التلفزيون يحتفظ بمكانة مركزية في المشهد الإعلامي المغربي

قناة الرياضية المغربية تحتل المركز الرابع من حيث نسب المشاهدة.
السبت 2025/04/19
فرجة مضمونة

الرباط - لا يزال التلفزيون يحتفظ بمكانة مركزية في المشهد الإعلامي المغربي. ويعتبر الوسيلة الإعلامية الأكثر مصداقية في الأحداث الكبرى، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، بالنسبة إلى 67 في المئة من المغاربة، وفق دراسة حديثة.

ونشرت مؤسسة كانتار نتائج دراستها “أفريكاسكوب المغرب” لعام 2024، والتي تعد مرجعا أساسيا لفك شيفرة سلوك وسائل الإعلام في شمال أفريقيا، وجاء فيها أن التلفزيون تتم مشاهدته يوميا من قبل 86 في المئة من السكان بمتوسط ساعتين و52 دقيقة يوميًا. والقنوات الأكثر شعبية هي “أم2” والأولى والرياضية، متقدمة على قنوات أخرى من الخليج.

وسجلت قناة الرياضية المغربية تقدمًا ملحوظًا باحتلالها المركز الرابع من حيث نسب المشاهدة، وهو ما يعكس تنامي اهتمام الجمهور بالمحتوى الرياضي.

وتُشير الأرقام أيضًا إلى أن 22 في المئة من المشاهدين يتابعون قنوات أم.بي.سي بانتظام، بينما تواصل بي.إن.سبورتس حضورها القوي ضمن أكثر القنوات متابعة.

ويقضي المغاربة في المتوسط 5 ساعات و53 دقيقة يوميا في استهلاك وسائل الإعلام، وهو رقم مستقر مقارنة بالعام السابق، رغم أن شبكة الإنترنت هي الوسيلة الإعلامية الأكثر استخدامًا يوميًا، بنسبة 91 في المئة من السكان يوميًا، أي بزيادة قدرها 8 نقاط مقارنة بعام 2023.

86

في المئة من سكان المغرب يشاهدون التلفزيون يوميا والقناة الأكثر شعبية هي "أم2"

وتهيمن وسائل التواصل الاجتماعي على الاستخدامات عبر الإنترنت، حيث يأتي فيسبوك (84 في المئة) وواتساب (70 في المئة) وإنستغرام (60 في المئة) في المقدمة.

ورغم التراجع الطفيف تبقى الإذاعة وسيلة إعلامية هامة، حيث يتم الاستماع إليها يوميًا من قبل 43 في المئة من المغاربة، بمتوسط مدة 29 دقيقة يوميًا. وتشمل المحطات الأكثر استماعًا شذى أف أم وميدي 1 راديو وهت راديو.

وتكشف الدراسة أيضًا أن 21 في المئة من السكان يستخدمون خدمات الفيديو حسب الطلب المدفوعة، مع تصدر نتفليكس لقائمة المنصات الأكثر ذكرًا. وتتركز اهتمامات المغاربة بشكل رئيسي على الصحة والطقس والأخبار، مع تفضيل واضح للبرامج الكوميدية.

ويُسجل المغرب اهتمامًا ملحوظًا بالأخبار الدولية، حيث يتابع 30 في المئة من المشاهدين القنوات الإخبارية الدولية بانتظام، متفوقًا بذلك على الجزائر (13 في المئة) وتونس (27 في المئة)، ما يجعله سوقًا مهمة للبث الدولي في شمال أفريقيا.

وتقدم هذه البيانات رؤية دقيقة لعادات وسائل الإعلام في المغرب، مسلطة الضوء على التوازن بين صعود الرقمنة واستمرار وسائل الإعلام التقليدية.

وتحيل الدراسة إلى توجه السلطات المغربية نحو الاستثمار في مجال تطوير الإعلام التقليدي والرقمي نظرا لمواكبة اهتمام الجمهور المحلي.

فقد حظيت “فرجة”، أول منصة مغربية عمومية لمتابعة الفيديو تحت الطلب، بانتشار واسع في المملكة وأصبحت تنافس منصات الفيديو العالمية مثل نتفليكس، باعتبارها نافذة مختصة بالأعمال الدرامية المحلية التي تحاكي الجمهور المغربي.

ونجحت المنصة في كسب ثقة الجمهور إذ جاءت استجابة لمطالب تمكين المشاهد المغربي من فرصة الاطلاع على الإنتاجات الدرامية التي عرضت في وقت سابق والتحرر من منظومة “الإكراه في المشاهدة”، في الوقت الذي باتت فيه هذه الصيغة منتشرة بقوة على المستوى العالمي. وسجّلت “فرجة” حتى نوفمبر الماضي مليون تحميل للتطبيق، بينما نتفليكس منصة البث الأكثر اشتراكاً في العالم لا يتجاوز عدد المشتركين فيها في المغرب العشرة آلاف.

