البرلمان اللبناني يدرس حظر تحويلات مالية للنازحين السوريين لتخفيف الأعباء

النائب آلان عون يرى أن الهدف ليس قطع المساعدات عن السوريين بل تحويلها لسوريا لتشجيع عودتهم وتحقيق استقرارهم في وطنهم بدل الخيام.
الخميس 2025/04/24
لبنان تحت وطأة النزوح السوري

بيروت - تقدم نواب لبنانيون بمقترح قانون عاجل يرمي إلى "حظر تحويل أموال للنازحين السوريين من الخارج إلى لبنان"، في خطوة تصعيدية تعكس الضغط الاقتصادي والاجتماعي المتزايد الناتج عن استضافة أعداد هائلة من النازحين السوريين.

ويهدف هذا الإجراء، الذي من المقرر مناقشته في الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني اليوم الخميس، بحسب وسائل إعلام لبنانية، إلى "تخفيف عبء النزوح السوري" الذي يرزح تحته لبنان منذ عام 2011.

ويأتي هذا المقترح، الذي تقدم به أربعة نواب بارزين، غالبيتهم ينتمون إلى "التيار الوطني الحر" الذي أسسه الرئيس اللبناني السابق ميشال عون، في سياق تصاعد الأصوات المطالبة بإيجاد حلول جذرية لأزمة النزوح التي باتت تهدد التركيبة الديموغرافية والاقتصادية الهشة في لبنان.

ويستند مقدمو الاقتراح إلى قناعتهم بأن جزءًا كبيرًا من النزوح السوري إلى لبنان لم يعد مرتبطًا بالضرورة بالخطر المباشر، بل تحول إلى "نزوح اقتصادي" يستهدف الاستفادة من المساعدات الدولية المقدمة للنازحين في لبنان.

وفي هذا السياق، يرى النائب آلان عون، وهو أحد مقدمي المشروع، أن الهدف من اقتراح القانون ليس قطع المساعدات عن السوريين الموجودين في لبنان، بل توجيه هذه المساعدات إلى داخل سوريا، مما يخلق حافزا للنازحين للعودة إلى بلادهم والمساهمة في إعادة إعمارها.

واعتبر عون أن "مصلحة النازحين السوريين تكمن في بلادهم وبيوتهم بدل أن يبقوا في الخيم، خصوصا إذا تأمنت لهم التقديمات المالية والاجتماعية، بما يعني استمرار دعم مقوماتهم على العيش مطمئنين في أرضهم وبيوتهم وليس في مراكز اللجوء التي تفتقر إلى أدنى المقومات الإنسانية".

وهذا التصور يتقاطع مع رؤية أخرى عبر عنها النائب بلال عبدالله من كتلة "اللقاء الديمقراطي"، الذي اعتبر أن الاقتراح "يشكل وسيلة قانونية تشجع على إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، ويحفّز المنظمات الدولية على تقديم هذه المساعدات لهم في بلادهم بدلا من لبنان".

وفي محاولة لتبديد أي مخاوف بشأن دوافع عنصرية محتملة وراء هذا الاقتراح، نفى النائب عبدالله بشدة وجود أي خلفية عنصرية للمشروع، مؤكدًا أن "اللقاء الديمقراطي كان من أوائل من واجهوا التحركات العنصرية ضد السوريين". ومع ذلك، شدد على أن "ملف النزوح وصل إلى نقطة حرجة تتطلب حلولًا تخفف الأعباء الهائلة التي فاقت قدرة لبنان على التحمل".

من جهته، ذهب النائب قاسم هاشم من كتلة "التحرير والتنمية" إلى أبعد من ذلك، متهما المنظمات الدولية بممارسة "ضغوط كبيرة" على لبنان لإبقاء النازحين السوريين في البلاد، وذلك عبر تقديم "إغراءات" مالية واجتماعية وطبية تشجعهم على البقاء بدلا من العودة.

ويرى هاشم أن مشروع القانون يهدف إلى تشجيع المجتمع الدولي على نقل خدماته ودعمه إلى داخل سوريا والمساهمة في تنمية البلاد.

وتأتي هذه التحركات البرلمانية في ظل إعلانات رسمية من الحكومة اللبنانية تفيد بأن استضافة النازحين السوريين تكلف البلاد ما يقارب 3 مليارات دولار سنويًا.

وتشير الإحصاءات إلى وجود ما يزيد على 1.5 مليون سوري في لبنان، وهو رقم يوازي ثلث عدد السكان اللبنانيين، وقد نزح غالبيتهم منذ بداية الأزمة السورية في مارس 2011.

وينتظر المتابعون للشأن اللبناني كيف ستسير مناقشات البرلمان اللبناني حول هذا الاقتراح المثير للجدل، وما إذا كان سيحظى بالأغلبية اللازمة لتمريره ليصبح قانونا نافذا.

ويرجح أن مثل هذا القانون، إذا تم تطبيقه، سيثير ردود فعل متباينة على المستويات المحلية والدولية، فبينما يرى البعض فيه خطوة ضرورية لتخفيف الأعباء عن لبنان وتشجيع عودة النازحين، قد يعتبره آخرون إجراء قاسيا وغير إنساني قد يزيد من معاناة النازحين ويؤثر سلبا على جهود الإغاثة الإنسانية.

ويعكس هذا المقترح الجديد حالة اليأس المتزايدة في لبنان إزاء أزمة النزوح السوري التي طال أمدها واستنزفت موارد البلاد. وبينما تتصاعد المطالبات بإيجاد حلول جذرية، يبقى التحدي الأكبر هو التوفيق بين ضرورة تخفيف الضغط على لبنان والحفاظ على المبادئ الإنسانية وكرامة النازحين السوريين.