إيران تتمسك بالإطار غير المباشر للتفاوض مع بقاء الوساطة العمانية

طهران - تتواصل الجهود الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران للوصول إلى اتفاق نووي جديد، وإن كانت تسير في إطار "غير مباشر" وبوساطة سلطنة عمان.
وبينما تتصاعد التكهنات بشأن إمكانية تحقيق تقدم سريع، لا يزال مكان انعقاد الجولة المقبلة من هذه المحادثات غير محدد، على الرغم من الدور المحوري الذي تلعبه مسقط في تقريب وجهات النظر بين الطرفين المتباعدين.
وأعلنت إيران الأحد أن المحادثات المقبلة مع الولايات المتحدة والمقرر إجراؤها نهاية الأسبوع المقبل ستبقى "غير مباشرة" بوساطة عمانية، وستركز حصرا على الملف النووي ورفع العقوبات.
ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من إجراء البلدين مباحثات "بناءة" في مسقط بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث اتفق الطرفان على عقد لقاء جديد.
وترأس الوفد الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، وهو دبلوماسي متمرس وأحد مهندسي الاتفاق النووي الإيراني في 2015، فيما قاد مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستيف ويتكوف، وهو قطب عقارات، الوفد الأميركي. وقد التقى الرجلان وجها لوجه لوقت وجيز.
وتعقد جولة أخرى من المحادثات بين واشنطن وطهران السبت 19 أبريل.
وأفادت إيران بأنّ وزير الخارجية العماني بدرالبوسعيدي توسط في المحادثات الرفيعة المستوى في مسقط.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي "ستظل المفاوضات غير مباشرة. ستبقى عمان الوسيط لكننا نناقش مكان المفاوضات المقبلة". وأكد أن المحادثات ستركز فقط على "الملف النووي ورفع العقوبات".
وقال محللون إن الولايات المتحدة ستسعى جاهدة لإدراج برنامج الصواريخ البالستية الإيراني، إلى جانب دعم طهران لـ"محور المقاومة" على جدول الأعمال. مع ذلك، أكدت طهران أنها ستناقش فقط برنامجها النووي.
وهذه المحادثات هي الأعلى مستوى بهذا الشأن منذ أن انسحب ترامب خلال ولايته الأولى في 2018 من الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني المبرم العام 2015 بين إيران والقوى الكبرى مقابل رفع العقوبات عنها.
وعندما سُئل عن المحادثات، قال ترامب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية "أعتقد أنها تسير على ما يرام. لا شيء يهم حتى يتم إنجازه".
ووصف البيت الأبيض المحادثات بأنها "خطوة الى الأمام".
وكان الأميركيون دعوا إلى أن تكون الاجتماعات مباشرة وجها لوجه. ورغم ذلك، ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أن المفاوضين تحدثوا أيضا بشكل مباشر "بضع دقائق". وأضافت أن المحادثات عُقدت "في أجواء بنّاءة يسودها الاحترام المتبادل".
وقال وزير الخارجية العماني إن المناقشات جرت في "جو ودي" مشيرا إلى أن الهدف منها إبرام "اتفاق عادل وملزم".
وتأتي المحادثات بين الجانبين اللذين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ عقود، عقب تهديدات متكررة بشن عمل عسكري من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل على الجمهورية الإسلامية.
وتسعى إيران التي أضعفت حربان خاضتهما إسرائيل في قطاع غزة ولبنان حليفين رئيسيين لها هما حركة حماس وحزب الله، إلى تخفيف وطأة العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات طويلة والتي تخنق اقتصادها.
وفي المقابل تسعى الولايات المتحدة ومعها حليفتها إسرائيل عدوة طهران اللدودة، إلى الحؤول دون اقتراب إيران من امتلاك السلاح النووي.
ووافقت طهران على هذا الاجتماع رغم معارضتها سياسة "الضغوط القصوى" التي تنتهجها إدارة ترامب حيالها والتهديدات العسكرية المتكررة.
والأحد، رحبت وسائل الإعلام الإيرانية على نطاق واسع بالمحادثات النادرة، واعتبرتها "نقطة تحول حاسمة" في العلاقات بين الخصمين اللدودين.
وأشادت صحيفة "جافان" الإيرانية المحافظة بالولايات المتحدة "لعدم سعيها لتوسيع نطاق المفاوضات لتشمل قضايا غير نووية".
ووصفت صحيفة "إيران" الحكومية المناقشات بأنها "بناءة ومحترمة"، نقلا عن عراقجي.
ورأت صحيفة "شرق" الإصلاحية أن المحادثات تشكل "نقطة تحول حاسمة" في العلاقات الإيرانية الأميركية.
وأعربت صحيفة "كيهان" المتشددة والتي اعربت عن شكوكها في الأيام التي سبقت المحادثات، عن أسفها لعدم امتلاك إيران "خطة بديلة" في ظل "غياب أي احتمال واضح للتوصل إلى اتفاق مع دونالد ترامب".
مع ذلك، أشادت الصحيفة بعدم طرح الجانب الأميركي خلال المناقشات مسألة "تفكيك المنشآت النووية" و"احتمال شن هجوم عسكري".
وعلى الصعيد الإقليمي، لاقت هذه المحادثات النادرة ترحيبا واسعا، حيث أعربت دول ومنظمات عربية بارزة، بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين والأردن والعراق ومصر ومجلس التعاون الخليجي، عن تقديرها لجهود سلطنة عمان في استضافة هذه المباحثات والتوسط بين الطرفين، معربة عن تطلعها إلى أن تسهم هذه الجهود في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وقد أشادت هذه الدول بالجهود العمانية في الوساطة وأكدت على أهمية الحوار لحل الخلافات الإقليمية والدولية.
وكان اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن بعد ثلاث سنوات يهدف إلى الحؤول دون امتلاك إيران السلاح الذري. وتؤكد طهران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط.
وبعد انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجيا، وشهد برنامجها النووي تطورات ملحوظة، بما في ذلك رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 60 بالمئة، وهي خطوة تقنية تقترب من المستويات اللازمة لتصنيع الأسلحة النووية.