إيران تخطط لعرقلة نزع سلاح حزب الله بافتعال التصعيد في لبنان

بيروت - أثارت تصريحات السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني الرافضة لنزع سلاح حزب الله شكوكا لدى أوساط سياسية لبنانية مختلفة بأن طهران قد تتحرك لإرباك الوضع في لبنان بافتعال شكل من أشكال التصعيد بهدف عرقلة خطط نزع سلاح الحزب في ضوء جدية المسؤولين اللبنانيين في تنفيذ القرار 1701 بشكل دقيق.
واعتبرت الأوساط السياسية اللبنانية أن وصف السفير نزع سلاح الحزب بالمؤامرة قد يكون حمل إشارة إلى الحزب أو إلى أذرع أخرى للاستعداد للتحرك لإفشال مهمة القوات اللبنانية في السيطرة على السلاح.
ويعتقد الإيرانيون أن السلطات اللبنانية لا تنفذ أجندة خارجية إسرائيلية وأميركية مدعومة إقليمية لتنفيذ ما جاء في القرار 1701، ولكن هناك رغبة داخلية في تنفيذ ذلك وإصرارهم على التنفيذ يظهر وجود نية مسبقة لنزع سلاح الحزب، في وقت كان فيه الإيرانيون لسنوات يعتقدون أن طيفا لبنانيا واسعا يؤمن بسلاح الحزب ويدعم المقاومة وأنه لن يتخلى عن الحزب مهما كانت الظروف. لكن هزيمة الحزب في الحرب كشفت حقيقة الدعم الشعبي وأن الحلفاء كانوا مضطرين لفعل ذلك خشية الاستهداف.
ويرجّح مراقبون أن توجّه إيران ما تبقى من قيادات الحزب لتجنب الصدام بأيّ شكل مع إسرائيل، وأن يكون الاستهداف محصورا فقط ضد الجهات التي تتمسك بنزع سلاح الحزب، مع تجنب الاحتكاك بالجهات الرسمية خاصة الرئيس جوزيف عون لمنزلته داخليا وخارجيا وتحويل الحملة إلى قيادات الصف الثاني خاصة في الجيش والقوات الأمنية.
وكشف الرئيس عون في مقابلة صحفية، الأسبوع الماضي، أنه يسعى إلى أن يكون 2025 “عاما لحصر السلاح بيد الدولة،” موضحا أن أفراد حزب الله يمكنهم الالتحاق بالجيش اللبناني و”الخضوع لدورات استيعاب في لبنان.”
◙ إيران يرجح أن توجّه ما تبقى من قيادات الحزب لتجنب الصدام مع إسرائيل وأن يكون الاستهداف محصورا فقط ضد الجهات التي تتمسك بنزع سلاح الحزب
ويؤكد وضع توقيت واضح لاكتمال عملية نزع السلاح، لإيران، أن الأمر جدي وأن الرد يجب أن يكون سريعا لتخويف المسؤولين المتحمسين لتنفيذ الخطة، وفي نفس الوقت تأكيد الحزب أن هزيمته في الحرب مع إسرائيل لا تعني ضعفه وقبوله بسيطرة أطراف لبنانية حتى لو كان ذلك تحت مظلة الجيش أو الرئيس عون.
وتحرص إيران على أن تجعل قضية نزع السلاح استهدافا للحزب من الجهات الرسمية اللبنانية، ليس فقط لأن هذه الجهات تنفذ القرار وتتحمس له، ولكن لتوجيه رسالة إلى إسرائيل بأنها غير معنية بالتوترات التي قد تحدث. ويساعد تحييد إسرائيل الحزب على الرد سياسيا وتوجيه تهديدات جدية لخصومه وبشكل معلن.
وقد يدفع الحزب، ومن ورائه إيران، إلى تحريك جبهة أنصار المقاومة للبدء باحتجاجات بهدف الضغط على الرئيس عون والحكومة والجيش لإبطاء مسار استهداف الحزب. ومن المتوقع أن يحرك الحزب أنصاره للتظاهر بشكل شبيه باحتجاجات طريق المطار حين رفضت السلطات استقبال طائرة إيرانية، واتسم التحرك وقتها بالعنف والحدة، لكن استمرار القصف الإسرائيلي دفع الحزب إلى وقفه.
