الوسط الإعلامي التونسي ينتظر "هايكا" بثوب جديد

أهل القطاع يجمعون على أهمية وجود هيئة تعديلية مستقلة للإعلام تضمن حرية الصحافة دون فوضى وتكافح الأخبار الزائفة وتحمي حقوق الصحافيين.
الأربعاء 2025/04/23
هيئة تعديل ورقابة

تونس - يأمل الوسط الإعلامي التونسي أن يحمل مقترح قانون يتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري وبتنظيم هيئة الاتصال السمعي البصري (هايكا) وضبط اختصاصاتها، انفراجة في مجال إصلاح الإعلام وتطوير القطاع، بعد أن أحال مكتب مجلس نواب الشعب المقترحَ إلى لجنة التشريع العام، مع إبداء لجنة الحقوق والحريات رأيها في هذا المقترح الذي كان قد تقدم به 16 نائبا.

ويجمع أهل القطاع على أهمية وجود هيئة تعديلية مستقلة للإعلام تضمن حرية الصحافة دون فوضى وتكافح الأخبار الزائفة وتحمي حقوق الصحافيين، وتنظم المشهد الإعلامي بشكل يحقق التوازن بين الحرية والمسؤولية.

ويتكون مقترح القانون الأساسي المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري وبتنظيم هيئة الاتصال وضبط اختصاصاتها، من 99 فصلا موزعة على 5 أبواب، وهي وفق وثيقة شرح الأسباب باب أول مخصص للمبادئ العامة، وباب ثان يتعلق بتنظيم هيئة الاتصال السمعي البصري وسيرها، في حين خصص الباب الثالث لقطاع الإعلام السمعي البصري، ويهتم الباب الرابع بالمخالفات والعقوبات، ويعنى الباب الخامس والأخير بالأحكام الختامية والانتقالية.

وجاء في وثيقة شرح الأسباب المرفقة بنص المقترح أن المبادرة تندرج ضمن “مسار تعديل قطاع الاتصال السمعي البصري” و”السهر على ضمان نزاهة الإعلام وتعدديته وذلك في إطار دعم النظام الديمقراطي.”

مشروع القانون تمت صياغته في إطار "مقاربة تشاركية ومنفتحة" على الأطراف المتدخلة وهياكل عمومية ومهنية

وأكد أصحاب المبادرة التشريعية أنه تمت صياغة مشروع القانون في إطار “مقاربة تشاركية ومنفتحة” على جميع الأطراف المتدخلة وذات العلاقة من هياكل عمومية ومهنية وخبراء ومختصين ومن مكونات المجتمع المدني، بهدف الوصول الى “صيغة توافقية”.

وكان النائب ثابت العابد (الكتلة الوطنية المستقلة)، وهو من ضمن أصحاب المبادرة، أفاد مؤخرا بأنه تم إيداع مقترح القانون نظرا للأهمية التي تكتسيها حريّة الاتصال السمعي البصري في تدعيم مقومات الانتقال الديمقراطي، والارتباط الوثيق بين مهام الهيئة (هيئة الاتصال السمعي البصري) من جهة، وممارسة هذه الحرية الدستورية من جهة أخرى.

وأكّد العابد في تصريحات سابقة لبرنامج “ميدي شو” على إذاعة موزاييك المحلية أن مقترح القانون الذي تقدم به نواب في البرلمان يندرج في إطار تعديل قطاع الاتصال السمعي البصري، الذي عرف تحولات انتقالية منذ عام 2011، من إعلام حكومي إلى عمومي ثم عاش حالة فوضى وتداخل بين السياسي والإعلامي والمنابر تحولت إلى خدمة سياسيين دون التداول في الشأن العام بشكل حيادي وبلغ الأمر ذروته في 2014 حين تحول الإعلام إلى حلبة للصراع، ما تسبب في حالة عزوف عن متابعة السياسة والإعلام.

وتابع العابد “ثم ظهرت أجناس جديدة للإعلام على غرار الإشهار وبرامج الدردشة خاصة في الإذاعات وغاب التداول في الشأن العام والإعلام أدار ظهره للسياسة،” وشدّد على أنّ المؤسسات الرسمية للدولة هاجرت من وسائل الإعلام إلى مواقع التواصل الاجتماعي رغم أنها منصات خطيرة تقسم المتعاملين معها إلى مجموعات ليفقد معها الصحافي دوره كوسيط ووكيل للجمهور، مستدركا “المعلومة في فيسبوك أصبحت أسرع من وسائل الإعلام لكن هذا لا يلغي دورها باعتبارها تصنع الرأي العام بشكل محايد وحرّ.”

متابعون يؤكدون وجود فوضى إعلامية تستدعي وجود هيئة تعديلية مستقلة تضمن توازن القطاع وتؤدي إلى بيئة إعلامية أكثر مهنية ومسؤولية

ويؤكد متابعون وجود فوضى إعلامية تستدعي وجود هيئة تعديلية مستقلة تضمن توازن القطاع وتؤدي إلى بيئة إعلامية أكثر مهنية ومسؤولية. ففي ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وظهور إعلام بديل غير منظم، بات من الصعب التمييز بين الأخبار الصحيحة والمضللة، وهو الفخ الذي وقعت فيه بعض وسائل الإعلام، بينما يمكن لهيئة تعديلية أن تضع معايير واضحة للتحقق من صحة الأخبار ومعاقبة الجهات التي تروج للتضليل.

ومنذ العام الماضي سُحبت من الهيئة سلطة تسليط العقوبات على المخالفين للقانون بعد تجميد مجلسها، في المقابل لم يكن من العسير على أي متابع للمضامين التي تبثها القنوات التلفزيونية ملاحظة كثافة المساحات الإشهارية التي تتخلل خاصة المسلسلات الرمضانية هذا العام.

وتم إنشاء هايكا في الثالث من مايو 2013 بمقتضى المرسوم رقم 116 بتاريخ 2 نوفمبر 2011، المتعلّق بحريّة الاتّصال السّمعي البصري وبإحداث الهيئة. وهي مؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية.

وتقوم الهيئة بتنظيم قطاع الإعلام السمعي البصري وتعديله، وضمان تعدده وتنوعه وتوازنه واستقلاليّة وسائله، وتسهر على ضمان حرية التعبير في إطار احترام الضوابط القانونية. كما تسهر على دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. ولم يجتمع مجلسها منذ مطلع سنة 2024.

واعتبر العابد أنّ الهيئة من أهم الإنجازات في 2011 والتي جاء بها المرسومان 115 و116 وكان دورها تعديليا، مشيرا إلى أنها “اليوم أصبحت جسدا دون رأس نتائجها موجودة وإدارتها تشتغل وهناك موظفون ومركز رصد وإمكانيات ولكن بعد الانتخابات وعدم الاتفاق مع هيئة الانتخابات تم تجميدها… لكن لا يمكن التغافل عن أنّ المشهد الإعلامي محتاج إلى هيئة تعديلية.”

وبيّن أنّ مقترح القانون يتنزل ضمن تعديل القطاع الاتصال السمعي البصري وتركيز هيئة للخروج من حالة الفوضى، قائلا “نأمل أن يستعجل مكتب مجلس نواب الشعب النظر في مقترح القانون وألا يكون مآله كمآل مقترح تعديل المرسوم 54 لأن المشهد الإعلامي يحتاج إلى هيئة تعديلية وهايكا رغم كلّ ما يعاب عليها لكن دورها أفضل بكثير من تجميدها لأن ذلك جعل المشهد الإعلامي في حالة فوضى غير مسبوقة.”

5