السودان يصد بقوة مقترح توطين سكان غزة على أراضيه

السفير السوداني لدى روسيا يؤكد التزام بلاده بقرارات الأمم المتحدة لحل الدولتين وعاصمتها القدس الشرقية، ورفضها القاطع لتهجير الفلسطينيين.
الثلاثاء 2025/04/22
التطبيع لا يعني التخلي عن حقوق الفلسطينيين

الخرطوم - أعلنت الخرطوم اليوم الثلاثاء عن رفضها القاطع لأي خطة تهدف إلى نقل لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي السودانية، وذلك ردا على تقارير إعلامية كشفت عن اتصالات بين واشنطن وتل أبيب وعدد من الدول الأفريقية، من بينها السودان، لمناقشة مستقبل سكان غزة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر 2023.

ويأتي هذا الرفض السوداني القوي في وقت حساس يشهد فيه السودان حربا داخلية مدمرة وتوجهات نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ونفى السفير السوداني لدى روسيا، محمد سراج، بشكل قاطع علمه بوجود أي مفاوضات بين الخرطوم والولايات المتحدة أو إسرائيل بشأن استقبال لاجئين فلسطينيين من غزة.

وأكد في تصريحات لوكالة "نوفوستي" الروسية أن السودان "ليس لديه أي معلومات عن مفاوضات مع الولايات المتحدة أو إسرائيل حول موضوع نقل سكان غزة"، مشدداً على أن بلاده "تعارض بشدة أي شكل من أشكال تهجير الفلسطينيين".

وأوضح السفير التزام السودان "بشكل ثابت بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بما في ذلك قرار إنشاء دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية".

تأتي تصريحات السفير السوداني رداً على تقارير نشرتها وكالة "أسوشيتد برس" وقناة "سي بي إس" الأميركية في مارس الماضي، والتي أفادت بأن الولايات المتحدة وإسرائيل أجرتا اتصالات مع السودان والصومال و"أرض الصومال" غير المعترف بها دوليا، لبحث إمكانية نقل أعداد من سكان غزة إلى أراضي هذه الدول.

وقد ورد في التقارير أن هذه الاتصالات تأتي في سياق تصور أميركي لإعادة إعمار القطاع وتحويله إلى ما وصفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بـ"ريفييرا الشرق الأوسط".

وبحسب "أسوشيتد برس"، أكد مسؤولون سودانيون رفضهم التام لهذه المقترحات، معتبرين إياها "انتهاكا للحقوق الفلسطينية ومحاولة لتصفية القضية عبر ترحيل السكان الأصليين من أرضهم".

ويعكس الموقف السوداني الرافض حساسية القضية الفلسطينية في المنطقة العربية، وتزايد المخاوف من مشاريع تهجير جماعي قد تغير التركيبة الديمغرافية في غزة.

وتواجه الدول العربية ضغوطا دولية وإقليمية متزايدة للتعامل مع تداعيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مما يجعل أي اقتراح يتعلق بتوطين اللاجئين الفلسطينيين قضية بالغة الحساسية.

وعلى الرغم من الخطوات التي خطاها السودان نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، أكدت مصادر رسمية أن قضية توطين الفلسطينيين ظلت خارج هذا المسار.

وقد استقبل رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، وزير الخارجية الإسرائيلي السابق إيلي كوهين في الخرطوم في فبراير 2023، في زيارة اعتبرت حينها تقدما في مسار التطبيع الذي بدأ في عهد إدارة ترامب.

لكن مراقبين سودانيين شددوا على أن التطبيع مع إسرائيل "لا يعني بأي حال التخلي عن ثوابت السودان تجاه القضية الفلسطينية، أو القبول بأي مشاريع توطين أو تهجير بديل للفلسطينيين"، مؤكدين أن الرأي العام السوداني يرفض بشدة أي خطوة من هذا النوع.

ويؤكد الموقف السوداني المعلن التزام البلاد بقرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، خاصة ما يتعلق بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ورفض أي مساس بوحدة الأراضي الفلسطينية أو محاولات تفريغ القطاع من سكانه الأصليين. وقد عبّرت الخرطوم في مناسبات عديدة عن دعمها لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ويرى محللون أن الموقف السوداني الأخير يأتي في إطار مساعي الحكومة السودانية للحفاظ على التوازن في علاقاتها الخارجية، خاصة في ظل انخراطها في مفاوضات متقدمة مع واشنطن وشركاء إقليميين حول ملفات سياسية واقتصادية، في وقت حساس تمر به البلاد.

وفي ضوء هذه التطورات، تبقى الخرطوم متمسكة بسياسة خارجية تؤكد دعمها للقضية الفلسطينية، ورفضها لأي مشاريع تُفضي إلى تهجير أو إعادة توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم، مهما كانت الضغوط الدولية.

وليست هذه المرة الأولى التي تثار فيها تقارير حول محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم. ففي الماضي، طرحت مشاريع مختلفة لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول عربية أخرى، لكنها قوبلت برفض واسع من قبل الفلسطينيين والدول العربية التي أكدت على حق العودة للاجئين وضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

وتزيد الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة من المخاوف من مخططات تهدف إلى تغيير ديمغرافية القطاع، وهو ما تعتبره الدول العربية والفلسطينيون بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية وانتهاكا لحقوق الشعب الفلسطيني.