واشنطن تترك لإيران تحديد رسالة قاذفات بي-2 قبل المحادثات النووية

بنما سيتي - أكد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أن إيران هي من يقرر ما إذا كانت الخطوة الأمريكية الأخيرة بنشر قاذفات بي-2 في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي رسالة إلى طهران، معبرا عن أمله في أن تفضي المفاوضات الأميركية الإيرانية بشأن برنامج طهران النووي إلى حل سلمي.
ونقلت واشنطن ما يصل إلى ست قاذفات بي-2 في مارس الماضي إلى قاعدة عسكرية أميركية بريطانية في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، وسط حملة قصف أميركية في اليمن وتصاعد التوتر مع إيران، وفق ما أكد مسؤولون أميركيون لرويترز.
ولا يوجد سوى 20 قاذفة من هذا النوع في مخزون سلاح الجو الأميركي. وتتميز الطائرة بقدرات التخفي من أجهزة الرادار وحمل أثقل القنابل الأميركية وأسلحة نووية.
وعندما سُئل عما إذا كان الهدف من نشر القاذفات هو توجيه رسالة إلى إيران، قال هيغسيث "سنترك لهم القرار...إنها من الأصول العظيمة... إنها تبعث برسالة للجميع".
وأضاف خلال زيارة إلى بنما "كان الرئيس ترامب واضحا... لا ينبغي لإيران امتلاك قنبلة نووية. نأمل بشدة أن يركز الرئيس على تحقيق ذلك سلميا".
ويأتي هذا الانتشار العسكري في وقت جدد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداته باستخدام القوة العسكرية ضد إيران إذا لم توافق على إنهاء برنامجها النووي وقال إن إسرائيل ستلعب دورا رئيسيا في ذلك.
وشدد ترامب على أنه "لا يمكن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي"، مشيرا إلى أنه في حال رفضت طهران وقف جهود التطوير، فإن ذلك قد يعقبه عمل عسكري.
وقال ترامب للصحافيين بعد توقيع عدة أوامر تنفيذية في البيت الأبيض "أنا لا أطلب الكثير... لكن لا يمكن لهم امتلاك سلاح نووي". وأضاف "إن تطلب الأمر تدخلا عسكريا، فسنفعل".
ورغم إحجامه عن تحديد موعد محتمل لأي عمل عسكري، أوضح قائلا "لكن عندما نبدأ المحادثات، سنعرف إن كانت تسير على ما يُرام أم لا".
وردا على تهديدات ترامب، قال مستشار للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي على إكس اليوم الخميس إن بلاده قد تطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أو تنقل المواد المخصبة إلى مواقع غير معلنة إذا تعرضت لهجوم عسكري أو تواصلت بحقها التهديدات الخارجية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن بشكل مفاجئ الاثنين أن الولايات المتحدة وإيران ستخوضان محادثات مباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني السبت، محذرا من أن الجمهورية الإسلامية ستكون في "خطر كبير" إذا لم تنجح المحادثات.
وعلى الرغم من استخدام قاذفات بي-2 لضرب أهداف الحوثيين في اليمن سابقا، إلا أن معظم الخبراء يرون أن استخدام هذه القاذفة الشبحية مبالغ فيه هناك.
والطائرة بي-2 مجهزة لحمل قنابل جي.بي.يو-57 الضخمة التي تزن 30 ألف رطل ومصممة لتدمير أهداف في أعماق الأرض.
ويقول خبراء إن هذا هو السلاح الذي يمكن استخدامه لضرب البرنامج النووي الإيراني.
وكانت الولايات المتحدة قد أجرت محادثات غير مباشرة مع إيران خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، لكنها لم تُحرز تقدما يُذكر.
وآخر مفاوضات مباشرة معروفة بين البلدين، كانت في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي قاد الاتفاق النووي الدولي لعام 2015 لكن ترامب انسحب منه لاحقا.
وخلال فترة ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021، انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي صُمم للحد من أنشطة إيران النووية الحساسة مقابل تخفيف العقوبات. كما أعاد فرض عقوبات أميركية شاملة.
ومنذ ذلك الحين، تجاوزت إيران حدود الاتفاق فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
وتتهم القوى الغربية إيران بتنفيذ أجندة سرية لتطوير قدرات صنع أسلحة نووية من خلال تخصيب اليورانيوم إلى مستوى نقاء أكبر من المعدل المطلوب لبرنامج مدني للطاقة الذرية.
وتؤكد طهران أن برنامجها النووي مخصص بالكامل لأغراض مدنية.
ويمثل نشر قاذفات "بي-2" في دييغو غارسيا خطوة تصعيدية تحمل في طياتها رسالة ردع واضحة لإيران، حتى وإن ترك وزير الدفاع الأميركي تفسير هذه الرسالة لطهران نفسها.
وتزامن هذا التحرك العسكري مع الإعلان عن محادثات مباشرة، مما يشير إلى استراتيجية أميركية تجمع بين الضغط العسكري والدبلوماسية.
وفي المقابل، ترفض السلطات الإيرانية التفاوض تحت التهديد، حيث أصدر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي توجيهات بمنع التفاوض مع واشنطن في ظل التهديدات الأمريكية المستمرة.
وقد عزز الجيش الإيراني والحرس الثوري من استعداداتهما العسكرية جنوب البلاد تحسبا لأي هجمات محتملة، بينما دعا بعض المسؤولين والنواب إلى تغيير العقيدة العسكرية للبلاد والعمل على امتلاك أسلحة نووية لردع الإدارة الأميركية. كما لا تستبعد طهران احتمال مشاركة إسرائيل في أي عمل عسكري محتمل يستهدف مواقعها النووية في حال فشلت المفاوضات.
وينتظر ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى تغيير في موقف إيران بشأن برنامجها النووي، أم أنها ستزيد من حدة التوتر في المنطقة. وستكون نتائج المحادثات المباشرة المرتقبة حاسمة في تحديد مسار الأزمة ومستقبل العلاقات بين واشنطن وطهران.