تركيا تخطط لاتفاقيات نفطية واسعة في ليبيا والعراق ودول أخرى

أنقرة تسعى إلى زيادة إنتاجها من النفط والغاز في الداخل والخارج، وتعزيز دورها كمركز إقليمي لتلبية الطلب في الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط.
الاثنين 2025/04/21
طموحات أنقرة النفطية تتوسع

أنقرة - تستعد تركيا لتوقيع سلسلة من الاتفاقيات الطموحة لاستكشاف النفط والغاز في مناطق واعدة تشمل ليبيا والعراق، بالإضافة إلى دول أخرى في محيطها الإقليمي مثل بلغاريا وأذربيجان وتركمانستان، وفقا لتصريحات وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار.

ففي تصريحات أدلى بها للصحافيين في مقاطعة غيرسون التركية، كشف بيرقدار عن قرب إعلان أنقرة لاتفاقية مع ليبيا، التي أطلقت مؤخرا أول مناقصة للتنقيب منذ أكثر من 17 عاما في مارس الماضي، مؤكدا اهتمام تركيا باستكشاف حقول الهيدروكربون الغنية في الأراضي العراقية أيضا، وذلك بحسب وكالة بلومبرغ.

وتأتي هذه التحركات في سياق جهود تركيا، التي تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط والغاز لتلبية احتياجاتها المتزايدة، لزيادة إنتاجها من مصادر محلية ودولية في السنوات الأخيرة.

وتطمح أنقرة إلى الاستفادة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي لتتحول إلى مركز إقليمي للغاز يلبي الطلب المتنامي في الاتحاد الأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط.

وفي هذا الإطار، تجري تركيا محادثات مع بلغاريا لاستكشاف خيارات زيادة سعة نقل الغاز عبر حدودهما المشتركة بهدف تعزيز تدفقاته إلى القارة الأوروبية.

وبدأ التقارب التركي الليبي في قطاع النفط يأخذ منحى جديا منذ عام 2022، عندما وقعت أنقرة وحكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الليبية.

وقد جاءت هذه الخطوة امتدادا لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية المثيرة للجدل التي وقعت في نوفمبر 2019، ضمن مساعٍ تركية استهدفت توسيع أعمال استكشافها في البحر المتوسط والتي أثارت حفيظة بعض الدول مثل مصر واليونان وقبرص، التي اعتبرتها تعديا على مناطقها الاقتصادية الخالصة.

إلا أن التحولات الإقليمية الأخيرة، وعلى رأسها التقارب المصري التركي وتبادل الزيارات رفيعة المستوى بعد سنوات من التوتر، ساهمت في خفض حدة الصراع. بل انخرط الطرفان في مساعٍ مشتركة لتهدئة الأوضاع بين الحكومتين المتنازعتين في شرق وغرب ليبيا بهدف التوصل إلى اتفاق ينهي حالة الإغلاق التي تعيق تصدير النفط من الحقول الليبية.

وفي خطوة لافتة، استضافت مدينة إسطنبول التركية الخميس الماضي المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، في إطار حملة تهدف إلى جذب المستثمرين إلى قطاع النفط الليبي، وذلك بعد فعاليات مماثلة أقيمت في لندن وهيوستن.

أما فيما يتعلق بالعراق، فتواجه العلاقات النفطية بين البلدين تحديات مستمرة منذ توقف صادرات النفط عبر خط أنابيب كركوك–جيهان في مارس 2023، وذلك عقب صدور قرار تحكيم دولي ألزم تركيا بدفع تعويضات للعراق بسبب تصدير النفط من إقليم كردستان دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد.

ولا تزال المفاوضات جارية بين الجانبين لإعادة تشغيل خط الأنابيب الحيوي، وقد أشار مسؤولون عراقيون مرارا إلى قرب استئناف تدفقات النفط من الإقليم، إلا أن مسائل مالية وقانونية لا تزال تعرقل هذه الخطوة.

وفي سياق متصل، أعلنت شركة نفط الوسط العراقية مطلع العام الجاري عن اكتشاف كبير لاحتياطيات نفطية في حقل شرق بغداد، بالتعاون مع شركة "EBS" الصينية، مما قد يضيف أكثر من ملياري برميل إلى الاحتياطيات النفطية العراقية.

وبالإضافة إلى ليبيا والعراق، كشف الوزير التركي عن خطط لتوسيع نطاق استكشاف الطاقة ليشمل مناطق أخرى، مشيرا إلى أن شركة النفط التركية الحكومية ستوقع اتفاقية مع شركة أجنبية لم يتم تحديدها للتنقيب عن الطاقة في المياه البلغارية في البحر الأسود خلال الشهر المقبل.

 وتأتي هذه الخطوة لتضاف إلى الصفقات التي وقعتها تركيا في أواخر العام الماضي مع وحدة تابعة لشركة شل للتنقيب عن النفط والغاز في البحر الأسود.

وقد بدأت شركة النفط التركية بالفعل إنتاج الغاز من حقل يقع في الجزء التركي من البحر الأسود في عام 2023. كما تقوم حالياً بمسوحات استكشافية قبالة سواحل الصومال. ورغم عدم وجود ضمانات لاكتشاف كميات تجارية كبيرة من النفط والغاز في هذه المناطق الجديدة، إلا أن تركيا تواصل المضي قدما في خططها التوسعية، حيث وقعت اتفاقيات مماثلة مع باكستان والمجر خلال العام الماضي.

تعكس هذه التحركات الطموحة استراتيجية تركية واضحة لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الاستيراد، فضلاً عن سعيها لتعزيز دورها كمركز إقليمي للطاقة، وذلك في ظل التحديات الجيوسياسية المعقدة التي تكتنف المنطقة.