حماس تخشى من استجابة الغزيين لخطط "التهجير الناعم"

الحكومة التابعة لحركة حماس في غزة تحذر الفلسطينيين من شائعات إسرائيلية تدفعهم نحو الهجرة من القطاع.
الخميس 2025/04/24
الحرب استنزفته

غزة - شهدت الساحة الفلسطينية ضجة واسعة في اليومين الأخيرين، على خلفية ما يتردد عن استجابة عدد مهم من سكان غزة لإغراءات إسرائيل بالهجرة الطوعية، الأمر الذي بات مثار قلق كبير من حركة حماس.

وبرزت أنباء عن مشروع يجري العمل عليه حاليا لهجرة الآلاف من الفلسطينيين من غزة عبر معابر إسرائيلية وأن تسهيلات تقدم لهم من قبل أطراف “سرية”، للتوجه نحو دول عربية وإسلامية وأوروبية. يأتي هذا فيما كثف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية داخل القطاع المدمر، وسط اعتقاد سائد بأن الهدف من ذلك إجبار الغزيين على المغادرة.

وحذرت الحكومة التابعة لحركة حماس في غزة الأربعاء الفلسطينيين من شائعات تدفعهم نحو الهجرة من قطاع غزة عبر مطار رامون الإسرائيلي، معتبرةً أنها “جزء من حملة خبيثة يقودها الاحتلال لزعزعة صمود شعبنا وضرب وعيه الوطني.”

وقال “المكتب الإعلامي الحكومي” في قطاع غزة في بيان “نتابع ما تم تداوله مؤخراً عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي من منشورات ومعلومات مُضللة تتعلق بترتيبات مزعومة للهجرة الجماعية من قطاع غزة، حيث يتولى ذلك شخصيات جدلية بالتعاون مع جهات خارجية، وتروج لسفر العائلات الفلسطينية عبر مطار رامون إلى دول مختلفة حول العالم.”

وأضاف المكتب “نؤكد بشكل قاطع أن هذه المعلومات عارية تماما عن الصحة، وهي جزء من حملة خبيثة وممنهجة تهدف إلى زعزعة صمود شعبنا الفلسطيني، والنيل من وعيه الوطني، ودفعه نحو الهجرة القسرية تحت ضغط المعاناة والحرب.” وأردف المكتب أن “من يقف خلف هذه المنشورات بالدرجة الأولى الاحتلال الإسرائيلي، وتروج لها حسابات وهمية أو حسابات مغرضة أو حسابات تعرضت للتضليل أو أشخاص لا يمتلكون معلومات صحيحة.”

◙ تخوف لدى حماس من نجاح الإغراءات  الإسرائيلية في تهجير الفلسطينيين خصوصا وأن السكان لم تعد لديهم طاقة لتحمل عبء الحرب

وتابع أن هؤلاء “يستخدمون وثائق مزيفة ونماذج توكيل قانوني لا قيمة لها، ويروجون لوهم الاحتلال، بما يطلق عليه الهجرة الآمنة التي يتكفل الاحتلال بتمويلها، في محاولة لتجميل الوجه القبيح لمخططات التهجير الجماعي، التي فشل الاحتلال في فرضها بالقوة، ويسعى اليوم لتمريرها بأساليب ناعمة مكشوفة.”

وحذر المكتب من “خطورة الانجرار خلف هذه الدعاية المسمومة التي تخدم هدفا إستراتيجيا صهيونيا واضحا يحلم به الاحتلال منذ عقود طويلة، يتمثل في تفريغ الأرض من سكانها الفلسطينيين الأصليين، وتحقيق حلم إسرائيل.”

كما حذر من “تداول أرقام هواتف ومعلومات مشبوهة تُنشر ضمن هذه الحملات،” ودعا “المواطنين للحذر الشديد واليقظة التامة، فبعض هذه الأرقام تُستخدم كأدوات تجنيد وتواصل أمني، بهدف إسقاط الشباب الفلسطيني بعد فشل الاحتلال الإسرائيلي في اختراق النسيج الوطني المقاوم.”

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب اقترح في بداية تسلمه لمهامه في البيت الأبيض في يناير الماضي تهجير سكان غزة كحل مستدام لإنهاء معضلة غزة، في عرض تداعت الدول العربية والأوروبية إلى شجبه، في المقابل سارعت إسرائيل إلى الترحيب به.