وتوفر “فرجة” للمستخدمين أكثر من 4000 ساعة من المحتوى السمعي البصري المتنوع، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والوثائقيات، إلى جانب روائع الإنتاجات المغربية الكلاسيكية.

وتشمل مجموعة متنوعة من الإنتاجات الدرامية المغربية، بما في ذلك السيتكومات والمسرحيات والأفلام والوثائقيات والرسوم المتحركة، بالإضافة إلى إعادة عرض أعمال درامية تاريخية.

وتتميز بمرونتها، حيث يمكن الوصول إلى المحتويات عبر مختلف الأجهزة والشبكات، بما في ذلك التلفزيونات الذكية وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية.

وبدأ العمل على المنصة منذ عام 2022 وتم تحقيق تقدم كبير فيها خلال سنة 2023 حيث تمكنت من تحقيق الهدف بتقوية حضور الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في الوسائط الرقمية، بتنويع باقة خدماتها الرقمية وذلك من خلال رقمنة أكثر من ثلاثة آلاف ساعة من المضامين السمعية البصرية ببياناتها الوصفية، وكان الانطلاق الرسمي في أبريل 2024.

وتعد المنصة الرقمية مبادرة مهمة تشجع الإنتاج الوطني وتقربه من المواطنين عن طريق مواكبة الطفرة الرقمية الحاصلة على المستوى العالمي، كما تحقق أهدافا ومطالب فنية بأرشفة وتوثيق مختلف الأعمال الدرامية والفنية باعتماد قواعد بيانات رقمية، حيث تتيح الإمكانيات التقنية المتوفرة حاليا إمكانية معالجة المضامين التي أُنتجت منذ عقود سابقة من خلال إعادة الاشتغال عليها من ناحية الصورة والجودة.

اهتمام كبير بالبرامج الرياضية
اهتمام كبير بالبرامج الرياضية

ويسعى القائمون على التلفزيون المغربي والإنتاج الدرامي إلى إتاحة التواصل مع الأجيال الجديدة وتمكينها من نوافذ للاطلاع على مختلف الإنتاجات الفنية التي سبق أن تم إعدادها، مع التعرف كذلك على الوجوه الفنية التي كانت نشطة في وقت سابق.

وفي ديسمبر الماضي دشنت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة رسميًا بناء مقرها الجديد، المصمم على طراز فائق الحداثة، بمدينة سلا في المنطقة التكنولوجية تكنوبوليس بالقرب من جامعة الرباط الدولية.

ويهدف هذا المشروع الطموح، الذي يندرج في إطار مسعى التحديث والابتكار، إلى تزويد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ببنية تحتية حديثة تلبي المعايير الدولية الأكثر تطلبًا. ومن المقرر الانتهاء من تشييد المقر الجديد قبل بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030، حيث سيمثل حقبة جديدة في المشهد السمعي البصري المغربي.

وسيضم المقر الجديد أستوديوهات إنتاج وبث مجهزة بأحدث التطورات التكنولوجية، ومساحات عمل تعاونية لفرق عمل الإذاعة والتلفزيون الوطني، وبنى تحتية تحترم البيئة، حيث تتضمن حلولاً مستدامة وتدبيرا مثاليا للطاقة.

ويرمز هذا المشروع أيضًا إلى الأهمية الإستراتيجية التي يوليها المغرب لتطوير وسائل الإعلام العمومية، في ظل الرقمنة والابتكار التكنولوجي الذي يعيد تحديد هذا القطاع.

ويتميز المشروع بموقعه في منطقة اقتصادية وتقنية متطورة، ما يعزز مكانة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة على المستويين الوطني والدولي. كما سيعمل المقر الجديد على تلبية الطلب المتزايد على الإنتاج السمعي البصري بجودة عالية، ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، بالإضافة إلى تنشيط النظام البيئي التكنولوجي للمنطقة.

ومن خلال هذه الخطوة تستعد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة للعب دور محوري في تغطية منافسات بطولة كأس العالم 2030، مع تأكيد التزامها بدعم التميز في قطاع الإعلام المغربي.

والشكل النهائي للمشروع، الذي سيضم كل قنوات القطب العمومي التلفزيوني الوطني، سيشمل أستوديوهات الإنتاج والبث المجهزة بأحدث التطورات التكنولوجية، ومساحات العمل التعاونية للفرق العاملة في الشركة، بالإضافة إلى البنى التحتية المسؤولة بيئيًا والتي تدمج الحلول المستدامة والإدارة الأمثل للطاقة.

5