الشراكة الإستراتيجية مفتاح السعودية لتنمية معادنها النادرة

يعطي توجه السعودية إلى عقد شراكة إستراتيجية لتنمية المعادن الأرضية النادرة، مع أحد عمالقة القطاع العالميين، إقرارا بأهمية الاستعداد للمستقبل مع تنامي الطلب على هذه المواد في الصناعات الجديدة، بما يخول لها أن تكون نقطة مركزية للتجارة في هذا القطاع المهم.
الرياض - كشفت مصادر مطلعة أن شركة التعدين العربية السعودية (معادن) تدرس اختيار واحدة على الأقل من 4 شركات أجنبية لتشكيل شراكة للعمل في معالجة المعادن النادرة، في إطار سعي البلد للتحول إلى مركز عالمي رئيسي لهذه الصناعة.
وأوضحت المصادر لرويترز الثلاثاء أن الشركات المرشحة هي أم.بي ماتيريالز الأميركية وشينغي ريسورسز الصينية وليناس الأسترالية للمعادن النادرة ونيو بيرفورمانس ماتيريالز الكندية.
وذكرت المصادر أن الشركة السعودية تعتزم اختيار شريك واحد على الأقل بحلول نهاية يونيو المقبل للمساعدة في وضع خطة لبناء منشأة لمعالجة المعادن الأرضية النادرة، إضافة إلى منشأة للمغناطيس داخل المملكة في وقت لاحق.
وتبرز عملية الاختيار التي لم تُنشر تفاصيلها سابقا كيف باتت معالجة المعادن ضرورة ملحة للاقتصادات التي تركز على التكنولوجيا وتسعى إلى دخول مجالات الذكاء الاصطناعي والمركبات الكهربائية وغيرها.
وصناعة التعدين المتنامية في السعودية ركيزة أساسية في رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتقليل الاعتماد على النفط. وتعمل السعودية على الاستفادة من مواردها المعدنية الوفيرة ومبادراتها الإستراتيجية، حيث تريد أن تجعل قطاع التعدين حجر الزاوية في التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وتتطلع الحكومة وشركات التعدين التابعة لها إلى مشاريع لتعدين ومعالجة الليثيوم والنحاس والزنك والأتربة النادرة وغيرها، والتي تُستخدم في صناعة مغناطيس يُحَوِل الكهرباء إلى طاقة حركية في السيارات والمستخدم أيضا في الهواتف النقالة وغيرها من الأجهزة.
2.5
تريليون دولار، تقديرات قيمة احتياطيات البلد من المعادن، بما فيها الأتربة الأرضية النادرة
ولم تعلق معادن السعودية وأم.بي ماتيريالز وشينغي ريسورسز ونيو بيرفورمانس ماتيريالز على الأمر، لكن ليناس ذكرت أنها تركز على مشاريع معالجة المعادن النادرة في أستراليا وماليزيا والولايات المتحدة و”تجري بانتظام مناقشات مع الشركات الصاعدة في مجال المعادن النادرة حول العالم.”
وسيدرس الشريك الجديد مع معادن بعد اختياره أفضل السبل لاستخراج ومعالجة الاحتياطيات الهائلة من تلك المعادن في السعودية، وقال أحد المصادر إن هناك جدولا زمنيا من المتوقع الانتهاء منه بحلول ديسمبر المقبل. ومن بين الشركات الأربع تتمتع شينغي ريسورسز ونيو بيرفورمانس ماتيريالز بخبرة واسعة في معالجة المعادن النادرة وإنتاج المغناطيس.
في المقابل تعمل أم.بي ماتيريالز حاليا على تعزيز أنشطتها في المجالين في الولايات المتحدة. وتعالج ليناس المعادن النادرة في ماليزيا بينما تنشئ مصفاة في تكساس الأميركية. والطريقة التقليدية لمعالجة المعادن النادرة قد تكون ملوثة ومكلفة وتستغرق وقتا طويلا، مما يدفع العلماء إلى البحث عن أساليب أفضل.
