تونس تواجه معضلة ردم فجوة اتساع عجز الطاقة

الطلب الإجمالي على الطاقة بلغ 1.5 مليون طن مكافئ نفط، إلى نهاية شهر فبراير، مسجلا ارتفاعا بنسبة 5 في المئة على أساس سنوي.
الاثنين 2025/04/21
الوضع غير مطمئن

تونس - تعكس أحدث المؤشرات بشأن عجز تونس عن تغطية الطلب المتزايد على الطاقة، تنامي القلق من استفحال هذه المشكلة إن لم تجد السلطات حلا جذريا لها في أسرع وقت رغم جهود الحكومة لردم جزء من الفجوة عبر مشاريع الطاقة المتجددة.

ووفق ما كشفت عنه النشرية الشهرية لوضع القطاع الصادرة عن المرصد الوطني للطاقة لشهر فبراير 2025، ارتفع عجز ميزان الطاقة الأولية بنسبة 14 في المئة، بمقارنة سنوية ليصل إلى مستوى 0.9 مليون طن مكافئ نفط.

وتقلّصت نسبة استقلالية الطاقة، أي تغطية الموارد المتاحة للطلب الجملي، لتستقر في حدود 37 في المئة في أول شهرين من هذا العام مقابل 42 في المئة قبل عام، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء التونسية الرسمية.

وانخفضت الموارد المحلية من الطاقة والمتمثلة في الإنتاج والإتاوة من الغاز الجزائري، حتى فبراير بنسبة 7 في المئة لتبلغ 0.6 مليون طن مكافئ نفط.

14

في المئة نسبة ارتفاع العجز في أول شهرين من 2025 بمقارنة سنوية، وفق المرصد الوطني للطاقة

ويرجع ذلك، بالأساس، إلى انخفاض الإنتاج المحلي من النفط والغاز الطبيعي، وفق المرصد التابع لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة.

وأفادت النشرية بأن الطلب الإجمالي على الطاقة بلغ 1.5 مليون طن مكافئ نفط، إلى نهاية شهر فبراير، مسجلا بذلك ارتفاعا بنسبة 5 في المئة على أساس سنوي إذ شهد الطلب على المواد البترولية ارتفاعا بواقع 4 في المئة، في حين زاد الطلب على الغاز بنسبة 6 في المئة.

وتعد تونس من بين البلدان التي تعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة باعتبارها لا تنتج النفط والغاز بما يسد الطلب المحلي، وهي تشتري شحنات من مصادر مختلفة، وقد كثفت في الأشهر الأخيرة مشترياتها من الوقود من روسيا.

ويواجه قطاع النفط والغاز في تونس تحديات مهمة منذ سنوات، من بينها تذبذب سعر النفط في السوق العالمية وتداعيات جائحة كوفيد – 19 والحرب الروسية – الأوكرانية والتحركات الاجتماعية والتراجع الطبيعي للإنتاج في أغلب الحقول.

وفي الوقت الحالي يتم الاعتماد على الغاز في أكثر من 96 في المئة من توليد الكهرباء عبر المحطات المنتشرة في أنحاء البلاد، و85 في المئة من العرض مع احتساب الواردات القياسية في عام 2023 التي تبلغ 2.5 تيراواط/ساعة من الجزائر.

ودفع انخفاض إنتاج تونس من النفط والغاز إلى ارتفاع الاعتماد على الجزائر لتغطية ما يقرب من ثلاثة أرباع الطلب المحلي على الغاز، أو ما يعادل مليون قدم مكعبة يوميا.

انخفاض إنتاج تونس من النفط والغاز دفع إلى ارتفاع الاعتماد على الجزائر لتغطية ما يقرب من ثلاثة أرباع الطلب المحلي على الغاز

وتمكن البلد الذي يمر بأزمة اقتصادية حادة من السيطرة على مستوى العجز التجاري للطاقة خلال 2023، في مؤشر اعتبره البعض أنه قد يمنح السلطات دافعا للمزيد من خفض نفقات الاستيراد خلال 2024 مع تراجع الأسعار في الأسواق العالمية.

وعززت الحكومة من رهاناتها بشأن الخطط المتعلقة بتقليص عجز الطاقة بعد أن دخلت الاتفاقية الموقعة مع عملاق النفط الإيطالي، شركة إيني، حيز النفاذ في سبتمبر 2019، لمدها بالغاز الطبيعي، الذي تنقله من الجزائر وذلك لمدة 10 سنوات.

وبموجب الاتفاقية تحصل تونس كذلك على قرابة 176 مليون دولار سنويا من إيني مقابل نقل الغاز من الأنبوب، الذي يعبر حدودها من أجل تغذية محطات إنتاج الكهرباء، خاصة في ظل بطء خطط مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

لكن الوضع تفاقم مع الأزمة الصحية قبل خمس سنوات ثم تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية قبل ثلاث سنوات، والتي رفعت أسعار النفط والغاز والوقود والكهرباء إلى مستويات غير مسبوقة، مما أثر بشكل ملحوظ على التوازنات المالية للدولة، الهشة أساسا.

وكان إنتاج تونس من النفط والغاز في اتجاه هبوطي ثابت منذ أن بلغ ذروته مع بداية القرن الحالي عند 99 ألف برميل يوميًا في عام 2007، وكان أعلى مستوى على الإطلاق عند 118 ألف برميل يوميًا قد سجل في عام 1980.

وخلال العقد الماضي، شكل بند الطاقة في الموازنة السنوية صداعا مزمنا للدولة، حيث تظهر البيانات أن تكاليف استيراد النفط والغاز تلتهم أكثر من 2.1 مليار دولار من مخصصات الإنفاق.

وتعمل الحكومة من خلال سياسة تقشفية بسبب الأزمة المالية منذ ثلاث سنوات على تقليص الإنفاق على المشتريات من الخارج مع تقليل الضغط على احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة.

11