نادي قاف للكتاب يكرّم الروائية نجوى بركات في طرابلس

اللقاء احتفى برواية بركات الجديدة "غيبة مي" التي تعالج بأسلوب الكاتبة المميز قضايا اجتماعية تعكس واقع بيروت.
الأربعاء 2025/04/16
احتفاء بكاتبة تحمل هموم لبنان في ما تكتب

طرابلس (لبنان) - استضاف "نادي قاف للكتاب" الروائية نجوى بركات في مركز الصفدي الثقافي في طرابلس، برعاية وزارة الثقافة اللبنانية، وذلك عبر ندوة أدبية ناقشت روايتها الجديدة “غيبة مي”، الصادرة عن دار الآداب، والتي وصفها الكاتب السوري سومر شحادة بأنها “من الروايات التي تمثّل حياة الأفراد فيها حال بلدانهم. وهو هنا بلد عاجز، ينتظر موته، بما في العجز من رهافة وحسّ يتبدى نزقاً وحيرة وضعفا.”

وحضر اللقاء المدير العام لوزارة الثقافة الدكتور علي الصمد والناشرة رنا إدريس وعدد من المثقفين والأدباء والأكاديميين والهيئات المدنية وأعضاء النادي وأصدقائه.

استهل اللقاء بكلمة لرئيسة النادي الدكتورة عائشة فتحي يكن، رحبت فيها بالحضور، وقالت “إذا كانت السياسة تفرّقنا، فإنّ الثقافة تجمعنا على مائدة الشعر والأدب، واحتفاؤنا بالروائية نجوى بركات، هو احتفاءٌ بالإبداع الذي تُجسّده أعمالها ومسيرتها الأدبية.”

بدورها أشارت رنا إدريس إلى “العلاقة المميزة التي تربط دار الآداب بنجوى بركات، منذ الرواية الأولى التي نُشرت في الدار عام 1995، ‘حياة وآلام حمد بن سيلانة’.”

ولفتت إلى “مقدرة نجوى بركات اللغوية والمعرفية العميقة بالتراث والروحانيات، وقدرتها على تحديث أساليب السرد، وهو ما برز في جملة أعمالها الروائية، فضلا عن ترجمة أعمالها إلى لغات أجنبية عديدة.”

وسلط الدكتور علي الصمد الضوء على “أحداث الرواية التي تتناول حياة الست مي، المرأة العجوز المستوحدة في أحياء بيروت،” مشيرًا إلى “الدقة في الوصف التي تشرح حال العجائز ومعاناتها بأسلوب أدبي مشوق، وما تضمنته الرواية من إشارات إلى الأزمات الاجتماعية والسياسية التي عاشتها مدينة بيروت وارتباطها بشخصيات الرواية.”

بعد ذلك تحدثت مديرة الندوة زينب إسماعيل التي رأت أن “الإصدار الجديد لنجوى بركات ‘غيبة مي’ غير منفصل عن منجزها الروائي السابق، من حيث متانة السرد وحداثته، ومن حيث انهماك الكاتبة بمعالجة قضايا اجتماعية تعكس واقع مدينة بيروت، وما أفرزته قساوة الحرب الأهلية من أزمات متتالية، بأسلوب روائي سلس.”

نجوى بركات روائية لبنانية تعتبر من أهم التجارب السردية العربية صدرت أغلب أعمالها عن دار الآداب
نجوى بركات روائية لبنانية تعتبر من أهم التجارب السردية العربية صدرت أغلب أعمالها عن دار الآداب

أما الدكتور جان جبور فرأى أنّ “رواية ‘غيبة مي’ تستكشف أسئلة الوجود والذاكرة، لكنّها في الوقت عينه رواية ملتبسة وغامضة، لامرأة عجوز تشارف على الثمانين، تعاني من ثقب في الذاكرة، ومن هذا الثقب تخرج وجوه مشوشة وأحداث غير مترابطة، تعكس طريقة الكاتبة في انتقائية الأحداث التي لا تحظى بالوزن السردي نفسه، الأمر الذي يضع القارئ أمام مهمة صعبة في تفكيك رموز الرواية، ويجعل من السيدة مي شخصية غامضة، متأرجحة بين الهروب والبحث عن الذات، وممزقة بين قيود المجتمع وصوتها الداخلي.”

الدكتورة وفاء الشعراني توقفت عند البعد الفلسفي لرواية “غيبة مي”، فرأت أنّ “نظرية الرواية تقوم برمتها على علاقة الجزأين من بناء الرواية، جزء ‘مي’، وجزء ‘هي’ في برزخ الذات والاستلاب،” وتساءلت: هل هي غيبة؟ أم استلاب للذات؟ ذلك أنّ المعالجة الروائية قد ضبطت تلك العلاقة المعقدة عبر المعاني والدلالات التي تعالج ذات “مي” الإنسان الفرد – الإنسان الجنس، ثم علاقتها بالرجل، وخوضها نار الحب ثم الزواج البارد، فالأسرة/ الأبناء، في سرد حر يعكس ديناميكية الرغبة الخفية الكامنة في اللاشعور، يُظهره الجزء الثاني من الرواية.

وبينت أن الجزء الثاني من الرواية يُماط فيه اللثام عن قوة إيروس، وهي القوة العظمى التي تتوسط المعرفة والجهل، بحسب أفلاطون والتي تُحرّك النفس إلى الخير، فكانت قد جمعت مي مع كائن أرادت الالتحام به في وحدة ارتقائية، تؤمّن لها استمراريتها، وتؤمن سبيل الوصول إلى الإشباع تحقيقًا للروح المطلق في الحرية والوعي.

واختتم اللقاء بمداخلات بين الحضور، ثم قدّم نادي قاف درعًا تكريمية لبركات تلاه توقيعها لعدد من إصداراتها الروائية إلى جانب رواية “غيبة مي”.

جدير بالذكر أن نجوى بركات عملت في مجال الصحافة المكتوبة في عدد من الصحف والمجلات العربية كما أعدت وقدمت برامج ثقافية أنتجها كل من راديو فرنسا الدولي، وبي بي سي، وقناة الجزيرة. وتقدم حاليا برنامج "مطالعات" على قناة "العربي ٢". وأقامت محترفات كتابية متنوعة في بلدان عربية وأوروبية، و اختيرت من قبل معهد جوته في الشرق الأوسط لتمثيل بلادها في إطار مشروع مداد. وأسست (محترف كيف تكتب رواية؟).

ومن أعمالها الروائية “المُحوّل”، 1986، “حياة وآلام حمد ابن سيلانة”، 1995، “باص الأوادم”، 1996، “يا سلام”، 1999، “لغة السر”، 2004.

13