البنك الدولي يمول قطاع الكهرباء المتهالك في لبنان

مليار دولار ستقرضها المؤسسة الدولية للحكومة لدعم الإصلاح مع فترة سداد تصل إلى خمسة عقود.
الجمعة 2025/04/25
متى تنهون مشكلة الإمدادات

يترقب لبنان الحصول على تمويل من البنك الدولي بهدف إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على البلاد، بما في ذلك ترميم خراب قطاع الكهرباء المتداعي، وذلك من صندوق أطلقته المؤسسة الدولية المانحة لمساعدة البلد في محنته المالية القاسية.

بيروت - وقّعت الحكومة اللبنانية اتفاق قرض بقيمة 250 مليون دولار مع البنك مخصص لتحديث قطاع الكهرباء المتهالك الذي كبّد الدولة ديونا بالمليارات من الدولارات على مدى عقود، بحسب ما أعلنت وزارة المالية الأربعاء.

وأتى التوقيع على هامش مشاركة وزير المالية ياسين جابر في اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين، في وقت يأمل لبنان الذي يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ عام 2019 في الحصول على دعم المؤسسات الدولية لخطوات إصلاحية وعملية الإعمار.

وكان البنك الدولي قد أعلن في وقت سابق عزمه على تقديم هذا المبلغ كقرض، لكن جابر أكد حصول بلده على موافقة مبدئية “لرفع قيمة القرض من 250 مليون دولار إلى 400 مليون دولار.”

وأفادت وزارة المالية في بيان بأن جابر والمدير الإقليمي في البنك الدولي جان – كريستوف كاريه وقّعا “قرضا بقيمة 250 مليون دولار مخصصا لمعالجة موضوع الكهرباء في لبنان”.

ويعتبر البنك أن إصلاح قطاع الكهرباء يشكل أولوية قصوى، إذ إن خسائر شركة كهرباء لبنان المملوكة للدولة، تتراوح بين 300 و400 مليون دولار سنويا.

ياسين جابر: 250 مليون دولار مفيدة جدا في دفع إصلاح القطاع
ياسين جابر: 250 مليون دولار مفيدة جدا في دفع إصلاح القطاع

وقطاع الكهرباء من القطاعات المتداعية منذ عقود، وقد كبّد الدولة ديونا تقدر بأكثر من 40 مليار دولار في حقبة ما بعد الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.

ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد حلّ جذري بسبب الفساد وتهالك البنى التحتية والأزمات السياسية المتتالية. واشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات ملحة في قطاعات حيوية عدة للحصول على دعم مالي.

ويعد انقطاع التيار الكهربائي إحدى المشكلات الأساسية. وكان حجم الإنتاج يتراوح بين 1600 وألفي ميغاواط يوميا، لكن شح الوقود في السنوات الماضية خفّض الإنتاج إلى مستويات متدنية غير مسبوقة.

ويعتمد الكثير من السكان في البلاد، التي شهدت انهيار عملتها منذ اندلاع الأزمة قبل خمس سنوات على المولدات الخاصة أو يكافحون لساعات طويلة في اليوم، تصل إلى 12 ساعة، من دون كهرباء.

وتفاقمت أزمة شح الكهرباء بالتزامن مع ارتفاع أسعار المشتقات وانهيار أسعار صرف الليرة إلى مستويات قياسية، في وقت كانت ترفض فيه شركات الطاقة تزويد البلاد بالوقود في بعض الأحيان، قبل حصولها على قيمة الشحنات.

وتوجد في لبنان 7 محطات لتوليد الكهرباء بالوقود، من بينها خمس متوقفة، فيما تقوم محطتان فقط بتوفير ساعتين من التيار نهارا ومثلهما ليلا وسط تقنين لمدة 18 ساعة يوميا وفي ظل غياب بنية تحتية للطاقة حديثة.

وكان 2004، أحد أكثر الأعوام إنتاجا للطاقة الكهربائية في البلاد، بحجم تغطية يبلغ 22 ساعة يوميا، بحسب بيانات لمؤسسة كهرباء لبنان.

وقد أثّر الطلب على الطاقة والكهرباء بشدة على الاقتصاد اللبناني العليل، حيث يشكل استيراد الوقود ما يقرب من ربع عجز الميزانية، في حين أن الطلب على الكهرباء يفوق قدرات الإنتاج المحلي.

