وزير خارجية تركيا في الجزائر للملمة أزمة صامتة بين البلدين

تسليح الأتراك لحكومات الساحل يخيّم على اتفاقية الصداقة والتعاون بين البلدين.
الاثنين 2025/04/21
تباين وجهات النظر

الجزائر- بدأ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارة إلى الجزائر الأحد، في مناخ يطبعه امتعاض جزائري من دور الأتراك في منطقة الساحل وتسليح الجيش المالي، خاصة بعد حادثة الطائرة المسيّرة بيرقدار التي أسقطها الجيش الجزائري على الحدود، والتصريح المثير الذي أدلى به سفير تركيا في باماكو إيفي جيلان، حول استعداد بلاده لمساعدة مالي في الدفاع عن سيادتها وحدودها، وهو ما يتضارب مع نوعية العلاقة التي تربط أنقرة مع الجزائر.

ويتصدر الوضع في منطقة الساحل، وتقييم العلاقات بين البلدين، أجندة زيارة فيدان إلى الجزائر، والتي يلتقي خلالها نظيره أحمد عطاف والرئيس عبدالمجيد تبون.

ويسود في الجزائر غضب صامت على ما سمّي بـ”انتهاك تركيا للثقة القائمة بين البلدين، وللمصالح والعلاقات الثنائية المتصاعدة في السنوات الأخيرة”، نتيجة عدم مراعاتها للدور الجزائري في المنطقة ولأمن وسلامة إقليمها الجوي، بتسليحها للجيش المالي.

التباين في الرؤى حول منطقة الساحل بات يهدد بإعادة النظر في أسس الشراكة بين تركيا والجزائر

ورغم الروابط التاريخية والتنسيق السياسي إلا أن هذا التباين في الرؤى حول منطقة الساحل بات يهدد بإعادة النظر في أسس الشراكة، وسط مخاوف من أن تتحول الاتفاقية إلى إطار شكلي بلا مضمون فعلي.

وتحولت تركيا إلى جانب روسيا إلى حليفين قويين للحكام العسكريين  في دول الساحل خلال السنوات الأخيرة، وهو ما أقلق الجزائر بسبب عدم مراعاة “حليفتيها” أنقرة وموسكو لمصالحها ودورها التقليدي في المنطقة، لاسيما وأن دول الساحل تبنت مواقف مناهضة للجزائر، ولم تتوان في تفجير حرب على فصائل المعارضة الأزوادية، على المسافة صفر مع حدودها الجنوبية، الأمر الذي شكل خطرا على أمنها الجوي والبري.

وكانت الخارجية الجزائرية قد كشفت في بيان لها علقت فيه على مواقف حكومات مالي والنيجر وبوركينا فاسو، القاضي بسحب سفرائها من الجزائر، عن أن وحداتها العسكرية قيدت اختراقا لمجالها الجوي من طرف طيران الجيش المالي في ثلاث مرات، وأن قوات الدفاع الجوي تعاملت في المرة الثالثة مع الهدف، بعد تأكدها من المناورة الهجومية داخل الشريط الحدودي لترابها.

وتشهد الجزائر أزمة غير مسبوقة مع دول الساحل بسبب ما تعتبره تلك الدول تدخلا في شأنها الداخلي ونزعة جزائرية للهيمنة على المنطقة.

وتجاهلت وسائل الإعلام التركية الرسمية أو المقربة من نظام رجب طيب أردوغان، تأثيرات الحادثة على علاقات البلدين، واكتفت بسرد الوجه الإيجابي للعلاقات الجزائرية – التركية منذ العام 2019، وإلى طموح قيادتي البلدين في النهوض بسقف المبادلات إلى مستوى العشرة مليارات دولار، وإبرام المزيد من صفقات التعاون الاقتصادي والتجاري.

وقالت إن فيدان سيترأس إلى جانب نظيره الجزائري الاجتماع الثالث لمجموعة التخطيط المشتركة بين البلدين وسيلتقي مع تبون، وسيفتتح القنصلية العامة لتركيا في مدينة وهران (450 كلم غربي العاصمة)، وهي ثاني مدينة في الجزائر.

وافتتح فيدان، الأحد، رسميا القنصلية العامة التركية في مدينة وهران غربي الجزائر بحفل رسمي.

وتتقاطع الجزائر مع تركيا في العديد من الملفات الإقليمية، فإلى جانب الوضع في الساحل الأفريقي، الذي صار فيه السلاح التركي مصدر قلق للأمن الإقليمي الجزائري، هناك تفاوت في الرؤى بين البلدين بشأن ليبيا وسوريا وقطاع غزة.

ورغم تبني الجزائر لضرورة خروج جميع الفواعل الأجنبية المسلحة من ليبيا، بغية السماح لليبيين ببلورة حل ليبي – ليبي للأزمة، فإن الجزائر وأنقرة تلتقيان في دعم حكومة عبدالحميد الدبيبة، التي لا تحظى بالإجماع الداخلي والإقليمي. وفيما تتطابق وجهتا نظرهما في الموقف تجاه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتعدد المبادرات لإنهاء الصراع، واحتفاظهما بعلاقات متقاربة مع حركة حماس، فإنّ تباينا واضحا بينهما يسجل في الملف السوري، فالأتراك دعموا المعارضة المسلحة منذ العام 2011، ضد نظام بشار الأسد، بينما وقفت الجزائر إلى جانبه، وتقف أنقرة كصانع للنظام السياسي الجديد في دمشق، في حين مازالت علاقة الجزائر بالرئيس السوري أحمد الشرع فاترة.

ويرتبط البلدان بمعاهدة صداقة وتعاون أبرمت في العام 2006، وسجل الرئيسان أردوغان وتبون تبادلا لأربع زيارات منذ العام 2019، وينتظر إضافة زيارة خامسة بحسب ما ورد في بيان الرئاسة الجزائرية نهاية شهر مارس الماضي، لما تحدث عن “مكالمة هاتفية بين الرئيسين وبرمجة لقاء بينهما”، لكنه لم يحدد موعده وقد يتعطل بسبب التطورات المسجلة منذ حادثة الطائرة المسيرة المالية.

1