خطة مصرية جديدة لتحفيز الاستثمار في صناعة السيارات

تعكف السلطات في مصر على وضع خطة جديدة بهدف تحفيز الاستثمار في قطاع السيارات، وذلك في إطار جهود الحكومة لتنشيط الاقتصاد القومي وتوفير بيئة استثمارية ملائمة لتوطين صناعة المركبات وزيادة الإنتاج المحلي.
القاهرة - تسعى الحكومة المصرية حاليا نحو توسيع فرص النمو في تصنيع السيارات لحصد عوائد مجزية خلال الفترة المقبلة، في سياق محاولات عديدة ترمي إلى تعزيز القيمة المضافة لهذا القطاع في المنافسة الإقليمية وزيادة التصدير، ودعم احتياطات البلاد من النقد الأجنبي.
وتتضمن الخطة التي تستعد وزارة المالية لتنفيذها، إعفاء المكونات المستوردة التي تُستخدم في تجميع المركبات محليًا من رسم التنمية الذي يبلغ 3 في المئة.
وبموجب هذه الخطوة، سوف يُعفى صناع السيارات في البلاد من هذا الرسم عند استيراد المكونات، وهو ما من شأنه أن يقلل نسبة التكاليف على الشركات المحلية ويزيد من قدرة الصناعة على التنافس مع الأسواق الإقليمية والعالمية.
وعلى الرغم من ذلك، ستظل الرسوم محصلة في وقت لاحق عند البيع التجاري للمركبات أو خلال تجديد التراخيص المرورية، وفق مصادر تحدثت لـ”العرب”.
وتعوّل الحكومة على هذا الإعفاء من رسم التنمية للتمكن من جذب المزيد من الشركات العالمية في مجال تصنيع السيارات وتوطين هذه الصناعة في مصر.
ويُعتبر التحرك محاكاة أو استنساخا لتجربة سابقة، كانت قد نفّذتها الحكومة في عام 2023 حين تم إعفاء مكونات الهواتف المحمولة المستوردة من رسم التنمية، وهو ما كان له تأثير إيجابي على سوق الهواتف المحمولة في مصر.
وشهدت السوق المحلية من خلال هذه التجربة، طفرة كبيرة في أعداد الهواتف المحمولة المنتجة محليًا، حيث ساهمت هذه الخطوة في زيادة القدرة الإنتاجية للمصانع المحلية، فضلاً عن جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
والهدف الرئيسي من الخطة الجديدة المتعلقة بالسيارات هو تشجيع الاستثمارات في هذا القطاع، وفتح باب الأمل لتخفيض الإجراءات البيروقراطية، وخفض التكلفة الإجمالية على المصانع المحلية التي تعمل في تجميع السيارات وتصنيعها.
ويشهد قطاع السيارات في مصر تحولات في الآونة الأخيرة، حيث تتبنى الحكومة خطة جديدة تهدف إلى تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا القطاع الإستراتيجي، والذي يعد أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد.
ويعكس هذا التوجه رؤية الدولة في دعم القطاع الخاص، عبر توفير الحوافز المالية والضريبية التي تشجع المستثمرين المحليين والأجانب على ضخ المزيد من الاستثمارات في هذا المجال المهم.
ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطة في زيادة الإنتاج المحلي من السيارات وتوفير المزيد من الوظائف، وهو ما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي.
وقال عضو جمعية مستثمري الإسماعيلية عبدالحميد المطري إن “تخفيض تكاليف استيراد المكونات خطوة مهمة في اتجاه تقليل الاعتماد على الواردات، وبالتالي تعزيز قدرة مصر على المنافسة في السوق الإقليمية والدولية.”
وعلى مدار السنوات الأخيرة، شهد قطاع السيارات المصري اهتمامًا متزايدًا من بعض الشركات العالمية والمحلية، وبدأت شركات معروفة فتح مصانع للتجميع، نظرًا إلى الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به البلاد ويتيح الوصول إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.
وأضاف المطري في تصريحات لـ”العرب” أن “السوق المصرية سوق كبيرة من حيث الطلب على السيارات، مما يفتح أمام الشركات فرصًا كبيرة للتوسع.”
