مشروع قانون الضريبة على الأبنية والأراضي يثير حفيظة الأردنيين

مراقبون يقولون إن الحكومة تبحث عن مصادر ثابتة لتحصيل الأموال، وإن مشروع القانون المطروح يندرج في هذا السياق.
الأربعاء 2025/04/16
أعباء مالية متزايدة على المواطنين

عمان - لم تخفف التطمينات الرسمية من هواجس الأردنيين حيال مشروع قانون دفعت به الحكومة إلى مجلس النواب، بشأن ضريبة الأبنية والأراضي لعام 2025، وسط اتهامات موجهة لها بابتكار “فلسفة ضريبية جديدة” من شأنها أن تعمق الفروقات الاجتماعية وتثقل كاهل الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، وإن بشكل غير مباشر.

وتجند المسؤولون في الأردن هذه الأيام للدفاع عن المشروع الذي من المفترض أن يجري إقراره من قبل البرلمان قبل انتهاء الدورة العادية له، وقامت الحكومة بنشر المشروع للعموم، مشددة على أنه لا يتضمن أي ضريبة جديدة، وإنما يهدف إلى تنظيم آلية احتسابها، بما يحقق عدالة ضريبية.

ووفق مقارنات أظهرتها الحكومة بين القانونين القديم والجديد، فإن نسبة الإعفاء على العقار الفارغ كانت وفق الأول 50 في المئة، وأصبحت 60 في المئة بالثاني.

وكانت نسبة الخصم التشجيعي على الأبنية 8 في المئة بالقانون القديم، فيما أصبحت 10 في المئة بالجديد على الضريبة كاملة. أما عن آلية التقدير والإعفاء، فكانت بالقانون القديم يدوية عبر قيمة إيجارية، وأصبحت إلكترونية وإدارية بالقانون الجديد.

عامر الشوبكي: مخاوف الأردنيين مردّها ضعف الثقة بين الشارع والحكومة
عامر الشوبكي: مخاوف الأردنيين مردّها ضعف الثقة بين الشارع والحكومة

ومشروع القانون الجديد يأتي بديلا عن قانون ضريبة الأبنية والأراضي داخل مناطق البلديات النافذ لسنة 1954.

وليصبح قانونا ساري المفعول، يحتاج المشروع إلى المرور بمراحل دستورية، إذ يناقشه البرلمان بشقّيه، وبعد التوافق عليه يُرفع إلى عاهل البلاد الملك عبدالله الثاني لإصدار مرسوم ملكيّ به، ثم إعلانه بالجريدة الرسمية.

وتعليقا على ذلك اعتبر الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي أن “مخاوف الأردنيين مردّها ضعف الثقة بين الشارع والحكومة.”

وأضاف الشوبكي “الناس رأوا في القانون جباية إضافية، وأنا من أولئك الذين وقعوا في هذا الفخ.”

وأكمل “أنا هنا لست مدافعا عن الحكومة، ولست ضدها، وقد طبقت بنود مشروع القانون الجديد على مجموعة من العقارات، ووجدت أن الضريبة انخفضت فيه مقارنة بالقانون القديم.”

واستدرك “لكن هذا لا ينفي تحقيق الحكومة من مشروع القانون الجديد إيرادات أعلى من القانون السابق، لأنه سيكون مؤَتمتًا (عبر كمبيوترات) ولا مجال للتلاعب بالتقديرات.”

ورأى الشوبكي أن “الخوف من القانون يتعلق بمسألة التخمين التي سيتم الاستعانة بها لتقدير قيمة العقار، خاصة إذا كانت القيمة المحددة رهينة للوساطات والمحسوبية.”

ودعا الخبير الاقتصادي الأردني الحكومة إلى عدم “إعادة التخمينات على العقارات الحالية، حتى لا تفوق قدرة المواطن على دفعها.”

وبيّن أن مشروع القانون “يحتوي على فقرة تتعلق بنسبة خصم عن مالك العقار بـ80 في المئة، ويجب ألا تكون فقرة هامشية وإنما بند أساسي حتى لا يتم تغييرها إلا بتشريع جديد.”

وفق مقارنات أظهرتها الحكومة بين القانونين القديم والجديد، فإن نسبة الإعفاء على العقار الفارغ كانت وفق الأول 50 في المئة، وأصبحت 60 في المئة بالثاني

ويعاني الأردن منذ سنوات من صعوبات مالية، وسط مخاوف لديه من أن تتفاقم الوضعية لاسيما مع التحول الجاري في ذهنية المانحين وفي مقدمتهم الحليفة الولايات المتحدة.

ويقول مراقبون إن الحكومة تبحث عن مصادر ثابتة لتحصيل الأموال، وإن مشروع القانون المطروح يندرج في هذا السياق.

وقال الخبير الاقتصادي جمال الحمصي إن “مشروع قانون الأراضي والأبنية -إذا أقر بعجالة كما حدث مع قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة- سيقود إلى المزيد من التراجع الممتد في العائد والاستثمار العقاري، أحد أهم مؤشرات النمو المستقبلي، في وقت ما زلنا نعاني فيه من تباطؤ معدلات النمو الإجمالي والعقاري في عام 2025، ويمكن في السيناريو المقلق أن يقود إلى انهيار أسعار وسوق العقار بسبب طلبات البيع المتصاعدة للعقار والمتصاحبة مع ضعف الطلب والقدرة الشرائية لأسباب محلية وإقليمية ودولية.”

وحذّرت مؤسسة “حقوقيون” من أن مشروع القانون بصيغته الحالية يتضمن اختلالات تشريعية وفنية ومجتمعية عميقة، من شأنها أن تضاعف الأعباء المالية على المواطنين، وخاصة الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود، وأن تُلحق أضرارًا فادحة بالنشاط التجاري والاستثماري في الأردن، ما يهدد بشكل مباشر الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المملكة.

وأكدت المؤسسة على أن مشروع القانون افتقر إلى الحد الأدنى من المشاورات التشريعية الفعلية، حيث تم طرحه دون حوار وطني واسع أو مشاركة حقيقية للجهات المعنية، ودون تقديم مبررات موضوعية واضحة تُبرر التعديلات الجذرية على النظام الضريبي القائم.

وشددت “حقوقيون” على أن مشروع القانون يُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن على نحو لا يتسق مع مبادئ العدالة الضريبية، ولا يراعي الحالة الاقتصادية العامة للمجتمع الأردني، بل يتجاوزها نحو مقاربات جبائية قسرية تمسّ الأمن الاجتماعي والاقتصادي.

ودعت أعضاء مجلس الأمة إلى القيام بدورهم الرقابي والتشريعي الكامل في مراجعة مواد القانون، ورفض تمريره بصيغته الحالية وإعادة صياغته بما يضمن العدالة والمساواة ويُحقق المصلحة الوطنية العليا.

2