بين عدم الاستقرار الفني وغياب بصمة النجوم.. الترجي التونسي يفقد هويته

تونس - أخفق الترجي التونسي في أول امتحان من العيار الثقيل وفشل في تعويض هزيمته ذهابا أمام صن داونز الجنوب أفريقي في ربع نهائي أبطال أفريقيا، واكتفى بالتعادل السلبي في لقاء الإياب، الذي أقيم على ملعب حمادي العقربي برادس. وهي نتيجة أنهت آمال فريق باب سويقة في التأهل للدور نصف النهائي والفوز باللقب الأفريقي للمرة الخامسة في تاريخه.
الفريق التونسي ظهر بوجه شاحب في ظل التراخي والتراجع الكبير الذي شمل كل مكونات النادي. نجوم بلا روح وبلا عزيمة إذ لم يقدم أبناء المدرب الجديد ماهر الكنزاري ما يثبت أنهم يريدون العبور إلى الدور القادم. أسئلة عديدة تطرح في هذا الظرف العصيب. أين هيبة الترجي؟ أين روح الفريق؟ أين الخبرة القارية للفريق؟ أين إدارة الترجي؟ وأين رجالات شيخ الأندية التونسية؟
الترجي فقد هويته المحلية والقارية حتى على مستوى أروقة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، وأكبر دليل على ذلك إلغاء الهدف الذي سجله الفريق التونسي فيه ظلم.. ولم تكن هنالك ردة فعل من اللاعبين ولا من الإدارة.. الترجي تراجع بشكل ملفت وهو ما يحتم على كل رجالات النادي العريق أن يتحدوا من أجل استعادة الهيبة.
رغم الصفقات التي قام بها في الانتقالات الصيفية الماضية، ثم في “الميركاتو” الشتوي الأخير، لكنه فشل في تخطي عقبة الفريق الجنوب أفريقي، الذي هزمه الترجي في نصف النهائي خلال الموسم الماضي، ولكن الوضع اختلف في هذه النسخة، ونجح المدرب ميغيل كاردوزو في إيقاف الترجي هذه المرة، مستغلا معرفته الدقيقة بقدرات اللاعبين، بعدما درّبه في بداية الموسم أيضا، وساعد صن داونز في تقديم عرض استحق بعده التأهل.
وطوال 180 دقيقة بين الذهاب والإيّاب فشل هجوم الترجي في هزّ شباك منافسه، كما أن عدد الفرص الخطيرة خلال المباراتين كان قليلا للغاية قياسا بالأسماء التي يملكها الفريق في الخط الأمامي، الذي كان يضم ثلاثيا أجنبيا بين الذهاب والإياب، وكان واضحا أنه عندما يكون الجزائري يوسف بلايلي، بعيدا عن مستواه العادي فإن الفريق لا يجد الحلول، ذلك أن نجم “الخُضر” صنع انتصارات الترجي محليا وقاريا منذ بداية هذا الموسم، وكان حاضرا في المباريات القوية بالدوري التونسي أمام النجم الساحلي والنادي الصفاقسي والنادي الأفريقي والملعب التونسي، وكذلك في أبطال أفريقيا أمام بيراميدز المصري أساسا.
الترجي الرياضي التونسي يخطط لإجراء تغييرات جذرية على تشكيلته، بهدف تحسين الأداء وتعزيز فرصه في بقية المنافسات
وظهر بلايلي مرهقا بعد الرحلات التي قام بها في الأيام الأخيرة مع منتخب بلاده، إذ شارك في مباريات تصفيات كأس العالم 2026، ثم غادر مع الترجي إلى جنوب أفريقيا لخوض لقاء الذهاب أمام صن داونز، وفي مواجهة الإياب صنع بلايلي أهم فرصتين للترجي بالشوط الأول، وخلال الفترة الثانية لم يجد الحلول، وخسر الكثير من الكرات بسبب تراجعه بدنيا، كما أن الهدف الذي سجّله فريقه ألغاه الحكم لوجود تسلل ولم يحمل مساهمة من بلايلي صناعة أو تهديفا.
ولم يكن المدرب الجديد للفريق ماهر الكنزاري (52 عاما)، الذي قاد الترجي في مواجهتي صن داونز موفقا، خاصة في لقاء الذهاب عندما اختار خطّة دفاعية صريحة كبّلت فريقه، الذي أضاع أول 90 دقيقة في جنوب أفريقيا، وخلال مباراة الإياب لم تكن إستراتيجيته موفقة، بدليل الضعف الهجومي الذي رافق الترجي.
كما أن نسب الاستحواذ على الكرة كانت عالية لصالح صن داونز ذهابا وإيابا، وكان أفضل من الفريق التونسي في مجمل المباراتين، واستحق التأهل بعرض فني مميز، وقد تجرّع الكنزاري مرارة الخيبة أمام الفرق الجنوب أفريقية للمرة الثانية في مسيرته مع الترجي، بعدما فشل في عام 2013 في تخطي عقبة أورلاندو بيراتس في نصف النهائي في ظروف مشابهة تقريبا (0 ـ 0 ذهابا و1 ـ 1 إيابا)، وبات مستقبله مع الترجي مهددا بما أن اختياراته لم تكن مقنعة، خاصة التغييرات التي أجراها بعدما تأخرت كثيرا في لقاء الإياب.
يبدو أن نادي الترجي الرياضي التونسي يخطط لإجراء تغييرات جذرية على تشكيلته، بهدف تحسين الأداء وتعزيز فرصه في بقية المنافسات. هذه التغييرات التي يُشار إليها بالغربلة الشتوية قد تحمل مفاجآت غير متوقعة، مع ورود أنباء عن نية الإدارة التخلي عن أسماء بارزة كانت تعتبر حتى وقت قريب جزءا أساسيا من الفريق. ستأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من النتائج غير المستقرة التي أثارت قلق الجماهير والإدارة على حد سواء.
وعلى الرغم من أن الفريق يملك تاريخا طويلا من النجاحات، إلا أن الأداء الأخير كشف عن حاجة ملحة إلى التجديد وضخ دماء جديدة. في ظل التغييرات المرتقبة، يعمل النادي على استقطاب لاعبين جدد لتعويض المغادرين. يُتوقع أن تركز الإدارة على التعاقد مع لاعبين ذوي خبرة محلية ودولية، إضافة إلى منح الفرصة لعدد من اللاعبين الشبان الصاعدين من أكاديمية النادي.