واشنطن تفتح الباب لبرنامج نووي مدني إيراني بشرط عدم التخصيب الذاتي

وزير الخارجية الأميركي يؤكد أن العمل العسكري ضد طهران سيؤدي إلى نزاع أوسع بكثير ولن يكون من النوع الذي اعتاد الناس مشاهدته على التلفاز.
الخميس 2025/04/24
روبيو: لدينا خيارات عدة لكننا لا نريد أن نصل إلى العمل العسكري

واشنطن - قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن إيران ستضطر إلى وقف تخصيب اليورانيوم بموجب أي اتفاق مع الولايات المتحدة ولن تتمكن من استيراد سوى ما تحتاجه لبرنامج نووي مدني.

لكن إيران توضح بالفعل أن حقها في تخصيب اليورانيوم غير قابل للتفاوض، وقال مسؤول إيراني كبير مقرب من فريق التفاوض الإيراني مجددا الأربعاء "عدم التخصيب إطلاقا أمر غير مقبول"، وذلك ردا على سؤال عن تعليقات روبيو التي أدلى بها قبل محادثات بين طهران وواشنطن السبت.

وتسعى الولايات المتحدة إلى منع إيران من تطوير قنبلة نووية، وفرض الرئيس دونالد ترامب حملة "أقصى الضغوط" وهدد باستخدام القوة العسكرية إذا لم تضع إيران نهاية لبرنامجها النووي.

وتنفي إيران أنها تسعى لتطوير سلاح نووي، مؤكدة أن برنامجها النووي سلمي، ومع ذلك، حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران تُسرع وتيرة تخصيب اليورانيوم "بشكل كبير" إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهي نسبة قريبة من درجة 90 بالمئة تقريبا اللازمة لصنع أسلحة.

وفي مقابلة مع البث الصوتي على الإنترنت (بودكاست) بعنوان "بصراحة مع باري فايس"، أوضح روبيو أن "هناك سبيل لبرنامج نووي مدني وسلمي إذا أرادوا ذلك".

وأضاف "ولكن إذا أصروا على التخصيب، فسيكونون الدولة الوحيدة في العالم التي لا تملك برنامجا للأسلحة... ولكنها تقوم بالتخصيب. وعليه أعتقد أن هذا مثير للمشكلات".

وأكد المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف الأسبوع الماضي أن إيران لا تحتاج إلى تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تزيد عن 3.67 بالمئة وهي التصريحات التي أثارت تساؤلات عما إذا كانت واشنطن لا تزال تريد من طهران تفكيك برنامجها للتخصيب.

وقال ويتكوف بعد ذلك بيوم واحد إن إيران يجب أن "توقف تخصيب اليورانيوم وتنهيه تماما".

وأوضح روبيو لاحقا كان يتحدث في البداية عن "مستوى المواد المخصبة التي سيسمح لهم باستيرادها من الخارج، مثلما تفعل العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم لبرامجها النووية المدنية السلمية".

وأضاف "إذا كانت إيران تريد برنامجا نوويا مدنيا فيمكنها أن تملكه مثل العديد من الدول الأخرى في العالم، وذلك باستيراد المواد المخصبة".

ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت واشنطن قادرة على إنهاء برنامج إيران النووي من خلال ضربة عسكرية أم أنه في عمق الأرض بشكل لا يضمن تدميره، قال روبيو "الولايات المتحدة لديها خيارات، لكننا لا نريد أبداً أن نصل إلى تلك النقطة. نحن فعلاً لا نريد ذلك".

وسيجتمع مسؤولون أميركيون وإيرانيون في عُمان، السبت، في جولة ثالثة من المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.

واتفقت إيران والولايات المتحدة، السبت الماضي، على البدء في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، والانتقال إلى المرحلة التالية ببدء اجتماعات على مستوى الخبراء، الأربعاء، في عُمان، قبل أن يتم تأجيلها إلى السبت.

بشأن رأيه في تحذيرات المذيع الأميركي تاكر كارلسون من مخاطر توجيه ضربة للمواقع النووية الإيرانية، قال روبيو "أي عمل عسكري في هذه المرحلة في الشرق الأوسط، سواء ضد إيران من جانبنا أو من جانب أي طرف آخر، قد يؤدي بالفعل إلى نزاع أوسع بكثير، ولن يكون من النوع الذي اعتاد الناس مشاهدته على شاشات التلفاز، أي سقوط طائرات مسيّرة وردّ بسقوط مئة مقاتل، وما إلى ذلك".

وتابع "الأمر سيكون أكثر تعقيدا. أعتقد أنه علينا أن ندرك – ومن المهم أن نكون صادقين حيال ذلك – أن إيران أنفقت، نتيجة لتخفيف العقوبات في عهد أوباما (الرئيس الأميركي باراك)، مليارات الدولارات على تطوير قدرات عسكرية نراها تُستخدم الآن، على سبيل المثال، في أوكرانيا، مثل الطائرات المسيّرة وغيرها. هل تستطيع الولايات المتحدة هزيمة ذلك والتعامل معه؟ بالتأكيد نستطيع. لكن من المهم أن نفهم أن الأمر بات أكثر تعقيداً مما كان عليه قبل 10 سنوات أو حتى 5 سنوات. ولهذا السبب نأمل في تجنب هذا المسار.

ورأى وزير الخارجية الأميركي أن "أي صراع مسلح في المنطقة سيكون أكثر فوضوية بكثير مما اعتاد الناس رؤيته. ولهذا السبب، فإن الرئيس ملتزم جداً بالتوصل إلى حل سلمي، ومنع حدوث صراع مسلح. على الرغم من أنه يحتفظ بكامل الحق في منع إيران من الحصول على سلاح نووي، إلا أنه يدعم السلام. وقد قال ذلك مرارا. ولهذا أيضا نرغب في إنهاء الحرب في أوكرانيا، إذا كان ذلك ممكناً".

وقال وزير الخارجية الأميركي، "لسنا في مرحلة الآن نطلق فيها تهديدات أو ما شابه"، معتبراً أن "هذا (الرئيس الأميركي دونالد ترامب) ليس رئيسا خاض حملته على أساس شن الحروب أو الصراعات المسلحة".

وأوضح "لهذا السبب ركزنا على أوكرانيا، ولهذا نجري هذه المحادثات مع الإيرانيين. ما زلنا بعيدين جداً عن أي نوع من الاتفاق مع إيران. نحن ندرك أنه أمر صعب ومعقد. وغالبا، وللأسف، السلام كذلك. لكننا ملتزمون بتحقيق نتيجة سلمية تكون مقبولة للجميع. قد لا يكون ذلك ممكنا، نحن لا نعرف".

وتابع "أنا حتى لا أعلم إن كانت إيران تعرف كيف تبرم اتفاقاً. لديهم ديناميكيات سياسية داخلية خاصة بهم يجب أن يتعاملوا معها. لكننا نودّ التوصل إلى حل سلمي لهذا الوضع، لا اللجوء إلى أي خيار آخر، ولا حتى التكهن بذلك في هذه المرحلة".

وكانت إيران قد توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في عام 2015، وافقت بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية، لكن ترامب انسحب من الاتفاق في عام 2018 خلال ولايته الأولى.

وبعد انسحاب ترامب في عام 2018 وإعادة فرض العقوبات، انتهكت إيران تلك القيود، وتجاوزتها بكثير في إطار تطوير برنامجها النووي.