ولم تكتف حكومة بنيامين نتنياهو بتأييد الفكرة، بل مضت قدما في تفعيلها عبر التواصل مع عدد من الدول لاستقبال الغزيين. وذكرت وسائل إعلام عبرية وفلسطينية أنه في الأيام الأخيرة وصلت رسائل إلى مواطنين في غزة، تشجعهم على الهجرة.

وقالت تقارير عبرية إن بعض هذه المبادرات تُنفذ عبر وسطاء مثل محامين، يتواصلون مع المواطنين في غزة ويعرضون عليهم خدمات تتعلق بإعداد وثائق وأوراق رسمية لتسهيل خروجهم. كما يجري استقطاب آخرين من خلال دعوات صادرة عن مؤسسات دولية في أوروبا للمشاركة في مشاريع تعليمية أو ثقافية، من بينها برامج علمية وموسيقية، بهدف تسهيل هجرتهم.

وقالت حكومة حماس إن “الهجرة من الوطن في ظل الاحتلال ليست خيارا آمنا، بل هي فخ مغلف بالوعود الكاذبة، تقود إلى الاستدراج والاعتقال والتحقيق أو الإعدام والقتل المباشر، خصوصا عند التنقل عبر المناطق الحساسة أو خارج الأطر القانونية والرسمية.”

◙ حماس تتحمل جزءا كبيرا مما يجري حاليا، نتيجة رفضها تقديم أي تنازلات تنهي معاناة القطاع

ولفتت الحكومة إلى أن “الحالات القليلة التي غادرت قطاع غزة مؤخرا، معلومة تماما، وهي من فئة المرضى والجرحى الذين أتمّوا إجراءات السفر لتلقي العلاج في الخارج عبر معبر كرم أبوسالم، وليسوا مُهاجرين، وما يُشاع خلاف ذلك هو كذب متعمد وتحريف للوقائع.”

وحثت على “إبلاغ جهات الاختصاص بشكل فوري عن أي جهة مشبوهة تحاول استغلال حاجة الناس أو الإيحاء بقدرتها على ترتيب هجرة قانونية.” وأكدت “حكومة غزة” على أنه “لا تهاون مع كل من يثبت تورطه في ترويج هذه الأكاذيب والشائعات، أو التواصل مع جهات معادية لشعبنا الفلسطيني، حفاظاً على أمن المجتمع وسلامة نسيجه الوطني.”

ويرى متابعون أن هناك تخوفا حقيقيا لدى حماس من نجاح الإغراءات الإسرائيلية في تهجير الآلاف من الفلسطينيين، خصوصا وأن السكان لم تعد لديهم طاقة لتحمل عبء الحرب المستمرة عليهم منذ أكتوبر 2023، نتيجة المغامرة غير المحسوبة للحركة. ويشير المتابعون إلى أن حماس تتحمل جزءا كبيرا مما يجري حاليا، نتيجة رفضها تقديم أي تنازلات تنهي معاناة القطاع.

يذكر أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، صادق الشهر الماضي على مقترح قدّمه وزير الدفاع يسرائيل كاتس، يقضي بإنشاء “إدارة خاصة” للإشراف على ما وصفته إسرائيل بـ”الانتقال الطوعي” لسكان قطاع غزة إلى دول ثالثة.

وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن هذه الإدارة ستتولى تنظيم إجراءات مغادرة الفلسطينيين “الراغبين في ذلك”. وأكد كاتس أن خطته تنسجم مع رؤية الرئيس الأميركي، معتبرًا أنها ستوفر لسكان غزة فرصة السفر إلى دول أخرى ضمن ترتيبات “آمنة ومنظمة”.

وبحسب بيان الوزارة ستعمل الإدارة الجديدة ضمن “إطار قانوني” محلي ودولي، وستكون تحت إشراف مباشر من وزير الدفاع، مع إمكانية التنسيق مع منظمات دولية وجهات أخرى وفق توجيهات الحكومة الإسرائيلية. كما ستتولى الإدارة تطوير البنية التحتية اللازمة، بما في ذلك إنشاء معابر ومراكز تفتيش مخصصة للمغادرين، إلى جانب توفير وسائل نقل جوية وبحرية وبرية إلى الدول المستهدفة.

2