صورة المنتجين في هوليوود تتغير من القطط السمان إلى الباحثين عن وظائف إضافية

وظيفة المنتج أكثر الوظائف التي يساء فهمها بينما تواجه مصاعب جمة اليوم.
الخميس 2025/04/10
الإنتاج السينمائي بات مهنة مهددة بالزوال

هناك الكثير من التفاصيل التي يجهلها مشاهدو الأفلام والمسلسلات حول طرق إنجازها وكواليسها والجهود الكبيرة التي يبذلها فريق كامل لإنتاجها، كما تسود معتقدات خاطئة حول صورة المنتجين على أنهم بالضرورة رجال مال يحققون أرباحا طائلة من وراء تمويل الأعمال السينمائية والتلفزيونية، بينما ذلك لا يصح مطلقا.

سامانتا ماسوناجا

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - بعد سنوات من النشاط وجد المخرج السنيمائي والتلفزيوني ستيفن لاف نفسه في وضع يسيل له لعاب الكثير من نظرائه، فقد أصبح محاطا بأربعة عروض قوية للحصول على خبراته.

وذكرت صحيفة “لوس أنجلس تايمز” أن أستوديوهات الإنتاج السينمائي تهافتت بصخب لاقتناص مشروعاته الفنية، وتكلمت المواقع الإخبارية التي تنشر الأخبار التجارية في هوليوود بحماس عن جدارة هذه المشروعات، وهو ما عزز مسيرة لاف المهنية وسمعته، غير أن لاف كان طوال الوقت يصور ويخرج مجموعة من أفلام الإعلانات، ومقاطع فيديو غنائية، ويحاول أن يحصل على وظائف لبعض الوقت لتغطية نفقاته، حتى أنه قاد سيارته للمشاركة في خدمة شركات توصيل الركاب.

واقع المنتجين

ولد ستيفن لاف (35 عاما) لأب يعمل واعظا ومعلما، ونشأ في مزرعة بمدينة يورك في ساوث كارولينا. وقطع شوطا طويلا على طريق الفن منذ أن أصيب بولع مشاهدة الأفلام في شبابه
◙ ستيفن لاف قطع شوطا طويلا على طريق الفن منذ أن أصيب بولع مشاهدة الأفلام في شبابه

ولد ستيفن لاف (35 عاما) لأب يعمل واعظا ومعلما، ونشأ في مزرعة بمدينة يورك في ساوث كارولينا. وقطع شوطا طويلا على طريق الفن منذ أن أصيب بولع مشاهدة الأفلام في شبابه، الأمر الذي أدى به إلى بدء نشاط في مجال التصوير بالفيديو، عندما كان لا يزال طالبا بالمدرسة، حيث عمل في تصوير حفلات الزفاف وغير ذلك من المناسبات.

ولكن حتى بعد الإقبال على التعاقد على مشروعاته الفنية، ظل لاف يعمل في عدة وظائف متنوعة، وأنتج الفيلم الروائي “الأرض” عام 2016، وفيلم الخيال العلمي “إنهم استنسخوا تيرون” عام 2023، وعمل مستشارا في نفس الوقت الذي أدار فيه شركة تنتج الإعلانات ومقاطع الفيديو الغنائية، كما عمل في مجال إنتاج المحتوى الدعائي وأيضا في عقد الصفقات، ما يعني أنه لم يكن متخصصا في عمل واحد بعينه يعكف على إنجازه.

ويقول لاف الذي يقسّم وقته بين الإقامة في منزله بهوليوود وفي أتلانتا، حيث يتاح الكثير من العمل في مجال الإنتاج والفرص للمبدعين الجدد، “يكون عليك أن تعمل في كل هذه المجالات المتعددة، في الوقت الذي تحاول فيه أيضا التركيز على المجال الذي تحبه حقا، وهو الدخول في العمل الشاق المتعلق بصناعة الأفلام، والصعوبة هنا تتمثل في فكرة وجود منتجين يمارسون المهنة طوال 30 عاما أو أكثر، ويواجهون نفس المشكلات التي تعترض طريقي خلال فترة عملي بالإنتاج طوال عشر سنوات أو 12 عاما، وهو ما يثير في النفس الشعور بالإحباط.”

◙ الكثير من المنتجين يقولون في الوقت الحالي إن سبل عيشهم أصبحت صعبة ومستقبل مهنتهم صار يواجه أزمة

وحاول منتجو الأفلام والبرامج التلفزيونية على مدى فترة طويلة التخلص من الصورة النمطية الشائعة عنهم بأنهم “من القطط السمان”، أو من صورة رئيس العمل الذي يضع سيجارا فاخرا بين شفتيه ويقضمه في زهو داخل موقع التصوير، ما ينم عن أنه ينعم بأرباح كبيرة، أو الصورة المتخيلة بأنه يمتلك منزلا فاخرا يقضي فيه العطلات، أو أنه يمنح السيارات كهدايا للأصدقاء المقربين لتمضية عطلاتهم، وربما كانت هذه الصور تنطبق على مجموعة صغيرة من المنتجين منذ عقود مضت، غير أن الكثير منهم يقولون في الوقت الحالي إن سبل عيشهم أصبحت صعبة ومستقبل مهنتهم في الإنتاج صار يواجه أزمة.

