نتنياهو يشن حملة على ماكرون بسبب نيته الاعتراف بفلسطين

القدس - في تصعيد حاد للخطاب، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أشار فيها إلى إمكانية اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية بحلول يونيو المقبل.
وصف نتنياهو، عبر منصة "إكس"، توجه ماكرون بأنه "خطأ جسيم"، مؤكدًا أن إسرائيل "لن تعرض وجودها للخطر من أجل أوهام بعيدة عن الواقع"، ولن تقبل "موعظة أخلاقية" بشأن إنشاء دولة فلسطينية تهدد وجودها.
ويأتي هذا الهجوم اللاذع بعد أيام قليلة من مقابلة تلفزيونية مع قناة "فرانس 5" لماكرون أوضح فيها أن فرنسا قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو، بالتوازي مع مساعيه لحث الدول المؤيدة للفلسطينيين على الاعتراف بإسرائيل، بهدف تحقيق "اعتراف متبادل" خلال مؤتمر فرنسي سعودي مشترك.
ورغم تأكيد ماكرون لاحقا على دعم فرنسا لـ"حل الدولتين" وضرورة وجود "دولة فلسطينية بدون حماس"، ودعوته لوقف فوري لإطلاق النار في غزة وإنهاء الحصار وتسهيل وصول المساعدات، إلا أن تصريحاته الأولية أثارت غضب نتنياهو.
ويُذكر أن نحو 150 دولة في الأمم المتحدة اعترفت بدولة فلسطين، لكن دولًا غربية رئيسية، بما فيها فرنسا حتى الآن، لم تحذُ حذوها. في المقابل، لا تعترف دول عربية وإسلامية أخرى بدولة إسرائيل. ويقوم "حل الدولتين" على إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، وهو حل يرفضه نتنياهو بشدة.
وكان البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قد صوت في يونيو الماضي على قرار برفض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن.
ووصف القرار إقامة دولة فلسطينية في أعقاب أحداث 7 أكتوبر بأنها "مكافأة للإرهاب"، معتبرا أن "مثل هذه المكافأة لن تؤدي إلا إلى تشجيع حركة حماس التي ستستخدم بعد ذلك فلسطين لشن هجمات على إسرائيل".
وتم التصويت على القرار بأغلبية 68 صوتا مقابل 9 أصوات. ويرى القرار أن إقامة دولة فلسطينية في "قلب أرض إسرائيل" من شأنه أن يشكل "خطرا وجوديا على دولة إسرائيل ومواطنيها". ويقول أيضا إن هذا من شأنه أن يديم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويزيد من زعزعة الاستقرار.
وفي خضم تعقيدات إقليمية ودولية جمة، يبرز إعلان ماكرون المحتمل عن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين كخطوة ذات دلالات عميقة على مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ورغم أن تأثيرها سيتضح تدريجيا، إلا أنها تحمل إمكانية تغيير الديناميكيات القائمة.
ومن المتوقع أن يمثل الاعتراف من قوة أوروبية ذات ثقل كفرنسا دعما قويا للجهود الفلسطينية نحو نيل الاعتراف الدولي الأوسع، وقد يشجع دولا أخرى، أوروبية وغير أوروبية، على السير على ذات النهج.
كما قد يزيد الاعتراف الفرنسي من عزلة إسرائيل الدولية بسبب سياساتها، ويضع ضغوطًا دبلوماسية عليها للانخراط في مفاوضات سلام جادة، وقد يساهم في تحويل الخطاب الدولي من "نزاع" إلى قضية "احتلال" وحقوق وطنية مشروعة للفلسطينيين، ما قد يمنح السلطة الفلسطينية دفعة معنوية وسياسية لتعزيز موقعها الدولي.
بالمقابل، من المتوقع رد فعل إسرائيلي حاد، بما في ذلك استدعاء السفراء وتصعيد اللهجة الدبلوماسية. كما أن تأثير الخطوة الفرنسية سيعتمد على ما إذا كانت ستحظى بدعم أوروبي أوسع، حيث أن الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي قد يحد من فعاليتها. ويظل موقف الولايات المتحدة حاسمًا، فبدون دعم واشنطن، قد يكون التأثير الاستراتيجي للاعتراف الفرنسي محدودًا.
يُضاف إلى ذلك، يمثل الانقسام الفلسطيني الداخلي تحديًا أمام استغلال أي اعتراف دولي لتحقيق مكاسب سياسية ملموسة. كما أن طبيعة الاعتراف الفرنسي (غير مشروط بحدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة، أم مشروط بمفاوضات) ستحدد قوته وتأثيره على المدى الطويل.