تونس تكثف جهود توعية الأسر بضرورة التوقي من المخدرات

تونس ـ كثفت تونس من جهود توعية الأسر بضرورة التوقّي من المخدّرات، نظرا لتداعياتها الخطيرة على الأفراد والمجتمع، وذلك بعد أن بينت دراسة حكومية أن ثلث فتيات تونس مدمنات على مختلف أنواع المخدرات، وأن هذه النسبة ترتفع لدى الطالبات بالمعاهد الثانوية وبالجامعات لتبلغ 40 في المئة مقابل 60 في المئة لدى الذكور.
وشرعت اللجنة الوطنية التشاركية للوقاية من المخاطر والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر، في بثّ ومضات يقدمها عدد من المؤثرين والمشاهير في ميادين الرياضة والإعلام والفن، لنشر الوعي بضرورة التوقّي من آفة المخدّرات في أوساط الأسرة والمجتمع.
وقال المندوب العام لحماية الطفولة المنصف بن عبدالله “إن نشر هذه الومضات على وسائط التواصل الاجتماعي الخاصة بوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، بما في ذلك قناتها على يوتوب وفيسبوك وإنستغرام وإكس وموقعها الرسمي، يأتي في إطار تنفيذ خطّة اتصالية للتوعية من مخاطر المخدّرات.”
70
في المئة نسبة الإدمان على المخدرات في تونس بعد الثورة، فيما لوحظ أن 30 في المئة من الفتيات في تونس يدمنّ المخدرات
وبيّن في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن إعداد هذه المبادرة يأتي في إطار تطبيق قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيّد بتكثيف الجهود الوطنية للوقاية من الظواهر والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر وفي مقدّمتها آفة المخدّرات، مفيدا بأن اللجنة الوطنية التشاركية للوقاية من المخاطر والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر بدأت في تنفيذ المخطّط الاتصالي للتوعية بهذه المخاطر خلال اجتماعات عقدت منذ مدّة بمقر وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن.
وتضم هذه اللجنة في عضويتها ممثلين عن وزارات العدل والصحة والداخلية، والتربية، والشؤون الثقافية والتربية والتعليم العالي والشؤون الدينية، والتكوين المهني والشؤون الاجتماعية والشباب والرياضة، وفق ما أفاد به المتحدّث، مشيرا إلى أن اللجنة أقرت التركيز على الجانب التوعوي من خلال رفع وعي الأسر التونسية بمخاطر المخدّرات وتحصين المجتمع من تداعياتها.
واعتبر أن أهمية المبادرة الوطنية للوقاية من مخاطر المخدّرات تكمن في كسر حاجز الصمت حول آفة المخدّرات التي ظلّت لزمن غير بعيد من الظواهر المسكوت عنها، مبيّنا أن كل القطاعات ستكون مشمولة بتطبيق محاور هذه المبادرة، وذلك بالنظر إلى أن التوعية تتركّز على نشر الوعي في الفضاء العام. ويتعلّق الأمر بإقامة أنشطة توعوية في المؤسسات التربوية والجامعية والقاعات والملاعب الرياضية وفي مؤسسات الطفولة.
وأعلن المندوب العام لحماية الطفولة أن المركز الوطني للإعلامية الموجّهة للطفل سينظّم مسابقة لاختيار أفضل إنتاج سمعي بصري يشارك فيه الأطفال حول التوقي من المخدّرات.
كما ستنظم وزارة الأسرة مسابقة بالتعاون مع البريد التونسي لاختيار أفضل رسم طابع بريدي حول التصدّي لمخاطر المخدّرات على أن يقع إصداره في العام الحالي ليتم تداوله بمكاتب البريد.
وأشار المندوب العام لحماية الطفولة إلى أن مبادرة التوقي من المخدّرات انطلقت بالتركيز على الإجراءات الوقائية التي تشهد انخراط العديد من الوزارات والهياكل الحكومية على أن تلي هذه المرحلة خطوات تستهدف علاج الإدمان على المخدّرات.
وجاء في دراسة حكومية حديثة أن نسبة الإدمان على المخدرات في تونس قد ارتفعت إلى 70 في المئة بعد الثورة، فيما لوحظ أن 30 في المئة من الفتيات في تونس يدمنّ المخدرات. كما أن 60 في المئة من المدمنين هم من الفئة العمرية المتراوحة بين 13 و18 عاما.
60
في المئة نسبة المتعاطين للمخدرات بمختلف أنواعها لدى المراهقين والشباب بين الفئة العمرية 13 و18 سنة
وأظهرت الدراسة الميدانية التي أصدرتها وحدة علوم الإجرام بمركز الدراسات القضائية الحكومي أن 30 في المئة من فتيات تونس مدمنات على مختلف أنواع المخدرات وأن هذه النسبة ترتفع لدى الطالبات بالمعاهد الثانوية وبالجامعات لتبلغ 40 في المئة مقابل 60 في المئة لدى الذكور.
وأكدت الدراسة أن “نسبة المتعاطين للمخدرات بمختلف أنواعها لدى المراهقين والشباب تبلغ 60 في المئة بين الفئة العمرية 13 و18 سنة، بينما تقل نسبة التعاطي تدريجيا بين الفئات الأكبر سنّا حيث تعد 36.2 في المئة بين 18 و25 سنة”.
ولاحظت الدراسة أن مادة الحشيش والتي تسمى في تونس “الزطلة” هي “أكثر المواد المخدرة استهلاكا بنسبة 92 في المئة تليها المواد المستنشقة بنسبة 23.3 في المئة يليها الكوكايين بنسبة 16.7 في المئة والهروين بنسبة 16 في المئة”.
وأرجع الأخصائيون في العلوم الاجتماعية انتشار المخدرات لدى الفتيات إلى حالة التفكك الاجتماعي والإحباط واهتزاز الشخصية الناجمة عن التغيرات الاجتماعية الكبرى التي يشهدها المجتمع التونسي.
وترتفع نسبة المدمنات من الفتيات في الأحياء الشعبية لتصل إلى 60 في المئة من مجموع المدمنات بينما تنخفض إلى حدود 20 في المئة لدى الفئات الميسورة، وهو ما يؤكد أن الفقر والشعور بالحرمان يمثلان أرضا خصبة لانتشار ظاهرة المخدرات حتى إنها طالت 12 في المئة لدى أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.
وتختلف المخدرات المستهلكة حسب الوضع الاجتماعي حيث تنتشر مادة “الزطلة” في الأحياء الشعبية مثل حي التضامن الذي يعد أكثر من 500 ألف ساكن وتبلغ نسب الفقر فيه مستويات مرتفعة بالإضافة إلى البطالة.
أما في الأحياء الراقية فينتشر استهلاك الكوكايين والهيروين مثل حي النصر الواقع شمال تونس العاصمة الذي تقطنه الفئات الميسورة، وهو ما يؤشر على أن استهلاك المخدرات يختلف بحسب صنفه والمقدرة الشرائية. وحسب دراسة أجرتها الجمعية التونسية لعلوم الإجرام، فإن المخدرات والمسكرات تمثل 70 في المئة من أسباب جرائم الذبح.