العفو الدولية تطالب لبنان برفض كتم صوت وسيلتي إعلام مستقلتين

الشكوى ضد منصتي درج ميديا وميغافون نيوز بعد إجرائهما تحقيقات حول مزاعم سوء الإدارة المالية، والفساد وغسيل الأموال.
الخميس 2025/04/17
بحث متواصل عن الحقيقة

بيروت - طالبت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية برفض الشكوى الجنائية ضد وسيلتين إعلاميتين مستقلتين هما منصتا درج ميديا وميغافون نيوز، بعد ورود أنباء باستدعاء القائمين على المنصتين إلى مكتب النيابة العامة التمييزية الثلاثاء الماضي بناء على الشكوى.

وجاءت الشكوى بعيد انتقاد الوسيلتين الإعلاميتين لبعض المرشحين لمنصب حاكم البنك المركزي ودعواتهما للمساءلة عن الأزمات الاقتصادية والمالية في لبنان. وقد قدّم الشكوى ثلاثة محامين يعملون بصفتهم الخاصة في مارس الماضي في أعقاب نشر الوسيلتين الإعلاميتين أنباءً حول القرارات المالية للحكومة، والتعيينات، والبنك المركزي.

وكانت الوسيلتان قد أجرتا تحقيقات حول مزاعم سوء الإدارة المالية، والفساد، وغسيل الأموال، ونشرتا أخبارا حولها. وقد اتهم مقدمو الشكوى المنصتين الإعلاميتين بـ”النيل من مكانة الدولة المالية، وزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها، والحض على سحب الأموال وبيع سندات الدولة وإثارة الفتنة، والنيل من هيبة الدولة والشعور القومي، والاعتداء والمؤامرة على أمن الدولة والحصول على أموال خارجية مشبوهة لزعزعة الثقة في لبنان”.

واعتبرت المنظمة الدولية أن قرار السلطات اللبنانية باستدعاء درج ميديا وميغافون نيوز للاستجواب “يظهر وجود استعداد للسماح للمصالح السياسية والمالية النافذة باستخدام نظام القضاء الجنائي كأداة لترهيب ومضايقة الأصوات الانتقادية”. وقالت كريستين بيكرلي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، “يتعين على السلطات حماية حرية الصحافة، وليس تقويضها.”

وأضافت بيكرلي “يمثل استهداف وسائل الإعلام هذه تصعيدا خطيرا في الجهود الجارية لترهيب الصحافة المستقلة في لبنان ولمنع الاستقصاء الضروري الذي تُجريه وسائل إعلامية مثل درج ميديا وميغافون نيوز من خلال نشرهما تقارير حول دور الجهات الفاعلة النافذة في خلق وإطالة أمد الأزمة المالية والاقتصادية التي لا تزال تتسبب بتأثير مدمر على حقوق الناس.”

وقالت المنظمة “ينبغي للسلطات اللبنانية أن ترفض فورا الإخبار وأن تحرص على تمكُّن وسائل الإعلام المستقلة من مواصلة عملها بدون خوف من الترهيب أو المضايقة”. كذلك فإن الرد السريع للسلطات على الشكاوى المرفوعة ضد الصحافيين يتعارض بشكل صارخ مع الخطى البطيئة التي تسير بها التحقيقات في مزاعم الفساد وغيره من ضروب سوء السلوك، بما فيه التعذيب.

كريستين بيكرلي: يتعين على السلطات حماية حرية الصحافة، وليس تقويضها
كريستين بيكرلي: يتعين على السلطات حماية حرية الصحافة، وليس تقويضها

وعلاوة على ذلك، فإن الإجراءات المتخذة ضد درج ميديا وميغافون نيوز تضرب عرض الحائط بالقوانين المحلية المتعلقة بالتحقيقات الجنائية، ومن ضمنها تلك التي تنص على ضمانات للصحافيين. وقد أكد كل من منصتي درج ميديا وميغافون نيوز تلقيهما إشعارا بخصوص مذكرة الحضور عبر مكالمة هاتفية دون تزويدهما بتفاصيل خطية حول التهم الموجهة إليهما أو الأساس القانوني الذي استندت إليه مذكرة استدعائهما.

وتقتضي المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بأن تُقدَّم مذكرة الحضور خطيا وأن تشمل الوثيقة، من جملة أمور، الجرم الذي هو موضوع التحقيق والنص (النصوص) التي تستند إليها. وإضافة إلى ذلك، يقتضي قانون المطبوعات بأن يتم النظر في الشكاوى المستندة إلى العمل الصحفي من خلال محكمة المطبوعات، وليس النائب العام.

وتأتي مذكرة الحضور في أعقاب حملة تشهير وتضليل أوسع شُنت على مدى الأسابيع الماضية ضد درج ميديا وميغافون نيوز تولتها جهات وكيانات غير تابعة للدولة لديها صلات بمراكز السلطة السياسية والاقتصادية.

وقد وثقت منظمة العفو الدولية حدوث زيادة مقلقة في استخدام نصوص قانونية غامضة لمضايقة وترهيب الصحافيين، والنشطاء، والمنتقدين في لبنان، مع استهداف الآلاف بالتحقيقات الجنائية منذ نشوب الأزمة الاقتصادية في 2019. وتشكل مذكرة الحضور الصادرة بحق درج ميديا وميغافون نيوز مثالا آخر على إساءة استخدام هذه النصوص في محاولة لقمع الأصوات المنتقدة.

من جهتها، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن هذه الإجراءات تأتي ضمن حملة منظمة لتكميم الأفواه الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل على كشف الفساد والتجاوزات المالية. واستشهدت المنظمة بقيام مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية باستدعاء صحافيي منصة “درج” مرتين على خلفية دعاوى قضائية مرتبطة بتقارير استقصائية، من بينها دعوى رفعتها شخصيات نافذة في القطاع المصرفي اللبناني.

وأشار آدم كوغل، نائب مديرة هيومن رايتس ووتش للشرق الأوسط، إلى أن السلطات اللبنانية تستغل قوانين القدح والذم الجزائية والنصوص القانونية الغامضة لعرقلة التحقيقات الصحفية، مما يشكل تهديدا مباشرا لحرية الصحافة، وطالب الحكومة اللبنانية الجديدة بتعهد علني بحماية حرية التعبير.

ووثقت هيومن رايتس ووتش استخدام السلطات اللبنانية المتزايد لقوانين القدح والذم لإسكات الإعلاميين والنشطاء. وأشارت إلى أن القضاء غالبا ما يرفض هذه الدعاوى بسرعة، لكنها تشكل أدوات ترهيب تؤدي إلى الرقابة الذاتية.

5