حملة كويتية على تعدين العملات المشفرة لدرء تنامي أزمة الكهرباء

الكويت - اكتشفت السلطات الكويتية سببا جديدا لتفاقم أزمة الكهرباء يتمثل في تعدين العملات المشفرة، وهو أمر غير معتاد في بلد ظل يعاني على مدار سنوات من هذه المشكلة المزمنة رغم أنه بلد نفطي رئيسي ضمن أبرز منتجي تحالف أوبك+.
وفي كل فصل صيف ومع ارتفاع درجات الحرارة في الكويت واستخدام السكان لأجهزة التكييف بشكل مكثف يثقل كاهل الشبكة المحلية تندفع وزارة الكهرباء إلى قطع التيار عدة مرات لتخفيف الأحمال.
وقال مصدر في وزارة الكهرباء لرويترز إن نشاط العملات المشفرة سبب “أساسي” لأزمة الكهرباء، “لكنه ليس كل العوامل.”
وتعدين العملات المشفرة، مثل البيتكوين والإيثريوم، يتطلب أجهزة متخصصة تستهلك كميات ضخمة من الطاقة الحاسوبية والكهربائية لإجراء عمليات حسابية معقدة تهدف إلى التحقق من المعاملات وإضافة كتل جديدة إلى سلسلة الكتل (البلوك تشين).
وذكرت وزارة الكهرباء في بيان السبت إن استهلاك الكهرباء انخفض بنسبة 55 في المئة في منطقة الوفرة السكنية التي شملتها الحملة، مؤكدة استمرارها في جميع المناطق “للقضاء على هذه الأنشطة غير المشروعة.”
وكانت الوزارة قد أشارت إلى أنها رصدت نحو 100 منزل في منطقة الوفرة السكنية تستهلك معدلات مرتفعة للغاية تصل إلى عشرين مثلا للاستهلاك العادي، ما يشير إلى وجود عمليات تعدين العملات المشفرة.
وقال سعود الزيد، وهو عضو مجلس إدارة تنفيذي سابق في هيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الكويتية، لرويترز الاثنين إن “تعدين العملات المشفرة لا يحتاج عددا كبيرا من الأفراد، وقد يدير فرد واحد أو اثنين مقرا متكاملا لهذا النشاط.”
وأوضح أن عمليات التعدين في ظل غياب القوانين تعتبر إساءة لاستخدام الدعم الحكومي ويجب محاسبة من يقوم بها. وتابع، “هم يعلمون بوجود الدعم الحكومي ولمسوا غياب الرقابة ولمسوا عدم وجود قوانين فاستغلوا هذا الوضع لصالحهم.”
وبدأت السلطات الخميس الماضي حملة أمنية وصفت “بالواسعة” على المنازل التي تستخدم في ممارسة أنشطة تعدين العملات المشفرة، مؤكدة أن هذا النشاط “مخالف للقوانين.”
وحصلت وزارة الداخلية على الإذن القانوني لشن الحملة. وقالت في بيان على منصة إكس أن هذه الأنشطة “تمثل استغلالا غير مشروع للكهرباء وقد يتسبب في انقطاعات تؤثر على المناطق السكنية والتجارية والخدمية مما يشكل تهديدا مباشرا للسلامة العامة.”
ولا تسمح الكويت بتداول العملات المشفرة ولا توجد لديها قوانين تنظم تعدينها، ويحذر بنكها المركزي دائما من الاستثمار فيها بسبب مخاطرها وعدم خضوعها لرقابته أو لأي جهة رسمية أخرى.
ورسوم استهلاك الكهرباء والماء متدنية للغاية للمواطنين، ولم تتم زيادتها منذ عقود، وفي الوقت ذاته تشكو وزارة الكهرباء من “الهدر غير المبرر” في الاستهلاك وتناشد السكان ترشيده.
السلطات حملة أمنية وصفت "بالواسعة" على المنازل التي تستخدم في ممارسة أنشطة تعدين العملات المشفرة
وقالت وزارة الداخلية إن عملياتها تستهدف “الأنشطة المخالفة للقوانين واللوائح وحماية الشبكة من الاستخدامات غير المشروعة.” وذكرت أن الحملة أسفرت عن ضبط عدد من المنازل المخالفة ومصادرة معدات وأجهزة متطورة مخصصة لتعدين العملات المشفرة.
ويعاني البلد من أزمة حادة في إنتاج الكهرباء بسبب تزايد عدد السكان والتوسع العمراني وارتفاع درجات الحرارة وتأخر صيانة بعض المحطات، ولجأت منذ عامين لسياسة قطع التيار عن بعض المناطق لتخفيف الأحمال.
وسجل حمل الكهرباء في الكويت، التي تحتل المركز السادس بقائمة أكثر الدول استهلاكا للطاقة عالميا، مستوى قياسيا جديدا أغسطس 2023، بلغ 17.6 غيغاواط، الأمر الذي أدى إلى انقطاع التيار في عدة مناطق.
وقطعت وزارة الكهرباء هذا الشهر التيار عن بعض المناطق الصناعية والزراعية نتيحة ارتفاع الأحمال وأعمال الصيانة لبعض وحدات التوليد، قبل أن تعلن في وقت لاحق عودته لجميع المناطق.
وشملت السلطات مساجد البلاد بإجراءاتها الهادفة إلى الاقتصاد في استهلاك الكهرباء استعدادا لفصل الصيف الذي تحوّل قدومه إلى عنوان لأزمة تتفاقم في أشهر الصيف.
وفي 2024 لجأت الكويت إلى شبكة الربط الخليجي لتأمين 500 ميغاواط إضافية لتغطية تنامي الطلب المحلي من المستهلكين، والذي يتزايد كل عام بشكل كبير.
وتصل قدرة الكهرباء المركبة للبلد إلى 20 غيغاواط، وتأتي 99 في المئة منها من المحطات العاملة بالنفط والغاز، بالإضافة إلى أن 70 ميغاواط فقط من الطاقة المتجددة قادمة من مجمع الشقايا للطاقة الشمسية.
وتتوقع وكالة الطاقة نمو إجمالي الطلب بمعدل 2.5 في المئة سنويا بحلول 2026، مع هيمنة لمصادر الوقود الأحفوري على مزيج توليد الكهرباء بنسبة 40 في المئة للنفط و60 في المئة للغاز.
وتطمح الكويت إلى وصول نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 15 في المئة بحلول 2030، أي ما يعادل 14 غيغاواط.