دعوات للتفاوض تتصاعد في السودان وسط تحذيرات من حكومات "غير شرعية"

قيادي بحزب الأمة يحذر من أن حكومات الجيش والدعم السريع المنفردة "غير شرعية" تفاقم الأزمة، مؤكدا ضرورة حل سياسي شامل لتجنب مستقبل قاتم.
السبت 2025/04/19
حكومات القوة لا شرعية ولا خدمات

الخرطوم - تتصاعد الأصوات المطالبة في السودان بوقف فوري للقتال والعودة إلى طاولة المفاوضات في ظل استمرار الصراع الدامي بين الجيش وقوات الدعم السريع، وقد أكد إمام الحلو، رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة القومي، أن الحل الأمثل يكمن في جلوس الطرفين المتحاربين للتفاوض، بالتوافق مع القوى السياسية والمجتمعية، لإحلال السلام وتأسيس مرحلة انتقالية مدنية تضمن الاستقرار ووحدة البلاد.

وشدد الحلو في تصريحات لموقع "الراكوبة" المحلي على أن أي حكومة يتم تشكيلها من قبل الجيش أو الدعم السريع بشكل منفرد ستكون "حكومة أمر واقع" مفروضة بقوة السلاح، وغير شرعية كونها نتاج انقلاب 25 أكتوبر 2021.

وأوضح أن أي حكومة تُقام في مناطق سيطرة أي من الطرفين ستفتقر إلى التفويض الشعبي اللازم، مما يقوض من شرعيتها وقدرتها على حكم البلاد.

وتساءل الحلو عن قدرة أي حكومة منفردة على التعامل مع الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، حيث يبلغ عدد النازحين حوالي 12 مليون شخص، وهناك 15 مليون تلميذ خارج النظام التعليمي.

كما أشار إلى توقف الخدمات الأساسية في معظم المدن السودانية، متسائلاً كيف يمكن لهذه الحكومات تقديم أي خدمة للمواطنين الذين يرفضون هذه الحرب.

ومن الناحية السياسية، أكد الحلو أن تشكيل حكومة من طرف واحد لن يحظى بأي قبول أو اعتراف شعبي، ولن يسهم في ترميم النسيج الاجتماعي أو تعزيز الوحدة الوطنية.

 وعلى الصعيد الخدمي، أوضح الحلو أن هذه الحكومات لن تكون قادرة على تقديم أي شيء للمواطنين، بل ستسعى فقط للسيطرة على الموارد المتاحة لدعم المجهود الحربي، ومحاولة كسب شرعية دولية لن تتحقق.

ويرى الحلو أن الحل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار يكمن في موافقة الطرفين المتحاربين على الجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة، تحت إشراف قوى وطنية رافضة للحرب ومحبة للسلام، وبدعم دولي يقدم المساندة الفنية والدبلوماسية اللازمة.

 وأشار إلى أن محاولات المجتمع الدولي الحالية لن تحقق أي هدف ما لم تتقدم القوى السياسية الوطنية لتطويق الحرب والتفاهم مع طرفيها على الحوار.

في ختام تصريحاته، طالب الحلو طرفي الحرب بالعودة إلى صوت العقل، والاستماع إلى مطالب الشعب السوداني بإنهاء الاقتتال، والجلوس الفوري للتفاوض حول مستقبل البلاد.

واندلع الصراع الحالي في السودان في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وذلك بعد أسابيع من التوتر المتصاعد بينهما على خلفية خطط لدمج قوات الدعم السريع في الجيش. وقد خلف الصراع آلاف القتلى والجرحى وملايين النازحين، وتسبب في أزمة إنسانية حادة وتدمير واسع للبنية التحتية.

وتعكس تصريحات إمام الحلو قلقا متزايدا لدى القوى السياسية والمجتمعية السودانية بشأن مستقبل البلاد في ظل استمرار الحرب. وتشير إلى إدراك واسع النطاق بأن أي محاولة لتشكيل حكومة من طرف واحد لن تحظى بالشرعية أو القدرة على حل الأزمة المتفاقمة.

وتؤكد دعوة الحلو للتفاوض الشامل بمشاركة القوى السياسية والمجتمعية على ضرورة إيجاد حل مستدام للأزمة السودانية، لا يقتصر على وقف القتال بل يشمل أيضًا التوافق على مرحلة انتقالية مدنية تعالج جذور الصراع وتضمن مشاركة أوسع في حكم البلاد.

وعلى الرغم من الإجماع المتزايد على ضرورة التفاوض، لا يزال الطريق إلى طاولة المفاوضات محفوفا بالتحديات. فالطرفان المتحاربان لا يزالان منخرطين في قتال عنيف، ويبدو أن مواقفهما متباعدة بشأن شروط وقف إطلاق النار وتقاسم السلطة في المستقبل.

ويبقى دور المجتمع الدولي حاسمًا في الضغط على طرفي الصراع للعودة إلى المفاوضات وتقديم الدعم اللازم للعملية السياسية. ومع ذلك، فإن أي جهود دولية ستكون أكثر فعالية إذا تضافرت مع جهود القوى الوطنية السودانية الرافضة للحرب.

ويمر السودان بمرحلة حرجة تتطلب تغليب صوت العقل والحكمة، وتمثل دعوة إمام الحلو للتفاوض الشامل رؤية واضحة للخروج من دوامة العنف والفوضى نحو بناء سودان موحد ومستقر يحقق تطلعات شعبه في السلام والديمقراطية. إلا أن تحقيق ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية من طرفي الصراع واستجابة فعالة من القوى الوطنية والمجتمع الدولي.