البرامج الرياضية العراقية في مرمى الانتقادات.. صراع يغذي التعصب والفرقة

الإعلام الرياضي في العراق يفتقد لمنهجيات وخطوط تحريرية واضحة.
الخميس 2025/04/10
صراعات وتشنجات داخل الأستوديوهات

بغداد - تحولت البرامج الرياضية في الإعلام العراقي إلى ساحة للصراع ومركز لخطاب انفعالي وحملات تخوين بين اللاعبين والإداريين والمدربين، مع تغييب الوعي وثقافة التحليل والنقد البنّاء.

وتتواصل الانتقادات للإعلام الرياضي العراقي على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتهم ناشطون مقدمي البرامج والمحللين وبعض اللاعبين العراقيين القدامى بالتسبب في تراجع المنتخب العراقي.

ووفقاً للناشطين أصبحت بعض هذه البرامج أدوات إثارة وصراع من أجل جذب المشاهدات، وسط تزايد مناقشات لدى الشارع الرياضي حول مهنية الإعلام الرياضي، وتداعيات الانفعالات والمشاحنات التي تُعرض على الهواء مباشرة وتأثير ذلك على الرياضة في العراق بصورة عامة.

في المقابل يرى مسؤولون أن البرامج الرياضية أصبحت تركز أكثر على افتعال التوترات والصراعات، بدلاً من التركيز على الطروحات الموضوعية التي تعنى بتطوير الرياضة، وفي بعض الأحيان تميل إلى الهجوم اللاذع على اللاعبين والإداريين والمدربين، مستهدفة الشخصيات الرياضية بدلاً من معالجة القضايا الرياضية بموضوعية.

غياب المهنية الإعلامية يظهر بوضوح في طريقة طرح الأسئلة والنقد اللاذع أو الهجوم على رموز الرياضة العراقية

وقال عضو لجنة الشباب والرياضة النيابية عقيل الفتلاوي، في حديث لوكالة شفق نيوز المحلية، إن “معظم البرامج الرياضية العراقية لا ترتقي إلى المستوى الإعلامي الرصين، بل إن العديد من البرامج الرياضية لا تصلح للبث، باستثناء بعض البرامج والمقدمين الذين يتمتعون بالمهنية.”

وأشار الفتلاوي إلى أن “غياب المهنية يظهر بشكل واضح في طريقة طرح الأسئلة والهجوم، أو النقد اللاذع، على رموز الرياضة العراقية. وهو أمر لا يُرى في البرامج الرياضية التي تُعرض في القنوات العربية، والتي تحقق فائدة أكبر للمشاهدين والمختصين في المجال الرياضي.”

وأوضح أن “الصراخ في بعض البرامج الرياضية لا يتناسب مع الجمهور العراقي، ولا يُسهم في تطوير الرياضة،” مبينا أن “هيئة الإعلام والاتصالات تتحمل مسؤولية تقنين البرامج الرياضية.”

ودعا إلى ضرورة تقديمها بشكل بناء وهادف، مذكرا الجمهور ببرنامج “الرياضة في أسبوع” الذي كان يقدمه الراحل مؤيد البدري، والذي ترك أثراً عميقاً في الرياضة العراقية وساهم في الارتقاء بمستوى كرة القدم.

بدوره أكد اللاعب الدولي السابق حبيب جعفر “أهمية تقبل النقد في الرياضة من أجل التطوير، بشرط أن يكون النقد موضوعيا ويبتعد عن الإساءة والتسقيط.”

وأضاف جعفر أن “بعض المواقع المدفوعة تسعى لإشعال الصراعات بين اللاعبين المحليين والمغتربين، وهو ما يضر بمصلحة الرياضة العراقية.”

ووفقاً لجعفر يجب أن يركز التحليل الموضوعي على مهارات اللاعبين ومستوياتهم الفنية، دون المساس بشخصياتهم، مشيراً إلى أن الكثير من البرامج لا تتناول الجوانب الإيجابية في الأداء الرياضي، بل تركز على تضخيم المشاكل البسيطة، وتثير القضايا السلبية في الدوري المحلي.

ولفت إلى أن “الاختلاف في وجهات النظر يجب ألا يتحول إلى صراعات وتشنجات داخل الأستوديوهات،” داعياً إلى “وقف هذه الظواهر عبر الطرق القانونية.”

وفي هذا السياق أصدر القضاء العراقي حكما بالسجن لمدة أربعة أشهر بحق الإعلامي ومقدم البرامج الرياضية حيدر زكي، إثر دعوى قضائية رفعها ضده رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال.

وقال الصحافي الرياضي حسين عمار المقرب من زكي، والذي رافقه في المحكمة، إنّ “رئيس اتحاد الكرة واللاعب الدولي السابق عدنان درجال رفع دعوى قضائية منذ أربعة أشهر بحق الزميل مقدم برنامج ‘ستوديو الجماهير’ حيدر زكي، بتهمة التشهير والإساءة.”

رئيس اتحاد الكرة واللاعب الدولي السابق عدنان درجال رفع دعوى قضائية بحق مقدم برنامج ستوديو الجماهير حيدر زكي بتهمة التشهير والإساءة

وكان حيدر زكي قد شبّه رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال بعدي صدام حسين، الذي كان يشرف على اللجنة الأولمبية والرياضة العراقية قبيل تغيير النظام عام 2003، في إشارة ضمنية إلى احتكار الإدارة والتفرد بصنع القرار.

ويقدم زكي برنامج “ستوديو الجماهير” الرياضي الذي يعد من بين البرامج الأكثر نجاحاً على الساحة الرياضية، حيث تناول العديد من المواضيع عن الرياضة في العراق.

ودائما ما يثير مقدم البرامج حيدر زكي الأوساط الرياضية بطروحاته وتناوله الموضوعات الجريئة، ولم يكن عدنان درجال أول رئيس اتحاد يدخل في خلاف معه، غير أن الأخير تنازل لاحقا عن الدعوى ليتم الإفراج عن الإعلامي.

كما قدمت إحدى القنوات الفضائية اعتذارا للاعب الدولي السابق يونس محمود بعد أن أساء إليه أحد مقدمي البرامج الرياضية.

وأفاد مدير دائرة التنظيم الإعلامي في هيئة الإعلام والاتصالات جادر عبدالوهاب بأن “الهيئة تتابع عن كثب جميع البرامج الرياضية،” مضيفا أن “الهيئة قد اتخذت إجراءات بحق القنوات المخالفة، بما في ذلك زيارة ميدانية إلى القنوات ومقدمي البرامج، وتحفيزهم على الالتزام بمعايير تقديم برامج رياضية ترتقي بمستوى اللاعبين، وتساعد في تحسين الأداء الرياضي.”

وتحظى البرامج الرياضية في القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى بمنهجيات واضحة وخطوط تحريرية محددة تُعتمد في إعداد الحلقات بدءاً من آلية تقديم المحتوى، مرورا باختيار الضيوف والمحللين، وانتهاءً بطريقة المعالجة الفنية والموضوعية.

5