الأردن أمام حتمية استيعاب تأثير رسوم ترامب على صادراته

برنامج كويز قد يسهم في امتصاص جزء من المشكلة.
السبت 2025/04/12
الإنتاج لن يتوقف مهما كانت الظروف

أحدثت عاصفة الرسوم الأميركية الشاملة صدمة في الأردن كغيره من دول العالم حتى مع إعلان تأجيل تطبيقها 90 يوما، لكن الخطوة حركت المياه الراكدة ودفعت كل دولة إلى التفكير في مواجهة الوضع الجديد، بما في ذلك السلطات في عمّان التي تجد نفسها أمام حتمية استيعاب هذه المشكلة.

عمّان - أثار فرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 20 في المئة قلق المصنعين والمصدرين في الأردن، الذي تربطه بالولايات المتحدة اتفاقية تجارة حرة، فيما ظل الموقف الرسمي هادئا يتابع التطورات أولا بأول.

وتعد الولايات المتحدة سوقا رئيسية للصادرات الأردنية، حيث تجاوزت قيمتها ثلاثة مليارات دولار، وفق التقديرات الرسمية.

وتتنوع الصادرات بين الألبسة وتوابعها وأيضا الحلي والمجوهرات والأسمدة والمحضرات الصيدلانية وخدمات تكنولوجيا المعلومات والمواد الغذائية والمنتجات الحيوانية الحية والصناعات الهندسية.

في المقابل تشمل الواردات المنتجات المعدنية وكذلك معدات النقل والآلات والأجهزة الكهربائية والحبوب والمنتجات الكيماوية والأجهزة الطبية ومنتجات صناعة الأغذية والمنتجات الحيوانية والأثاث والمصنوعات الحديدية وغيرها.

وأكد وزير الصناعة والتجارة والتموين يعرب القضاة أن “نظام الرسوم الأميركية الجديد هو سياسة جمركية على الواردات إلى السوق الأميركية من العديد من دول العالم، وهي سياسة عالمية ولا تستهدف الأردن فقط.”

ينال البرماوي: لدى الأردن الأدوات والخيارات لتجاوز أي صعوبات
ينال البرماوي: لدى الأردن الأدوات والخيارات لتجاوز أي صعوبات

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن القضاة قوله إن رغم التأثيرات المتوقعة على الصادرات الأردنية فإن “الحكومة بدأت ببحث حلول وسبل لتعزيز تنافسية القطاعات الاقتصادية المعنية على إثر القرارات الأميركية الأخيرة.”

وأضاف “نسعى إلى إيجاد حلول لأي تحديات لما فيه مصلحة الجميع والحفاظ على تنافسية الصادرات والعلاقات الإستراتيجية الاقتصادية مع الولايات المتحدة.”

وأكد المتحدث باسم الوزارة ينال البرماوي في رد على أسئلة لرويترز أن الاقتصاد لديه مجموعة من الأدوات والخيارات لتجاوز أي صعوبات قد تحدث، سواء من خلال دعم القطاع الصناعي أو تنويع الأسواق، أو تعزيز السوق المحلية.

وتعززت العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ باتفاقية التجارة الحرة التي دخلت حيز التنفيذ في منتصف ديسمبر 2001، وألغت الرسوم الجمركية مطلع عام 2010.

وبالإضافة إلى ذلك، يسمح برنامج المناطق الصناعية المؤهلة (كويز)، الذي أُنشئ عام 1996، للمنتجات ذات المحتوى الإسرائيلي المحدد بدخول الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية إذا صُنعت في الأردن أو مصر أو الضفة الغربية وغزة.

واعتبارا من أغسطس 2015، بلغ عدد المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن 13 منطقة، تُصدر سلعا بقيمة مليار دولار تقريبا إلى الولايات المتحدة.

ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري أن تأثير الرسوم التي رافقت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثار كثيرا من النقاش في الأردن، لكنه يعتقد أن التداعيات المحتملة تظل في إطار التوقعات النظرية.

وقال لرويترز “من المحتمل تراجع الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة والتي تشكل السوق الأميركية وجهتها الأساسية بنسبة تصل إلى ربع الصادرات الوطنية، ومعظمها من الملابس والمنسوجات.”

وتختلف وجهة نظر الحموري عن آراء أخرى بالغت في تصوير حجم الأثر المحتمل للقرار، إذ يرى أن “الآثار لن تكون كبيرة خاصة إذا بدأت الحكومة بالبحث عن أسواق بديلة، رغم أن الأمر يخص القطاع الخاص والشركات التي تعرف مصلحتها جيدا وستسعى بدورها لإيجاد حلول بديلة.”

3

مليارات دولار صادرات الأردن إلى السوق الأميركية تشمل الألبسة والحلي والأسمدة وغيرها

وقال إيهاب القادري، ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن، إن “اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة بدأت عام 2000، وفي عام 2010 دخلت حيز التنفيذ بشكل كامل.”

وأضاف أن “صادرات الأردن إلى الولايات المتحدة كانت تقدر بعدة ملايين فقط، أما اليوم فقد وصلت إلى حوالي 2.2 مليار دينار (3.1 مليار دولار).”

