سيناريو مشاركة الصدر في الانتخابات العراقية يطرح من جديد

بغداد- لم يغلق إعلان رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر عن قراره بعدم مشاركة تياره في الانتخابات البرلمانية المقررة لشهر نوفمبر القادم بشكل نهائي الباب أمام تلك المشاركة التي عاد الحديث ليدور مجدّدا بشأنها.
وفي حال تأكّد تراجع الصدر عن قراره السابق بمقاطعة الانتخابات، فإنّ ذلك لن يكون استثناء وأمرا طارئا على تكتيكات الرجل وأسلوبه في ممارسة العمل السياسي وهو المعروف طوال مساره باتخاذه القرارات الكبيرة والصادمة والتراجع عنها من قبيل إعلان انسحابه أكثر من مرة من الحياة السياسية وحل الميليشيا التابعة له وتجميد نشاطها دون أن يحدث شيء من ذلك.
وفي ما يتعلّق بالانتخابات، فإن الإعلان عن المقاطعة والتراجع عنها لا يخلو من دعاية للرجل الذي قد يكون تعمّد الترويج لخيار عدم المشاركة وهو يعلم مسبقا بأنّه ليس خياره الحقيقي والنهائي سعيا وراء الإثارة والتشويق، ورغبة في قياس مكانته على الساحة السياسية وهو ما تحقّق بالفعل من خلال المناشدات له بعدم مقاطعة الاستحقاق الانتخابي والتي صدرت عن العديد من الشخصيات ذات الوزن والمكانة في العملية السياسية بالعراق.

عبداللطيف رشيد: المسار السياسي في البلاد سيبقى منقوصا إن لم يشارك التيار الوطني الشيعي في الانتخابات
وكشف مصدر مقرّب من زعيم التيار الوطني الشيعي عن وجود “خطة بديلة” للصدر للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، بحسب ما أوردته الاثنين وكالة شفق نيوز الإخبارية.
وشارك التيار في الانتخابات السابقة التي أجريت في أكتوبر 2021 وحصل على ثلاثة وسبعين مقعدا من مقاعد مجلس النواب ما جعله مؤهلا للحصول على امتياز تشكيل الحكومة قبل أن تتحالف ضدّه عدّة قوى من داخل عائلته السياسية الشيعية ومن خارجها ما جعل زعيمه مقتدى الصدر يقرّر سحب نوابه من البرلمان ويعلن انسحابه من العملية السياسية وعم المشاركة في أيّ استحقاق انتخابي قادم.
وفي شهر مارس الماضي جدّد زعيم التيار تأكيد قراره عدم المشاركة في انتخابات نوفمبر القادم قائلا في منشور تداولته حسابات على منصّة إكس “ليكن في علم الجميع، ما دام الفساد موجودا فلن أشارك في أيّ عملية انتخابية عرجاء،” معتبرا أن الانتخابات “بعيدة عن معاناة الشعب وعمَّا يدور في المنطقة من كوارث كان سببها الرئيسي هو زج العراق في المحارق،” ومتسائلا “أيّ فائدة تُرجى من مشاركة الفاسدين والعراق يعيش أنفاسه الأخيرة، بعد هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة على كل مفاصله.”
وتابع قوله “مازلت أعوّل على طاعة القواعد الشعبية لمحبي الصدرين في التيار الوطني الشيعي، ولذا فإني كما أمرتهم بالتصويت، فاليوم أنهاهم أجمع من التصويت والترشيح، ففيه إعانة على الإثم. وسنبقى محبين للعراق ونفديه بالأرواح ولا نقصر في ذلك على الإطلاق“.
وأظهرت العديد من القوى والشخصيات السياسية العراقية رغبة واهتماما بمشاركة التيار الوطني الشيعي في الانتخابات المقبلة لحسابات سياسية مختلفة.
وكان من بين الراغبين في ذلك رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وهو أمر بدا ظاهريا منافيا للمنطق نظرا إلى ما بينه وبين مقتدى الصدر من عداوة قديمة مستحكمة.
ورغم ذلك لم تكن مشاركة التيار في الانتخابات لتخلو من فوائد لزعيم ائتلاف دولة القانون الذي تحدثت مصادر سياسية عن رغبته في التحالف مع غريمه القديم للاستفادة من جماهيريته الكبيرة في مواجهة خصوم المرحلة وفي مقدمهم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني الذي أصبح بمثابة حجر عثرة في طريق عودة المالكي لقيادة السلطة التنفيذية مجدّدا سواء بشكل مباشر عبر تسنّم منصب رئيس الوزراء، أو بشكل غير مباشر عن طريق التحكم في المنصب من وراء الستار بعد إسناده لأحد ثقاته.
وتخشى شخصيات وأحزاب أخرى من أن تؤدي مقاطعه الجمهور العريض للتيار الصدري للانتخابات إلى حالة عزوف انتخابي كبير ينتقص من شرعية نتائج الانتخابات وبالنتيجة من النظام السياسي ككل.
◄ الخطة "ب" للصدر بشأن الانتخابات قد تقوم على المشاركة غير المباشرة فيها عن طريق قائمة غير تابعة له بشكل معلن
ودعا رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد مقتدى الصدر إلى العدول عن قرار عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة. وقال في رسالة وجهها إليه في وقت سابق من الشهر الجاري “إن المسار السياسي في البلاد سيبقى منقوصا إن لم يشارك التيار الوطني الشيعي في الانتخابات،” معتبرا أن “غياب هذه القوة الجماهيرية يؤثر على الحياة النيابية ويُضعف مؤسسات الدولة“.
ومن جهته حذّر رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي من سيناريو ضعف المشاركة الشعبية في الانتخابات داعيا الصدر إلى العودة إلى العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات المقبلة.
وتحدّث عمّار الحكيم زعيم تيار الحكمة الوطني عن أهمية مشاركة جميع القوى السياسية في الانتخابات المقبلة بما في ذلك تيار مقتدى الصدر.
ووصف المصدر قرار الصدر بشأن مقاطعة انتخابات مجلس النواب بغير النهائية قائلا إنّه من الممكن “أن يكون هناك تراجع حسب التطورات السياسية داخل البلاد خلال الشهرين المقبلين، لكن مع ذلك هناك فكرة لدى الصدر وهي خطة بديلة“.
وشرح أن “الخطة البديلة تتمثل في المشاركة في الانتخابات بصورة غير مباشرة، عبر قائمة صدرية انتخابية لا تكون مدعومة بشكل مباشر منه كما حصل مع قائمة ‘سائرون‘ التي مثلت الصدريين دون دعم مباشر وصريح من قبل الصدر“.
وتابع أن “هذه الفكرة مطروحة بقوة داخل الحلقة الخاصة بالصدر في الحنانة وقد يحسم تسجيل هذه القائمة في اللحظات الأخيرة، قبل إغلاق تسجيل الكيانات السياسية“.