وتضافرت عدة عوامل، من بينها جائحة كورونا وإشراك الذكاء الاصطناعي والرقمنة في إنتاج الأفلام وإضراب الممثلين عام 2003 وتقليص الأستوديوهات للإنفاق إلى جانب حرائق الغابات الأخيرة في جنوب كاليفورنيا، لتعمل على إبطاء معدلات الإنتاج وتقليص فرص المنتجين للحصول على عمل.

وبالإضافة إلى ذلك توقف ما يسمى بصفقات المشاركة في الأرباح بعد الإنتاج، ويرجع ذلك بالأساس إلى تغير ممارسات الأنشطة التجارية لشركات البث المباشر للأفلام والبرامج، التي سمحت للمنتجين في وقت ما بالاستفادة من إنتاج فيلم أو برنامج تلفزيوني شهيرين، مع استرداد الكلفة بعد الإنتاج. وفوق كل ذلك زاد عدد الأشخاص الذين يحصلون على قروض للإنتاج، وهو ما أسهم في ازدياد البلبلة والاضطراب المالي.

ولا يحصل المنتجون غالبا على مستحقاتهم، نظير سنوات يقضونها في تطوير العمل الفني، وهي سنوات تمثل المراحل الأولى من الإعداد لإنتاج فيلم أو عرض فني، قبل الحصول على الموافقة النهائية عليه، ما يعني أن المنتجين يمكن أن يحصلوا على أقل من الحد الأدنى من الأجور، في حالة حساب إجمالي ساعات عملهم حتى ولو أنتجوا فيلما حقق نجاحا هائلا.

وفي هذا الصدد يقول المخرج جوناثان وانج (40 عاما) “نحن عمال،” وأنتج وانج فيلم “كل شيء في كل مكان كله في الحال” الفائز بجائزة أوسكار عام 2022، ويضيف “نحن نوفر العمالة للأستوديوهات وللمشترين، ونمثل وظيفة حقيقية تحتاج إلى الحماية لكي تستطيع الاستمرار.”

مهنة يساء فهمها

◙ مزحة متداولة بين المنتجين تقول إنه لا يوجد من يستطيع أن يعرف ما الذي يفعلونه
◙ مزحة متداولة بين المنتجين تقول إنه لا يوجد من يستطيع أن يعرف ما الذي يفعلونه

تُبذل جهود كثيرة حاليا لمعالجة هذه المسائل. ودشنت نقابة المنتجين الأميركية التي تمثل أكثر من 8400 منتج في مختلف المجالات حملة لتعريف وظيفة المنتج، ومن ناحية أخرى يمارس ائتلاف أكثر حداثة يسمى “المنتجون المتحدون” الضغوط لكي يحصل المنتجون على مستحقاتهم المالية وهم يعملون في مرحلة إعداد العمل الفني، وتدعو كل مجموعة إلى كفالة التأمين الصحي للمنتجين.

وثمة مزحة متداولة بين المنتجين تقول إنه لا يوجد من يستطيع أن يعرف ما الذي يفعلونه. وهذا الفهم المبهم لوظيفة المنتج، حتى بين العاملين في موقع التصوير، أسهم في ظهور الوضع الذي يجد المنتجون أنفسهم فيه الآن. وبالرغم من أن الكثير من الأشخاص يتصورون أن وظيفة المنتج تقتصر فقط على كتابة الشيكات لأطقم العاملين في الفيلم، فإن وظيفة المنتج النشط مهمة بالنسبة إلى صناعة الفيلم.

ويمكن أن يختلف الدور الذي يقوم به المنتج الحقيقي، وفقا لنوع الفيلم والميزانية المرصودة له والمهارات الفردية، وهذا الدور يعني بالنسبة إلى ستيفاني ألاين، وهي من قدامى منتجي الأفلام والرئيسة المشاركة لنقابة المنتجين الأميركية، تحديد المواد اللازمة للفيلم والبحث عن الكتّاب والمخرج، والمساعدة في اختيار طاقم العمل في الفيلم وتأمين التمويل، والإشراف على عملية الإنتاج وتوظيف رؤساء الأقسام، وقضاء أوقات في مواقع التصوير وفي غرفة المونتاج والمشاركة في جهود التسويق.

13