادة الوطنية أو يهدف لدعم الأطروحات الانفصالية سيواجه بالحزم اللازم وفق القوانين المعمول بها.

وتأتي هذه العملية لتعزز يقظة السلطات المغربية أمام المحاولات المشبوهة لاستغلال الغطاء الإعلامي أو السياحي للنيل من الوحدة الترابية للمملكة، مجددة التأكيد على أن المغرب يرحب بالزوار الأجانب شريطة احترامهم للسيادة والقوانين الوطنية.

◙ السلطات المغربية بمدينة العيون تفشل محاولة تسلل صحافيين إيطاليين مواليين لأطروحات جبهة بوليساريو الانفصالية

وتكشف هذه الحادثة عن الحرب الإعلامية التي تجري وراء الكواليس ضد المغرب لدعم المشروع الانفصالي، باستخدام المعلومات المضللة، بعد فشلها في تحقيق أيّ انتصار في النزاع المفتعل. وبينت الوقائع أن بعض الأطراف الخارجية تسعى جاهدة لخلق مشاهد إعلامية مصطنعة عبر ما يمكن وصفها بـ”رحلات وهمية”، ويتم تنظيم هذه الزيارات بهدف افتعال أزمات وتقديم صورة مغلوطة عن الأوضاع في الأقاليم الجنوبية، واستغلال هذه الأزمات المفتعلة في حملات تضليلية ممنهجة.

وتتعرض الأقاليم الجنوبية للمغرب لحملة إعلامية ممنهجة تهدف إلى عرقلة مسيرة التنمية الشاملة والاستقرار الذي تشهده المنطقة. ففي وقت سابق من أبريل الجاري جرى تصعيد إعلامي مصاحب لمحاولة ما يسمى بـ”وفد الجمعية الدولية للمحامين من أجل الصحراء” دخول مدينة العيون، وما تلاه من تغطيات إعلامية متحيزة، وذلك بعد أن تم رفض دخول أفراد لم يلتزموا بالشروط والإجراءات القانونية المعمول بها، وعلى رأسها الإشعار المسبق والتنسيق مع الجهات الرسمية المغربية، رغم أن هذا الإجراء هو حق سيادي تمارسه جميع دول العالم لحماية أمنها وتنظيم دخول الأجانب إلى أراضيها.

وأكد متابعون أن الادعاءات التي تروّج لها بعض المنظمات حول وضعية حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، تفتقر إلى الموضوعية والمصداقية، فالمغرب يتعامل بشفافية تامة مع هذا الملف، ويفتح أبوابه للمؤسسات الحقوقية الوطنية والدولية المعتمدة لتقييم الوضع على أرض الواقع بشكل مستقل وموضوعي، إلا أن المملكة ترفض بشدة استغلال قضايا حقوق الإنسان كورقة سياسية ودعائية من قبل جهات معروفة بدعمها لأطروحة خصوم الوحدة الترابية.

ولطالما استخدمت جهات خارجية محسوبة على بوليساريو وداعمتها الجزائر حرب الشائعات والمعلومات المضللة أمام عجز المقاربات العسكرية والدبلوماسية للانفصاليين، إذ سبق لعدد من قيادات بوليساريو أن أقروا بأن “الحرب الإعلامية والدعائية” هي جزء من المواجهة التي يخوضها هذا التنظيم ضد المغرب. كما أُعلن في مايو الماضي عن تأسيس ما تسمى “فيدرالية الصحافيين والإعلاميين المهتمين والمتضامنين مع القضية الصحراوية”، وضعت ضمن أهدافها إنشاء شبكة دولية لتبادل المعلومات وتوحيد الجهود الإعلامية على هذا المستوى.

وأكد البراق شادي عبدالسلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، في هذا الصدد، أن “المخابرات الجزائرية في إطار ما يسمى الجيل الرابع من الحروب، تعتمد على أساليب الإشاعات والأكاذيب والتضليل الإعلامي والخداع الإستراتيجي من أجل استهداف الجبهة الداخلية للعدو والإضرار بمصالحه العليا.”

◙ المغرب لا يرفض مطلقًا مبدأ المراقبة الحقوقية، بل يرحب بكل الهيئات والوفود التي تحترم القوانين والمساطر المعمول بها

وفي حديثه عن سياق اللجوء إلى هذه الأساليب أوضح عبدالسلام أن “الأمر مرتبط أولا بالانتصارات الكبرى التي تحققها الدبلوماسية المغربية في ملف الوحدة الترابية، خاصة بعد قرارات فرنسا وفنلندا، مع دول أخرى وازنة في طريقها إلى اتخاذ قرارات مماثلة، وهو الأمر الذي يشكل هزيمة حقيقية للنظام الجزائري الذي يراهن على ميليشيا إرهابية لتحقيق طموحاته في الهيمنة الإقليمية ووضع اليد الجزائرية على مقدرات وثروات الشعوب المغاربية.”

وعلى صعيد التعاطي الإعلامي المستقبلي مع قضية الصحراء، يبدو أن هناك تحولا ملحوظا في الوعي الدولي، حيث بدأ المجتمع الدولي يستوعب بشكل أعمق تعقيدات هذا الملف ويقدر الجهود التنموية والحقوقية التي تبذلها المملكة في أقاليمها الجنوبية. ومع ذلك، تظل الحاجة قائمة لتعزيز الجهود التوعوية والتواصلية لمواجهة حملات التضليل الممنهجة التي لن تتوقف طالما أن هناك أطرافًا إقليمية تصر على استغلال ملف حقوق الإنسان لتحقيق أجندات سياسية ضيقة.

ويؤكد متابعون أن المغرب لا يرفض مطلقًا مبدأ المراقبة الحقوقية، بل يرحب بكل الهيئات والوفود التي تحترم القوانين والمساطر المعمول بها. فالمملكة المغربية أصبحت شريكًا إستراتيجيًا للعديد من الدول في مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، وتحظى بتقدير دولي متزايد. وهذا التقدير يتجسد في المواقف الواضحة والصريحة للعديد من الدول الكبرى، كالولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا، التي باتت تدعم بقوة مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي ووحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

لذلك يجب عدم الانسياق وراء الدعاية المغرضة التي لا تخدم مصالح السلام والاستقرار في المنطقة. فالمغرب شريك موثوق وجاد يفتح أبوابه للحوار والتعاون البناء، لكنه في الوقت نفسه لن يقبل أيّ شكل من أشكال الابتزاز أو التضليل الإعلامي.

5