ويتعين على شركات معالجة المعادن النادرة التعامل مع 17 معدنا، وفقا للخصائص الجيولوجية للقشرة الأرضية الحاملة لها، ولكل منها نفس الحجم والوزن الذري تقريبا، مما يجعل عملية الفصل معقدة.
وتلك المعادن النادرة لا بد من استخراجها بترتيب محدد، وهو تحد لوجستي من شأنه أن يمنع شركة معادن وأي شريك مستقبلي من انتقاء العناصر التي قد يرغبون فيها.
الشركات المرشحة لعقد شراكة مرتقبة
● أم.بي ماتيريالز الأميركية
● شينغي ريسورسز الصينية
● ليناس الأسترالية للمعادن النادرة
● نيو بيرفورمانس ماتيريالز الكندية
واستثمرت أم.بي ماتيريالز، التي تزود شينغي بالمعادن النادرة من منجمها في كاليفورنيا لمعالجتها داخل الصين، في منشأة لمعالجة المعادن النادرة في فيتنام مع شينغي عام 2023. وأعلنت الشركتان في وقت سابق هذا العام عزمهما على إنهاء تلك الشراكة.
وبدأت الصين تتوسع سريعا في هذا القطاع خلال ثمانينات القرن الماضي. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الصين تسيطر حاليا على 90 في المئة تقريبا من الطاقة العالمية لاستخراج المعادن الأرضية النادرة.
ويقوم الجيولوجيون في هيئة المسح الجيولوجي الصينية، التي تسيطر عليها الدولة، برسم خرائط لاحتياطيات السعودية من المعادن منذ عام 2023.
وساعدت براعة الصين في قطاع المعادن في دفع اقتصادها إلى المرتبة الثانية عالميا، وهي حقيقة اعترفت بها الولايات المتحدة ودول أخرى وتعمل على وقفها، خاصة بعد أن حظرت بكين تصدير تكنولوجيا معالجة المعادن الأرضية النادرة في عام 2023.
وفرضت بكين الأسبوع الماضي قيودا على تصدير المعادن الأرضية النادرة والمغناطيس وغيرها من المنتجات في صورتها النهائية. واستخدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي صلاحيات زمن الحرب لزيادة استخراج الولايات المتحدة للمعادن إلى جانب أمور أخرى.
ورفع المسؤولون السعوديون العام الماضي تقديراتهم لاحتياطيات بلدهم من المعادن بواقع المثلين إلى 2.5 تريليون دولار، وهي زيادة ترجع إلى حد كبير إلى إضافة المعادن النادرة.
وقال أحد المصادر إن “هدف السعودية هو معالجة تلك المعادن النادرة لتصبح في شكل يمكن استخدامه في صناعة الإلكترونيات داخل المملكة، وإنها لا تريد تصدير سلسلة التوريد إلى أي مكان آخر.”
والخطوة مجرد جزء من أحدث جهود تبذلها السعودية في هذا المضمار. وأعلنت مبادرة سلاسل الإمداد العالمية، وهي برنامج ضمن إستراتيجية الاستثمار، في نوفمبر الماضي أنها ستستثمر 9.3 مليار دولار في مصاهر ومصافي النحاس لشركة فيدانتا الهندية وفي مصهر الزنك لشركة زيجين الصينية.
كما وقعت شركة هيستينجز تكنولوجي ميتالز الأسترالية مذكرة تفاهم غير ملزمة ضمن الإستراتيجية السعودية للاستثمار لبناء منشأة محتملة للمعادن النادرة.
وكذلك شركة كريتيكال ميتالز الأميركية وقعت العام الماضي مذكرة تفاهم غير ملزمة لاستكشاف إمكانية إنشاء مصفاة ليثيوم في السعودية مع مجموعة العبيكان، ومقرها الرياض.
وأعلنت شركة معادن، التي يسيطر عليها صندوق الثروة السيادي السعودي، في شهر مايو الماضي أنها نجحت في استخراج الليثيوم من مياه البحر، وأنها تعمل على جعل هذه العملية مجدية من الناحية التجارية.
وصندوق الثروة هو أكبر مساهم في شركة لوسيد لتصنيع السيارات الكهربائية، ومقرها كاليفورنيا، والتي افتتحت في عام 2023 أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة في السعودية.