أبرز المشاريع التي سيتم تمويلها

  • إنشاء مركز تحكم وطني جديد
  • تحسين نظام المحاسبة والفوترة والتحصيل لمؤسسة الكهرباء
  • تطوير مزارع طاقة شمسية قابلة للتوسع

واستيراد الوقود اللازم لتوليد الكهرباء أحد أبرز مشاكل مصرف لبنان المركزي الباحث عن الاحتفاظ بالنقد الأجنبي، في ظل تراجع حاد في احتياطياته من العملة الصعبة منذ تعمق الأزمة الاقتصادية والنقدية عام 2019.

ونقل البيان عن جابر قوله “نحن على يقين بأن هذا القرض سيكون مفيدا جدا في دفع ودعم الإصلاحات التي نقوم بها للكهرباء في لبنان.”

وتابع “اليوم نخطو خطوات حقيقية نحو إحداث تغيير كبير في طريقة إدارة القطاع”، معتبرا أن هذا القرض “سيسهم فعليا في تمكيننا من المضي قدما في مسار الإصلاح”.

وأوضحت الوزارة في بيانها أن القرض يشمل “تمويل إنشاء مركز تحكم وطني جديد، تحسين نظام المحاسبة والفوترة والتحصيل في مؤسسة كهرباء لبنان، وتطوير مزارع طاقة شمسية قابلة للتوسع”.

وكان البنك الدولي أعلن في أكتوبر الماضي موافقته على القرض “لتعزيز الطاقة المتجددة في لبنان من خلال استعادة خدمات شبكة الكهرباء ودعم مواصلة تنفيذ الإصلاحات”.

واعتبر أن قطاع الكهرباء لطالما كان “في صميم التحديات الاقتصادية والمالية التي يواجهها لبنان حيث أدّت الأزمات المتتالية على مدى السنوات الماضية إلى تدهور كبير في الجدوى التشغيلية والمالية للقطاع”.

والقرض المخصص لقطاع الكهرباء هو جزء من حزمة مساعدات تناهز قيمتها المليار دولار، يأمل لبنان في الحصول عليها من البنك الدولي، بحسب وزير المالية.

400

مليون دولار حجم الحد الأقصى للخسائر السنوية للقطاع، بحسب تقديرات البنك الدولي

وقال جابر إنّ “قيمة القروض الميسرة مع فترة سداد تصل إلى خمسة عقود موزعة إلى 250 مليون دولار ستخصص لمعالجة قطاع الكهرباء و256 مليون دولار للمياه و200 مليون للزراعة و200 مليون للشأن الاجتماعي.”

وتولي وزارة الطاقة والمياه أهمية كبيرة لتطوير سوق الطاقة الشمسية في لبنان، حيث وصل إجمالي ما أنجز حتى اليوم إلى نحو 1500 ميغاواط، ما يشكل 20 في المئة من احتياجات البلاد من الطاقة.

وتطمح السلطات عبر خطة للطاقة المتجددة للأعوام 2024 – 2030 للوصول إلى إنتاج نسبة 55 في المئة من احتياجات الطاقة من خلال الطاقة الشمسية. لكن لا يزال البلد عالقا في متاهة التمويل وتعقيدات جذب المستثمرين بسبب الوضع القاتم الذي تمر به البلاد.

كما أنه لا يملك مشاريع كبرى في مجال الطاقة المتجددة، وهو يعتمد بأكثر من 95 في المئة من الطاقة المولدة على المصادر التقليدية القائمة على الوقود والغاز الطبيعي.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة قد أجرت دراسة قبل أربع سنوات بهدف ترشيد الاستهلاك ووضع السياسات التنظيمية والمالية والتحديات المتعلقة بالقدرات للتغلب على العوائق في متابعة خطط التحول نحو إنتاج الكهرباء من المصادر المستدامة.

وخلصت الدراسة التي تعاونت وزارة الطاقة اللبنانية والمركز اللبناني للطاقة في إعدادها إلى أن لبنان يمكن أن يحصل من حيث الكلفة على 30 في المئة من إمدادات الكهرباء من الطاقة البديلة بحلول 2030. لكن القيام بذلك يتطلب سرعة في التنفيذ.

11