ضعف نمو الاقتصاد العالمي يسرع وتيرة إحكام السيطرة على التضخم

واشنطن- حملت أحدث التقييمات الدولية حول السيطرة على التضخم في طياتها تفاؤلا كبيرا في ظل التقلبات العالمية الراهنة، والتي من المتوقع أن تتكفل بما عجز عنه صناع السياسات النقدية منذ ثلاث سنوات.
ويُظهر أحدث تقارير البنك الدولي الثلاثاء حول توقعات أسواق السلع أن أسعار السلع، بعد تعديلها وفقًا للتضخم، ستتراجع إلى متوسطها للفترة 2015 – 2019 خلال العامين المقبلين، مما يُمثل نهايةً لطفرة الأسعار التي غذّاها التعافي الاقتصادي من الوباء وحرب أوكرانيا.
وتوقع البنك أن يؤدي ضعف النمو العالمي، الذي يعود إلى أسباب منها اضطرابات التجارة، إلى انخفاض أسعار السلع الأولية 12 في المئة في 2025، و5 في المئة أخرى في 2026، لتصل إلى أدنى مستوياتها المسجلة في عشرينات القرن الماضي بالقيمة الحقيقية.
وقد يُخفف الانخفاض من حدة مخاطر التضخم على المدى القريب، الناشئة عن التعريفات الجمركية الأميركية الجديدة الباهظة وتزايد الحواجز التجارية عالميًا، ولكنه قد تكون له أيضًا عواقب سلبية على الاقتصادات النامية المُصدّرة للسلع.
وجاءت طفرة التضخم عقب حالة فريدة من الاضطرابات في الاقتصاد العالمي، غير أنها تعطي دروسا مهمة للبنوك المركزية، فقد أدت حالات الإغلاق العام بسبب الوباء في البداية إلى ميل الطلب نحو السلع بعيدا عن الخدمات.
ولكن هذه التطورات تزامنت مع وقت أدى فيه التنشيط المالي والنقدي غير المسبوق إلى إعطاء دفعة للطلب، ولم تكن الشركات قادرة على زيادة الإنتاج بالسرعة الكافية، مما أسفر عن حالات من عدم الاتساق بين العرض والطلب وارتفاع الأسعار في بعض القطاعات.
وعلى سبيل المثال، شهدت الموانئ حركة مفرطة دفعتها إلى استخدام كامل طاقتها أو أكثر منها، ما يرجع أحد أسبابه إلى نقص في التوظيف كان مرتبطا بالجائحة، فحدثت طفرة في الطلب على السلع أدت إلى تأجيل توفير الطلبات.
ومع إعادة فتح الاقتصادات، عاد الطلب على الخدمات إلى مركز الصدارة مجددا وأفضى غزو روسيا لأوكرانيا إلى ارتفاع حاد في الأسعار الأولية أدى بدوره إلى دفع التضخم العالمي إلى أعلى مستوياته منذ سبعينات القرن العشرين.
وقال إندرميت جيل، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، في بيان “لقد كان ارتفاع أسعار السلع بمثابة نعمة للعديد من الاقتصادات النامية، التي يُصنّف ثلثاها من الدول المُصدّرة للسلع.”
لكنه أكد “أننا نشهد الآن أعلى تقلب في الأسعار منذ أكثر من 50 عامًا. الجمع بين ارتفاع تقلب الأسعار وانخفاضها يُنذر بالمتاعب.”
وشدد على أنه ينبغي على هذه الدول تحرير التجارة حيثما أمكن، واستعادة الانضباط المالي، وتهيئة بيئة أكثر ملاءمة للأعمال لجذب رأس المال الخاص.
5
في المئة أخرى في 2026، نسبة انخفاض أسعار المواد الأولية لتصل إلى أدنى مستوياتها المسجلة في عشرينات القرن الماضي بالقيمة الحقيقية
وأفاد تقرير البنك الدولي أن ارتفاع أسعار الطاقة أضاف أكثر من نقطتين مئويتين إلى التضخم العالمي في عام 2022، لكن انخفاض الأسعار في عامي 2023 و2024 ساعد في اعتدال التضخم.
وأضاف أنه من المتوقع أن تنخفض أسعار الطاقة بنسبة 17 في المئة إلى أدنى مستوى لها في خمس سنوات، قبل أن تنخفض بنسبة 6 في المئة أخرى في عام 2026.
وتوقع التقرير أن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 64 دولارًا للبرميل في عام 2025 بانخفاض قدره 17 دولارًا عن عام 2024، و60 دولارًا فقط للبرميل في عام 2026 وسط وفرة العرض وانخفاض الطلب.
ويعزى ذلك جزئيًا إلى الاعتماد السريع على السيارات الكهربائية في الصين، أكبر سوق للسيارات في العالم. وقد بلغ سعر خام برنت 64.8 دولار للبرميل في وقت مبكر من صباح الثلاثاء.
ومن المتوقع أن تنخفض أسعار الفحم بنسبة 27 في المئة هذا العام، وبنسبة 5 في المئة أخرى في عام 2026، مع تباطؤ نمو استهلاك الفحم لتوليد الطاقة في الاقتصادات النامية.
ويرجح البنك الدولي أن تتراجع أسعار المواد الغذائية، بنسبة 7 في المئة هذا العام ، وبنسبة واحد في المئة إضافية في عام 2026، لكن هذا لن يُخفف من حدة انعدام الأمن الغذائي في بعض الدول الأكثر ضعفًا، مع تقلص المساعدات الإنسانية، وتأجيج الصراعات المسلحة للجوع الحاد.
كما توقع أن تُسجل أسعار الذهب رقمًا قياسيًا جديدًا في عام 2025، مع بحث المستثمرين عن ملاذات آمنة لرؤوس أموالهم وسط تزايد حالة عدم اليقين، لكن السعر سيستقر في عام 2026.