وأشار إلى أن الخطوة تخفض تكاليف الإنتاج على المصنعين، خاصة أن أيّ رسوم لها تأثير سلبي على قدرة المصانع المحلية على المنافسة مع السيارات المستوردة، في ظل التغيرات الاقتصادية التي شهدتها مصر الفترة الماضية.
وتأمل الحكومة أن يؤدي هذا الإجراء إلى رفع كفاءة الصناعة وزيادة القدرة التنافسية للقطاع محليا، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز توطين هذه الصناعة في مصر، وتحقيق المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وتسعى القاهرة إلى تعزيز توطين صناعة السيارات، حيث تصبح البلاد قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلية من المركبات، وتصدير الفائض للأسواق الخارجية.
وحسب المعطيات المتوفرة فإن القطاع يضم 17 منشأة لتصنيع المركبات، بينما تنشط قرابة 300 منشأة أخرى في مجال المغذيات.
وأكد خبير الاستثمار المصري محمد سعيد أن هذه الخطوة تمثل إحدى الأدوات المهمة لتطوير الصناعة المصرية، والتحدي الأكبر في قطاع السيارات يكمن في قلة الصناعات المحلية التي يمكنها توفير مكونات السيارات بشكل كامل.
17
منشأة تعمل في تصنيع السيارات، بينما تنشط قرابة 300 منشأة أخرى في مجال المغذيات
وأوضح في تصريحات لـ”العرب” أن هذا الإعفاء يساهم في تقليل التكلفة على المصانع التي تعتمد على استيراد مكونات السيارات من الخارج بأسعار مرتفعة، ما يعزز قدرتها على تقديم أسعار تنافسية في السوق المحلية، ويشجع على زيادة الإنتاج.
وبالنظر إلى تجربة قطاع الهواتف المحمولة في مصر، فهي مثال ناجح لكيفية توطين الصناعة وتحفيز الاستثمارات من خلال تخفيض الرسوم على المكونات المستوردة.
ومنذ تطبيق سياسة هذا الإعفاء على مكونات الهواتف المحمولة عام 2023، شهدت السوق المحلية زيادة كبيرة في الإنتاج المحلي من الهواتف، ما ساعد في جذب استثمارات مباشرة من كبرى الشركات العالمية، وخلق فرص عمل جديدة.
وتفتح هذه التجربة باب الأمل أمام إمكانية نجاح خطة السيارات في مصر، حيث أن البيئة الاقتصادية التي كانت موجودة في سوق الهواتف المحمولة قد تكون مشابهة للبيئة الحالية في سوق السيارات.
ومردّ التركيز على إنتاج المركبات لكون مصر تتمتع بموقع جغرافي مميز، وتتيح السوق فرصًا كبيرة للشركات لتوسيع أعمالها في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويقول خبراء إنه في حال نجاح هذه الخطة وتطبيقها بحرفية، فإن مصر يمكن أن تتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات في المنطقة، وهو هدف رئيسي تسعى إليه الحكومة، ما يسهم في جذب استثمارات كبيرة في هذا القطاع.
وتوفر الخطة الجديدة فرصًا كبيرة لزيادة الإنتاج المحلي من السيارات، ما يؤدي بدوره إلى تعزيز التنافسية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في السوق، وفتح أسواق تصديرية جديدة وواعدة.
ورغم إتاحة هذه الفرص الواعدة، يرى خبراء أن هناك تحديات لا زالت قائمة أمام تحقيق نجاح الخطة بشكل كامل، مثل ضرورة التوسع في تصنيع المكونات محليًا، ولكن توجيه الدعم المالي وتحفيز الاستثمارات في البنية التحتية قد يكون مفتاحًا رئيسيًا لتوطين صناعة السيارات بشكل ناجح.
ويضيف الخبراء أن خطة إعفاء مكونات السيارات المستوردة من بعض الرسوم خطوة مهمة نحو تحفيز قطاع السيارات، وقد تساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة الإنتاج المحلي من المركبات.