أردوغان يدعم وضع الشرع إقليميا بالإشارة إلى استهدافه إسرائيليا

أنطاليا (تركيا) - سعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استغلال فرصة عقد منتدى أنطاليا الدبلوماسي لفتح الطريق أمام الرئيس السوري أحمد الشرع للقاء عدد من الشخصيات الحاضرة في سياق دعم وضعه إقليميا ودوليا، بالإشارة إلى استهدافه إسرائيليا من خلال قصف مطارات ومواقع سورية باستمرار.
ومن المهم لأردوغان أن يصبح الشرع شخصية حاضرة في المنطقة، ما يمثل تأكيدا على نجاح خطط تركيا في استبدال الرئيس السوري بشار الأسد بشخصية براغماتية وهادئة يمكنها أن تبني علاقات إيجابية مع دول الإقليم. وقد يكون المنتدى التركي وقبله زيارات الشرع الإقليمية فرصة تمكنه من أن يتحرك في مساحة سياسية ودبلوماسية أوسع باتجاه دول الخليج المؤثرة، خصوصا السعودية والإمارات.
ويعرف السعوديون والإماراتيون حساسية الوضع مع إسرائيل، وضرورة البحث عن صيغة أو تحرك يساعدان على وقف الاستهداف المتواصل لسوريا، خاصة أن الشرع يؤكد أنه لا يريد الدخول في صراع مع إسرائيل. كما يأمل بعض المسؤولين السوريين في التوصل إلى اتفاق بين دمشق وتل أبيب.
ولهذا أبدى الإماراتيون تجاوبا والتقى وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر. ومن المؤكد أن موضوع سوريا كان حاضرا على جدول الأعمال.
◙ إثارة أردوغان موضوع التدخل الإسرائيلي باستمرار يصب في صالح الشرع ويمكن أن يخفف عنه الضغوط الإسرائيلية
وإذا كان ما رشح قبل أسبوع صحيحا، فإن الشرع سيزور أبوظبي، وهو ما يزيد من حظوظه الإقليمية. ويمكن أن تقوم الإمارات بتهدئة التصعيد السوري – الإسرائيلي بنقل وجهة نظر الشرع إلى الإسرائيليين بشأن عدم الرغبة في الصدام مع إسرائيل والتفرغ لمعالجة القضايا الداخلية في سوريا، وهي قضايا تحتاج إلى وقت وتركيز ودعم إقليمي.
وقالت وزارة الخارجية السورية الأحد الماضي إن الرئيس الشرع سيقوم بأول زيارة له إلى الإمارات في الأسبوع المقبل. وستكون الإمارات الدولة الخليجية الثانية التي يزورها الشرع بعد أن زار السعودية في فبراير، في أول رحلة خارجية له منذ توليه الرئاسة في يناير.
تجد مساعي أردوغان لتأهيل الشرع إقليميا دعم دول الخليج التي تدعم استقرار سوريا لاعتبارات تتعلق بأمن المنطقة وبالعلاقة التاريخية مع السوريين، الذين يعمل مئات الآلاف منهم في الخليج.
ويعرف أردوغان أن السعوديين والإماراتيين ليسوا بصدد الدخول في أزمة معه بسبب سوريا والشرع، بل العكس، قد تكون سوريا نقطة تلاق جديدة تسخرها الأطراف لصالحها، كل حسب ما يراه مناسبا له.
ويعمل الشرع وأعضاء آخرون في القيادة السورية الجديدة على تعزيز العلاقات مع القادة العرب، وخاصة دول الخليج التي يمكن الانفتاح عليها عبر فتح الباب أمام دعم استثماري ومالي يساعد دمشق على الخروج من الأزمة.
وبعد سقوط الأسد قدمت تركيا دعمها الكامل للإدارة السورية الجديدة، وعرضت المساعدة العملانية والعسكرية لدعم الاستقرار في سوريا. كما تتحرك أنقرة للتوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل بوساطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف استهداف المواقع الحيوية في سوريا، خاصة المطارات.
ويقول مراقبون إن إثارة أردوغان موضوع التدخل الإسرائيلي باستمرار يصب في صالح الشرع ويمكن أن يخفف عنه الضغوط الإسرائيلية، خاصة إذا كان الأمر مدعوما بتحرك خليجي بالتزامن مع دعم أميركي. وطرح ترامب الاثنين نفسه كوسيط بين إسرائيل وتركيا لـ”إيجاد حل” للتوترات بينهما بشأن سوريا، حيث تتنازع الدولتان بسط نفوذهما.
وأشاد ترامب خلال حديثه مع صحافيين في البيت الأبيض، وإلى جانبه حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بـ”علاقاته الممتازة” مع أردوغان، معتبرا أن ذلك يمهد الطريق أمامه لإجراء مفاوضات، وهو موقف من شأنه أن يساعد في التوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل بشأن الملف السوري.
وفي الأثناء أعرب نتنياهو عن مخاوف إسرائيل بشأن النفوذ التركي في سوريا، مثنيا على الرئيس الأميركي كوسيط. وقال “لدينا علاقات ودية مع تركيا تدهورت، ولا نريد أن نرى سوريا تُستخدم من قبل أي جهة، بما في ذلك تركيا، كقاعدة لشن هجمات على إسرائيل.”
◙ من المهم لأردوغان أن يصبح الشرع شخصية حاضرة في المنطقة، ما يمثل تأكيدا على نجاح خطط تركيا في استبدال الأسد
وأثار النفوذ التركي على السلطات السورية الجديدة قلق إسرائيل التي قامت بشن غارات جوية وتوغلات برية في جنوب سوريا لإبعاد القوات الحكومية عن حدودها. وأكد أردوغان خلال لقائه الشرع على هامش المنتدى أن بلاده ستواصل جهودها الدبلوماسية لرفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا.
وقال الرئيس التركي في كلمته بالمنتدى “نحن في حوار وثيق وتفاهم مع الجهات الفاعلة صاحبة النفوذ في المنطقة، لاسيما ترامب و(فلاديمير) بوتين للحفاظ على وحدة أراضي سوريا.”
وعقد الشرع الجمعة سلسلة من اللقاءات على هامش منتدى أنطاليا؛ حيث التقى بصحبة وزير الخارجية أسعد الشيباني الرئيس التركي ووزير الخارجية هاكان فيدان. كما التقى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
ووفق بيان لوزارة الخارجية السورية “جرى خلال الاجتماع استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، وآخر التطورات في سوريا، ودعم دولة قطر لسوريا في مجال الطاقة، بالإضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.”
كما عقد الشرع لقاءات منفصلة مع كل من رئيس أذربيجان إلهام علييف، ورئيسة كوسوفو فيوزا عثماني، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة.