دماء الساحل السوري تلاحق الشرع ووزرائه أمام محاكم باريس

النيابة العامة الفرنسية تتسلم دعوى تتهم رئيس سوريا المؤقت وبعض وزرائه بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي بناء على طلب التجمع الفرنسي-العلوي.
السبت 2025/04/12
اتهام الحكومة السورية بقتل 2500 مدني علوي في أكثر من 50 مجزرة

باريس - أعلنت النيابة العامة في باريس الجمعة عن استلام دعوى قضائية تتهم رئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وعددا من وزرائه بارتكاب جرائم خطيرة تشمل "الإبادة الجماعية والتطهير العرقي" وجرائم ضد الإنسانية، وذلك على خلفية الأحداث التي عرفت باسم "مجازر الساحل"، في تطور غير مسبوق يسلط الضوء على جهود محاسبة المسؤولين عن الفظائع المرتكبة ضد الطائفة العلوية.

وقد تقدم بالدعوى المحامي بيدرو أندروجار نيابة عن "التجمع الفرنسي-العلوي"، وفقًا للمذكرة القضائية التي نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان أبرز تفاصيلها. ويسعى الضحايا وأسرهم من خلال هذا التحرك القانوني في فرنسا إلى تحقيق العدالة التي قد لا تكون متاحة داخل سوريا في ظل الظروف الراهنة.

وأشار المرصد إلى أن "مجازر الساحل" وقعت إثر "هجوم إرهابي" نفذته مجموعات مسلحة ممولة من رجل أعمال سوري مقيم في روسيا في السادس من مارس، استهدف حواجز تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع، الأمر الذي قوبل بإعلان "النفير العام" للانتقام من الطائفة العلوية.

وذكرت المذكرة أن الحكومة السورية بقيادة الشرع نفذت "حملة ممنهجة ضد أبناء الطائفة العلوية". وشملت قائمة المتهمين، بالإضافة إلى الشرع، وزير الدفاع مرهف أبوقصرة، ووزير الداخلية أنس خطاب، وقائد الفرقة 25، محمد الجاسم المعروف باسم "أبوعمشة".

ويتهم التجمع الحكومة السورية بارتكاب ما يزيد عن 50 مجزرة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 2500 مدني من الطائفة العلوية، بالإضافة إلى ضحايا من عائلات مسيحية وسنية.

كما تتضمن الاتهامات قيام القوات بارتكاب "اغتصاب وقتل وإحراق منازل"، فضلاً عن رفض إصدار شهادات وفاة للضحايا وعمليات تهجير قسري تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي وطائفي في المنطقة. وهذه التفاصيل تزيد من خطورة الاتهامات وتستدعي مساءلة المسؤولين.

وطالبت الدعوى بوقف فوري للأعمال العدائية، وانسحاب الفصائل المسلحة من مناطق الساحل السوري، والإفراج عن المعتقلين، خاصة من أبناء الطائفة العلوية، وفتح تحقيق دولي نزيه لتوثيق الجرائم وتصنيفها كجرائم ضد الإنسانية، وإرسال بعثة مراقبة دولية وخبراء حقوقيين مستقلين إلى المناطق المتضررة.

ويكتسب هذا التحرك القضائي أهمية خاصة كونه الأول من نوعه في فرنسا ضد أحمد الشرع وحكومته. ويأتي في وقت يستعد فيه "التجمع الفرنسي-العلوي" لتنظيم وقفة احتجاجية اليوم السبت أمام قصر العدل في باريس للمطالبة بتحقيق العدالة وكشف الحقيقة في المجازر التي وقعت في الساحل السوري بين 7 و9 مارس الماضي.

ويأتي التحرك القضائي في سياق سياسي متغير بعد سيطرة قوات المعارضة على دمشق وفرار الرئيس بشار الأسد، مما قد يفتح آفاقا جديدة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات واسعة النطاق التي وقعت خلال فترة حكم الأسد وما تلاها.

وكانت الحكومة السورية المؤقتة قد أبدت استعدادها للتحقيق في الأحداث، لكنها قدمت رواية مختلفة تلقي باللوم على "فلول النظام البائد". ويأتي هذا التطور بعد أن أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا وصفَت فيه الأحداث بأنها "جرائم حرب"، مستندة إلى أدلة مرئية وشهادات شهود عيان.

ويأتي ذلك بعد أن أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا وصفَت فيه الأحداث بأنها "جرائم حرب"، مستندة إلى أدلة مرئية وشهادات شهود عيان.

وشكلت السلطات السورية "اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق"، لكن التحرك القضائي في باريس يشير إلى سعي الضحايا للحصول على العدالة خارج الإطار المحلي. وتشير الشهادات والتقارير إلى ارتكاب فظائع بحق المدنيين، حيث تم استهدافهم على أساس الهوية الطائفية، مما يستدعي تحقيقا دوليا شفافا ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم المروعة.

وشهدت منطقة الساحل، خاصة يومي 7 و8 مارس الماضي، أعمال عنف اتهمت السلطات حينها مسلحين موالين للرئيس بشار الأسد بإشعالها عبر شن هجمات دامية على عناصرها.

وعلى إثرها، أرسلت السلطات تعزيزات عسكرية ووصلت مجموعات رديفة إلى المنطقة، وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن ارتكاب مسلحين مجازر وعمليات "إعدام ميدانية" أسفرت عن مقتل نحو 1700 مدني غالبيتهم الساحقة من الأقلية العلوية، حيث قضت عائلات بأكملها، بما فيها نساء وأطفال ومسنون.

واقتحم مسلحون منازل وسألوا قاطنيها عن إن كانوا علويين أو سنة، قبل قتلهم أو العفو عنهم، وفق شهادات ناجين ومنظمات حقوقية ودولية.