ولا يستبعد أن تطلب إيران من مجموعات فلسطينية تنفيذ تفجيرات محدودة ضمن عمليات تحذيرية تحت مظلة الدفاع عن الوجود الفلسطيني مستفيدة من تمسك الحكومة اللبنانية بسحب السلاح الفلسطيني الموجود داخل المخيمات وخاصة بالتشدد على أنشطة حركتي حماس والجهاد المواليتين لإيران، واللتين يمكن تحريكهما بسهولة.
ومن ضمن الخطط الإيرانية الهادفة إلى إرباك عمل المؤسسات السعي لتوريط الجيش اللبناني في صدام مع دمشق عبر عمليات تفضي إلى مقتل جنود وضرب مقار أمنية سورية في المناطق الحدودية ما يصرف النظر عن نزع سلاح الحزب ولو بشكل مؤقت، خاصة إذا حصلت مواجهات وتضرر الجيش واكتشف اللبنانيون محدودية قدراته قياسا بقدرات الحزب.
وأعلن الجيش اللبناني، الجمعة، تنفيذه “تدابير أمنية استثنائية” عند الحدود اللبنانية – السورية، إثر تجدد الاشتباكات في المنطقة، الخميس، نتيجة إطلاق نار من الجهة اللبنانية باتجاه سوريا. وشهدت سوريا ولبنان توترا أمنيا سابقا على حدودهما منتصف مارس الماضي، على خلفية اتهام وزارة الدفاع السورية حزب الله باختطاف وقتل 3 من عناصرها.
◙ حزب الله سيعمل على إفشال التطبيع اللبناني مع دمشق ضمن سياق محاصرته وقطع الطريق على وصول الأسلحة الإيرانية إليه
وبالتوازي مع العمل الأمني الميداني، أجرت قيادة الجيش اللبناني “اتصالات مكثفة مع السلطات السورية، ما أفضى إلى احتواء التصعيد” فيما تستمر الوحدات العسكرية في اتخاذ التدابير اللازمة لضبط الوضع.
ويعتقد مراقبون أن الحزب سيعمل على إفشال التطبيع اللبناني مع دمشق ضمن سياق محاصرته وقطع الطريق على وصول الأسلحة الإيرانية إليه، وذلك بتحريك المجموعات العشائرية الحليفة له ودعمها للاستمرار في مناكفة القوات السورية والاستمرار في التهريب، ما يدفع إلى رد سوري أقوى قد يصل إلى حد دخول الأراضي اللبنانية ما يمهد لمواجهة مع القوات اللبنانية.
والجمعة، قال الجيش اللبناني، في بيان، اطلعت عليه الأناضول إن وحداته المتواجدة في المنطقة الحدودية مع سوريا “اتخذت تدابير أمنية استثنائية على طول الحدود، بهدف تحديد مصدر إطلاق النار داخل الأراضي اللبنانية.”
وأوضح أنه “بتاريخ 24 أبريل 2025، حدث تبادل لإطلاق النار في منطقة الهرمل عند الحدود اللبنانية – السورية، بعد إطلاق نيران من الجانب اللبناني باتجاه الأراضي السورية.” وأضاف الجيش اللبناني أن إطلاق النار وقع نتيجة “خلافات حول أعمال تهريب.” وأشار إلى أن الجانب السوري رد على مصدر النيران، ما أدى إلى سقوط جرحى من الجانبين.
وفي السياق ذاته، كشف الجيش اللبناني عن تنفيذه عمليات دهم بالتزامن مع عمليات رصد وتتبع من قبل مديرية المخابرات على خلفية الواقعة. ونوه في بيانه إلى أن تلك العمليات الأمنية، أسفرت عن إيقاف المواطن (أ.أ) باعتباره المشتبه بتورطه في إطلاق النار، إضافة إلى انتمائه إلى مجموعة مسلحة تنشط في أعمال التهريب، لم يسمّها.