الرياض - دشنت تسلا عملياتها في السعودية مساء الخميس الماضي، في إشارة إلى إصلاح إيلون ماسك الرئيس التنفيذي للشركة علاقاته مع البلد الخليجي ومضي الحكومة في سياسة طموحة للسيارات الكهربائية.

وهيمنت سيارة سايبرترك وسيارة موديل واي المعاد تصميمها على ساحة مليئة بأشجار النخيل مع افتتاح ثلاث صالات عرض مؤقتة في الرياض وجدة والدمام، وتدشين أولى محطات الشحن السريع بالبلاد.

وجرب حشد صغير السيارتين وذلك خلال عرض على شاشة فيديو ضخمة في الهواء الطلق أظهر سايبرترك وهي تجوب صحراء مخلفة وراءها أعمدة من الرمال.

ويمثل الرهان على السيارات النظيفة وتكنولوجيا البطاريات تحديا للسعودية وصندوق الثروة السيادي المُكلّف بقيادة خطط تنويع الاستثمارات في مجالات مختلفة تشمل قطاع السيارات والطاقة النظيفة والتكنولوجيا وغيرها.

وتحتاج تسلا إلى زبائن جدد، فعلى الصعيد العالمي سجلت انخفاضا بنسبة 13 في المئة في مبيعات الربع الأول من عام 2025، وهو أضعف أداء لها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

وكانت هذه النتائج مدفوعة بردود الفعل العنيفة على دور ماسك في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمنافسة المتزايدة وتقادم مجموعة منتجاتها بخلاف السيارة موديل واي المحدثة.

وتهدف السعودية، وهي مستثمر رئيسي في شركة لوسيد المنافسة لتسلا، إلى تبني استخدام هذه النوعية من المركبات بنسبة 30 في المئة بعد خمس سنوات من الآن، وذلك مقابل حوالي واحد في المئة العام الماضي.

ودخل ماسك في عداء رفيع المستوى مع صندوق الثروة السعودي بشأن استثمار محتمل منذ ما يقرب من عقد من الزمن، لكن علاقته مع المسؤولين السعوديين تحسنت منذ توليه دورا بارزا في الحملة الانتخابية لترامب وفي إدارته.

ووصف المسؤولون التنفيذيون المحليون في تسلا خلال حفل التدشين خططا للسماح بطلب السيارات عبر الإنترنت وفتح متاجر مؤقتة في مراكز التسوق وإنشاء محطات فائقة (سوبرتشارجر) ومراكز خدمة، لكن ماسك لم يظهر في موقع التدشين أو عبر تقنية الفيديو.

وقال محمد أسامة المعجب بمنتجات تسلا لرويترز “بصراحة أشعر بخيبة أمل كبيرة لعدم تمكني من رؤيته (ماسك)،” وذكر أنه “محب” لسيارة سايبرترك. وأضاف “كنت قريبا جدا من المسرح، لكنه لم يأت للأسف.”

وأمام السعودية طريق طويل لتحقيق أهدافها في مجال السيارات الكهربائية، فالطريق السريع الرئيسي الذي يربط بين شرق المملكة وغربها لا توجد فيه محطة شحن واحدة على امتداد 900 كيلومتر تصل الرياض بمكة المكرمة.

وأظهرت بيانات من منصة ستاتيستا لجمع البيانات، استنادا إلى بيانات من موقع إلكترومابس الإلكتروني لرصد محطات الشحن، أن السعودية في 2024 كانت لديها 101 محطة شحن للسيارات الكهربائية فقط.

في المقابل لدى الشركة الأميركية 261 محطة في الإمارات التي يبلغ عدد سكانها ثلث عدد سكان السعودية. وتخطط تسلا لإنشاء محطات شحن لأول مرة في ثلاث مدن.

وشهدت مبيعات السيارات الكهربائية تباطؤًا في البلد الخليجي، حيث أشار تقرير صادر عن شركة الاستشارات بي.واي.سي لعام 2024 إلى أنها لا تمثل سوى واحد في المئة من إجمالي مبيعات السيارات.

ورغم التحديات يبدو المشهد واعدا، فقد أشارت دراسة سابقة لبي.دبليو.سي إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية قد تنمو إلى 65 في المئة بحلول 2035.

واستثمر صندوق الثروة، الذي تبلغ قيمته 925 مليار دولار، في علامة تجارية محلية للسيارات الكهربائية لم تُطرح بعد، وهي سير.

وفي نوفمبر 2022 أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سير، أول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية، والتي ستسهم في الناتج المحلي بنحو 8 مليارات دولار سنويا.

وسير عبارة عن مشروع مشترك بين صندوق الثروة وشركة هون هاي التايوانية للصناعات الدقيقة (فوكسكون)، حيث حصلت على تراخيص تقنية المكونات المتعلقة بالسيارات الكهربائية من شركة بي.أم.دبليو الألمانية لاستخدامها في تطوير المركبات.

وثمة عامل خارجي يلعب دورا في تسريع انتشار السيارات الكهربائية في السعودية يتمثل في الطرازات الصينية، حيث تبحث الشركات عن أسواق لتعزيز مبيعاتها خاصة في الشرق الأوسط، وسط الحرب التجارية الدائرة في هذا القطاع بين بكين والغرب.

وتملك علامات تجارية منافسة لتسلا تصنع السيارات الكهربائية، مثل بي.واي.دي وزيكر الصينيتين إلى جانب لوسيد المدعومة من صندوق الثروة، مواقع بالفعل داخل السعودية.

وبدأ العداء بين ماسك ومحافظ صندوق الثروة ياسر الرميان عندما كتب ماسك تغريدة في 2018 جاء فيها أنه “حصل على تمويل مضمون” لخصخصة تسلا بعد اجتماع مع الصندوق.

وأدى ذلك إلى رفع المستثمرين دعوى قضائية بعد عدم تحقق العرض. وأظهرت وثائق قضائية أن ماسك كتب في رسالة نصية إلى ياسر الرميان “أنت تضحي بي.”

وبعد فترة وجيزة من الانتخابات الرئاسية الأميركي جرى تصوير ترامب والرميان وماسك معا وهم جالسون في مقاعد قريبة من الحلبة في إحدى فعاليات بطولة يو.أف.سي، في إشارة مبكرة إلى تحسن العلاقات.