وأشار إلى أن “قطاع الألبسة وحده يشكل ما يقارب 1.5 مليار دينار (2.13 مليار دولار) من هذه الصادرات، يليه قطاع الحلي والمجوهرات، ثم قطاعات أخرى مثل الأسمدة والصناعات الهندسية وبعض المواد الغذائية.”

وأكد لرويترز أن آليات تنفيذ وتطبيق القرار الأخير المتعلق بالرسوم الجمركية “ما زالت غير واضحة، وبالتالي فإن تقييم الأثر الاقتصادي لهذا القرار يتطلب وقتا حتى تتضح تفاصيل التنفيذ.”

لكنه أبدى اطمئنانه تجاه النهج الذي تتبعه غرفة صناعة الأردن والحكومة بشأن الصادرات من حيث تنويع السلع والأسواق، وفتح آفاق جديدة، وتوقيع اتفاقيات تجارة حرة، والمشاركة في المعارض الدولية، وتنظيم لقاءات عمل ثنائية مع دول أوروبية وأفريقية ودول الجوار.

وأوضح أن هذا النهج كان معتمدا منذ فترة، وليس رد فعل على التطورات الأخيرة فقط، لكنه جزء من إستراتيجية طويلة الأمد لتعزيز قدرة القطاع الصناعي الأردني على المنافسة عالميا.

أما نقيب تجار الحلي والمجوهرات ربحي علان فيرى أنه لا توجد حلول فورية لعلاج مسألة الرسوم الجديدة إذ لا تزال المفاوضات جارية بين الولايات المتحدة ودول العالم، ومن ضمنها الأردن، لتعديل أو إلغاء الرسوم وهو ما قد يستغرق وقتا.

وتبلغ قيمة صادرات الأردن من الحلي والمجوهرات للسوق الأميركية نحو 1.16 مليار دولار، بحسب الإحصائيات الرسمية.

وقال علان لرويترز “الأردن من البلدان التي تصدر المصاغات الذهبية للولايات المتحدة.. وطبعا، في حال تثبيت الرسوم بنسبة 20 في المئة سيتأثر أو حتى يتوقف تصدير المصاغ الذهبي للولايات المتحدة على المدى القريب.”

وأضاف “طبعا لا توجد حلول آنية، إلا أن نرى الأسواق العربية واستخدام اتفاقية جامعة الدول العربية في التعامل مع الدول العربية الشقيقة، سواء في الخليج العربي أو في دول المغرب العربي.”

قاسم الحموري: التداعيات المحتملة تظل في إطار التوقعات النظرية
قاسم الحموري: التداعيات المحتملة تظل في إطار التوقعات النظرية

ويمثل قطاع الصناعات الغذائية ضلعا مؤثرا في الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة لذلك كان لإعلان قرار الرسوم الأميركية صدى واسع نظرا لحساسية عناصر ومكونات هذا القطاع.

وقال محمد الجيطان، ممثل قطاع الصناعات الغذائية والتموينية والزراعية والثروة الحيوانية في غرفة صناعة الأردن، إن الولايات المتحدة تُعد الوجهة الأولى للصادرات الأردنية، بما يعادل ربع إجمالي الصادرات الوطنية، وهو ما يعكس مستوى عاليا من الاعتماد على هذا السوق.

ويجعل هذا الاعتماد الاقتصاد الأردني عرضة بشكل مباشر لأي تغييرات أو قيود تفرضها الولايات المتحدة، ما قد يؤدي إلى تباطؤ في نمو القطاعات الصناعية المختلفة، ويمتد تأثيره ليشمل العمالة، وسلاسل التوريد، ومعدلات التشغيل، وحتى ميزان المدفوعات.

وأشار إلى أن صادرات الأردن من المواد الغذائية إلى السوق الأميركية تبلغ ما يقارب 50 مليون دينار أردني، وهي تمثل جزءا مهما من صادرات القطاع، ما يجعل من الضروري مراقبة أي أثر محتمل لهذه الرسوم على الصناعات الغذائية تحديدا.

وتتوقع الدراسات الأولية أن يكون التأثير على الأردن محدودا نسبيا في ظل فرض رسوم جمركية على بعض الدول المنافسة أيضا.

إلا أن الجيطان يرى أن “المطلوب في هذه المرحلة هو تحرك سريع من الحكومة الأردنية لبدء حوار مباشر مع الجانب الأميركي بهدف التخفيف من أثر هذه الرسوم، والسعي إلى استثناء بعض المنتجات الأردنية منها، وإزالة أي معيقات تواجه التبادل التجاري المشترك.”

وأكد على أهمية أن تتضمن الاستجابة، حال تأثرت الصناعات، برامج داعمة تضمن استدامة الصادرات الصناعية وتنافسيتها عالميا، إلى جانب وضع حلول حقيقية لتنويع الأسواق والمنتجات، بما يعزز من قدرة قطاع الصناعة على التأقلم مع المتغيرات الدولية.

11