السوداني في مرمى الانتقادات العراقية بعد دعوة الشرع للقمة العربية

مراقبون يتوقعون حضور الشرع ببروتوكول الجامعة، مؤكدين أن مشاركة سوريا تعزز الحوار رغم انقسامات عراقية وتأثير إيران على القمة وتحديات الحكومة.
الخميس 2025/04/17
ترحيب السوداني بالشرع يثير عاصفة انتقادات

بغداد - بغداد - أثارت دعوة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المقبلة في بغداد، موجة من الانتقادات الحادة في الأوساط السياسية والشعبية العراقية.

فقد اعتبرت قوى سياسية وشخصيات بارزة هذه الدعوة "استفزازية" و"غير مقبولة"، مطالبة بتفعيل مذكرات الاعتقال بحق الشرع، بينما حذر آخرون من تأثير إيران على القرار العراقي.

تأتي هذه الدعوة في سياق معقد، حيث يشهد العراق انقسامات حادة حول طبيعة العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. وتعتبر بعض القوى الشيعية العراقية الشرع مسؤولا عن "ملفات إرهاب ثقيلة" وتتهمه بالتسبب في مقتل آلاف العراقيين خلال سنوات الصراع.

ووصف عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية وعد القدو دعوة الشرع بـ"التصريح غير الموفق" و"استفزازًا للعراقيين ولأمهات الشهداء والثكالى". فيما اعتبر النائب السابق حسن فدعم تصرف السوداني "غير منطقي" و"يجرح مشاعر الملايين من العراقيين الذين وقفوا إلى جانب الدولة وقاتلوا ودعموا القوات الامنية ضد داعش"، متسائلا "كيف يرحب بالجولاني وهو متسبب بالكثير من المآسي للعراقيين".

وأضاف أن "السوداني تسبب بجرح مشاعر العراقيين، وأنا شخصيا غير راضي عن تصريحات السوداني وأنا ابن الحشد والساتر"، متابعا "ماذا نقول للشهداء يوم القيامة؟".

ودعا رئيس الهيئة التنظيمية للحراك الشعبي للحزام والطريق حسين الكرعاوي القضاء العراقي إلى "تفعيل مذكرة إلقاء القبض على أحمد الشرع فور دخوله الأراضي العراقية"، مهددا بتنظيم "تظاهرات عارمة واحتجاجات شعبية" لرفض حضوره.

من جانبه، قال عضو تحالف الأنبار المتحد محمد الضاري في تصريح لموقع "المعلومة" إن "حكومة الجولاني تضم 18 قياديا في تنظيمات إرهابية" واتهم الولايات المتحدة بممارسة "ضغوط كبيرة" على حكومة السوداني لاستقبال الشرع، معتبرا ذلك "جزءًا من مخطط يهدف إلى إعادة تفعيل نشاط المجاميع الإرهابية في العراق". كما أشار إلى "تصدير الإرهاب من سوريا" وأن "إيران ووكلائها من الزعماء السياسيين أو قادة الفصائل" يمارسون ضغوطًا على حكومة السوداني.

وأكدت النائبة زهرة البجاري في تصريح لموقع "المعلومة" أن "الشرع متهم بالإرهاب ومسؤول عن دماء العراقيين، وعقليته الإرهابية وبيئة سوريا الفوضوية تهددان بعودة العنف للعراق، والمجتمع الدولي مطالب بموقف حازم".

وأعلن السوداني الأربعاء، خلال كلمته في ملتقى السليمانية التاسع، ترشحه رسميا للانتخابات المقبلة، مؤكدا أن العراق بحاجة إلى إصلاحات جريئة وشاملة تعيد بناء الدولة وتنهض بواقعها، فيما كشف في الوقت ذاته أنه وجَّه دعوة رسميَّة إلى الرئيس السوري، أحمد الشرع، لحضور القمَّة العربيَّة التي تستضيفها العاصمة بغداد في مايو المقبل".

ولا يستبعد مراقبون للشأن السياسي حضور الشرع في قمة بغداد المرتقبة، وذلك لان الدعوة الرسمية توجهت له حسب البروتوكولات المعمول بها في الجامعة العربية، وبغداد ودمشق ستتفقان في النهاية على طبيعة المشاركة السورية في القمة المقرر إجراؤها في مايو المقبل.

كما يرى البعض أن مشاركة سوريا في القمة العربية يمكن أن تساهم في تعزيز الحوار العربي وإيجاد حلول للأزمات الإقليمية، حيث يعتبرون أن استمرار الحوار والتنسيق بين العراق وسوريا يمثل نموذجا للتعاون الإقليمي في مواجهة التحديات المشتركة.

وتعكس هذه الانتقادات الحادة الانقسامات العميقة في العراق حول طبيعة العلاقة مع سوريا بعد سقوط نظام الأسد. وتبرز حجم النفوذ الإيراني في العراق وتأثيره على القرارات السياسية. ومن المرجح أن تؤثر هذه الخلافات على سير القمة العربية المقبلة في بغداد، وستواجه الحكومة العراقية تحديات كبيرة في تجاوزها.

ومطلع أبريل الجاري جرى اتصال بين رئيس الوزراء العراقي والرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أكد خلاله السوداني دعم العراق لـ"خيارات الشعب السوري"، إلى جانب عدد من القضايا المهمة، وجاء ذلك بعد حذر عراقي من التفاعل مع التطورات السورية خلال الأشهر الماضية.

وجاء الاتصال بعد زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني في 13 مارس الماضي، العاصمة بغداد، هي الأولى له منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وتشكيل حكومة سورية جديدة، حيث تركزت على وحدة الصف بين العراق وسوريا والتبادل التجاري وضبط الحدود.

ولم يتفاعل العراق رسميا حتى اللحظة مع إعلان الإدارة السورية الجديدة، في 29 يناير الماضي، تعيين الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية.

وتجنب العراق بشكل عام التعامل بشكل مباشر مع الإدارة السورية الجديدة بإدارة الشرع، كما أن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أكد من جهته موقف العراق الرسمي بالحرص على وحدة الأراضي السورية والاستعداد لدعم عملية سياسية شاملة في سوريا دون التدخل بشؤونها.

واكتفت بغداد إلى الآن بإيفاد وفد رسمي برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات العراقي حميد الشطري في 26 ديسمبر 2024، إلى سوريا، حيث التقى الشرع في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، وبحث معه جملة ملفات مشتركة.