السعودية توسع التعاون مع المغرب بإقرار اتفاقيات حول الأمن الجنائي

الاتفاقيات الثلاثة تتضمن المساعدة المتبادلة في المسائل الجنائية، وتسليم المطلوبين، ونقل المحكوم عليهم بين البلدين.
الخميس 2025/04/24
شراكة قضائية متينة

جدة (السعودية) - وافق مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، خلال اجتماع عقد في جدة، على ثلاث اتفاقيات مع المغرب لتعزيز التعاون في المجال الجنائي، تشمل المساعدة المتبادلة في المسائل الجنائية وتسليم المطلوبين ونقل المحكوم عليهم بين البلدين، في خطوة تعكس عمق العلاقات التاريخية والشراكة القوية بين الرياض والرباط.

وكان البلدان قد وقعا في 13 نوفمبر 2024، في العاصمة السعودية الرياض، بحضور وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي ووزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف على ثلاث اتفاقيات لتعزيز التعاون في المجال الجنائي بشكل شامل ومتكامل.

وتتضمن الاتفاقيات الثلاث جوانب حيوية في التعاون القضائي والأمني، وهي: المساعدة المتبادلة في المسائل الجنائية، وتسليم المطلوبين، ونقل المحكوم عليهم بين البلدين.

وهذه الاتفاقيات ليست مجرد بروتوكولات تعاون روتينية، بل تمثل إطارا قانونيا متينا ومنظما يهدف إلى تذليل العقبات أمام الجهات القضائية والأمنية في البلدين لتبادل المعلومات وتقديم العون اللازم في التحقيقات والإجراءات القانونية المتعلقة بالجرائم المختلفة.

وتأتي هذه الخطوة في سياق إقليمي ودولي يشهد تصاعدا في وتيرة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، مما يستدعي تضافر الجهود بين الدول لمواجهة هذه التحديات الأمنية والقضائية المشتركة.

والسعودية والمغرب، بصفتهما دولتين محوريتين في العالم العربي والإسلامي، توليان أهمية قصوى لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتدركان أن التعاون القضائي الفعال هو أحد الركائز الأساسية لتحقيق هذه الغاية.

وتهدف اتفاقية المساعدة المتبادلة في المسائل الجنائية إلى تسهيل تبادل الأدلة والمعلومات وتقديم المساعدة القانونية والقضائية في التحقيقات والإجراءات الجنائية التي تجري في أي من البلدين، ويشمل ذلك على سبيل المثال لا الحصر، سماع الشهود، وتفتيش الأماكن، وضبط الأدوات والمتحصلات من الجرائم، وتقديم المستندات والسجلات ذات الصلة. وتساهم هذه المساعدة المتبادلة بشكل كبير في كشف الحقائق وتقديم الجناة للعدالة بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو مكان وجود المتهم.

وتعتبر اتفاقية تسليم المطلوبين أداة حاسمة في مكافحة الإفلات من العقاب، فهي تحدد الإجراءات القانونية والضوابط اللازمة لتسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة في أحد البلدين والذين فروا أو لجأوا إلى البلد الآخر. ويضمن هذا الإطار القانوني عدم تمكن المجرمين من استغلال الحدود بين الدول للإفلات من المساءلة القانونية، ويعزز مبدأ سيادة القانون.

أما اتفاقية نقل المحكوم عليهم فهي تهدف إلى توفير إمكانية نقل الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية في أحد البلدين لقضاء مدة العقوبة في بلدهم الأصلي أو بلد إقامتهم.

وهذا الإجراء يراعي الاعتبارات الإنسانية والاجتماعية، ويسهل عملية إعادة تأهيل المحكوم عليهم واندماجهم في مجتمعاتهم بعد قضاء العقوبة، كما أنه يخفف العبء على المؤسسات العقابية في البلد الذي صدر فيه الحكم.

وأكد وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي على الأهمية القصوى لهذه الاتفاقيات في سياق تعزيز التعاون القانوني والقضائي بين البلدين الشقيقين، مشيرا إلى أنها تمثل خطوة نوعية في ترسيخ الشراكة التاريخية والاستراتيجية التي تربط بينهما.

وأوضح أن هذه الاتفاقيات سيكون لها دور فعال في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، وتطوير آليات التعاون القضائي المشترك لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.

ومن جانبه، أكد وزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف على التزام المملكة العربية السعودية بتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في مختلف المجالات، وعلى رأسها مكافحة الجريمة العابرة للحدود بكافة أشكالها وصورها. وأشار إلى أن هذه الاتفاقيات تجسد حرص قيادتي البلدين على توفير بيئة آمنة ومستقرة لشعبيهما وللمنطقة بأسرها.

وتمثل موافقة مجلس الوزراء السعودي على هذه الاتفاقيات الثلاث مع المملكة المغربية إنجازا هاما يعكس الإرادة السياسية المشتركة لتعزيز التعاون القضائي والأمني بين البلدين.

ومن المتوقع أن تساهم هذه الاتفاقيات بشكل فعال في مكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، وتقليص فرص الإفلات من العقاب، وتوفير آليات أكثر فعالية لتحقيق العدالة والأمن والاستقرار في المنطقة، وتعزز هذه الخطوة مكانة الدولتين كشريكين استراتيجيين ملتزمين بتعزيز الأمن الإقليمي والدولي.