"إنزو".. حكاية شاب متمرد على القيود العائلية تفتتح "أسبوعي المخرجين" في كان

باريس- يفتتح المشروع الأخير للمخرج لوران كانتيه الذي توفي في أبريل 2024 وتولى استكماله روبن كامبيلو تظاهرة “أسبوعي المخرجين” التي تقام خلال الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان كان السينمائي، وفقا لقائمة الأفلام التي اختارها المنظمون.
واختير “إنزو” Enzo، وهو آخر فيلم عمل عليه المخرج الفرنسي الشهير لوران كانتيه الحائز على السعفة الذهبية عام 2008 قبل وفاته، لافتتاح هذا القسم الموازي من مهرجان كان، المخصص لاكتشاف المواهب الجديدة، في دورته السابعة والخمسين.
وكان كانتيه قد شارك في كتابة السيناريو مع روبن كامبيلو، وكان من المقرر أن يكون هذا الفيلم من إخراجه قبل وفاته المفاجئة. لذلك، قرر كامبيلو، الذي تعاون مع كانتيه في عدة مشاريع سابقة، استكمال هذا المشروع تكريما له.

وتدور أحداث الفيلم حول إنزو، شاب في السادسة عشرة من عمره، ينحدر من عائلة بورجوازية في جنوب فرنسا. تحت ضغط والده الذي كان يطمح لمستقبل أكاديمي له، يقرر إنزو أن يصبح متدربا في مجال البناء، بعيدا عن التوقعات الاجتماعية لعائلته. على مواقع البناء، يلتقي بزميله الأوكراني فلاد، الذي يفتح أمامه آفاقا جديدة ويشجعه على استكشاف هويته وتحدي القيود المفروضة عليه.
والفيلم من أداء إلوى بوهُو في دور إنزو، وماكسيم سليفينسكي في دور فلاد، وإلودي بوشيه في دور ماريو، وبييرفرانسيسكو فافينو في دور باولو.
ويواصل كانتيه في هذا الفيلم نهجه المعتاد في معالجة قضايا اجتماعية معقدة بطرق إنسانية وعميقة، حيث وُصف مرات عديدة بأنه مخرج إنساني لقدرته على دمج القضايا الاجتماعية مع السرد الروائي بشكل متقن. كما اعتُبرت أفلامه بمثابة دليل اجتماعي لفهم التحديات التي يواجهها الأفراد في المجتمع الفرنسي.
ووصف نقاد أعمال كانتيه بأنها تتميز بالواقعية الاجتماعية والإنسانية العميقة، ويعتبر فيلم “بين الجدران” (Entre les murs) من أبرز أعماله، حيث نال إشادة واسعة لفحصه الصادق والمعقد للتعليم والتنوع الثقافي في المدارس الفرنسية. كما أشاد النقاد بقدرته على استخدام ممثلين غير محترفين وإدخال عنصر الارتجال، مما أضاف مصداقية وواقعية إلى أفلامه.
من أشهر أفلامه “موارد بشرية” (Ressources humaines) الصادر عام 2000، والذي يتناول صراعا بين الأب والابن في سياق العمل، مع تسليط الضوء على التوترات الطبقية. نال الفيلم جوائز متعددة، منها جائزة سيزار لأفضل أول عمل سينمائي. وفيلم الجدول الزمني (L’Emploi du temps) الصادر عام 2001، ويتناول موضوع البطالة والهوية من خلال قصة رجل يختلق وظيفة وهمية، مما يثير تساؤلات حول الحقيقة والواقع.
وفي فيلم “إلى الجنوب” (Vers le Sud) الصادر عام 2005، يستعرض كانتيه حياة ثلاث نساء في هاييتي، حيث يسلط الضوء على قضايا الاستغلال الجنسي والطبقات الاجتماعية. أما في فيلم “الورشة” (L’Atelier) الذي أنتجه عام 2017 فتناول ورشة كتابة في مدينة مرسيليا، حيث يتفاعل المشاركون مع قضايا الهوية والهجرة من خلال كتابة نصوصهم الخاصة.
وكان آخر فيلم أخرجه كانتيه عام 2021، بعنوان “آرثر رامبو” (Arthur Rambo) وفيه تناول قصة صعود وسقوط كاتب شاب من أصول مهاجرة، مستعرضا قضايا الهوية واللغة في المجتمع الفرنسي.

وإلى جانب فيلم “إنزو” يتضمن برنامج “أسبوعي المخرجين” في مهرجان كان في المجمل عشرة أفلام قصيرة ومتوسطة الطول، بالإضافة إلى 18 فيلما روائيا طويلا.
وفي برنامجه كذلك فيلم وثائقي بعنوان “ميليتانتروبوس” Militantropos من إخراج يليزافيتا سميث وألينا غورلوفا وسيمون موزغوفيي، يتضمن لقطات لقرى أوكرانية تحت القصف.
وقال المفوض العام لتظاهرة “أسبوعي النقاد” جوليان ريجل خلال مؤتمر صحفي إنه “فيلم من دون أحكام، زاخر بمشاعر العطف، عن شعب أجبر على العيش في حالة حرب.”
وأضاف “رغم الحروب والرقابة وصعوبة الحصول على التمويل، يواصل السينمائيون صناعة الأفلام. فالسينما تطرح الأسئلة (…) بدلا من إلقاء خطابات جاهزة.”
ومن بين الأفلام المدرجة “كعكة الرئيس” للمخرج حسن هادي الذي تدور أحداثه في العراق في تسعينات القرن العشرين، ووصفه ريجل بأنه “نوع من حكايات الأطفال الأبطال” على خلفية البؤس الاقتصادي الذي كان يواجهه العراقيون في ذلك الوقت.
وفي وقت سابق، أعلن مهرجان كان السينمائي الدولي عن تفاصيل دورته الـ78، التي ستقام من الثالث عشر إلى الرابع والعشرين من مايو المقبل، والتي ستترأس الممثلة الفرنسية جوليت بينوش لجنة تحكيمها، وذلك بعد 40 عاما من ظهورها الأول في كان بفيلم “Rendez – vous” (موعد) عام 1985. وهي تُعتبر من أبرز الوجوه السينمائية، وقد فازت بجائزة أفضل ممثلة في كان عام 2010.
ويمنح المهرجان هذا العام روبرت دي نيرو جائزة السعفة الذهبية الفخرية خلال حفل الافتتاح، اعترافا بمسيرته الطويلة في السينما، وسبق لدي نيرو الفوز بجائزة أفضل ممثل في كان عام 1980 عن فيلم “Raging Bull”، لكن لم يُمنح سابقا هذا التكريم الشرفي.