أنظمة القيادة الذاتية تشق طريقها إلى سيارات نيسان

في سياق انضمامها إلى السباق التكنولوجي المتقدم تقوم نيسان حاليا بتجربة سيارات ذاتية القيادة في شوارع تحتوي على الكثير من المركبات والمشاة بهدف تحسين قدرة هذه الأنظمة على التفاعل بشكل آمن وفعّال مع هذه الظروف المزدحمة، وجعلها أمرا واقعا في المستقبل رغم استمرار الشكوك في كونها آمنة.
يوكوهاما (اليابان)- تشقّ سيارة نسيان الصغيرة طريقها ببطء وثبات عبر شوارع المدينة، وتكبح برفق عندما تنحرف سيارة إلى مسارها، لكن عجلة القيادة تدور تلقائيًا، ولا يوجد أحد في مقعد السائق.
وتُبرز تقنية الشركة للقيادة الذاتية، التي تستخدم 14 كاميرا وتسعة رادارات وستة أجهزة استشعار ليدار مثبتة داخل السيارة وحولها، حرص اليابان على اللحاق بشركات رائدة مثل وايمو التابعة لغوغل، والتي تصدّرت الولايات المتحدة.
وتختبر نيسان تقنيات مثل أجهزة الاستشعار المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة لتوجيه السيارة في البيئة الحضرية، مع أخذ في الاعتبار حركة المرور المعقدة والمشاة والعوائق المختلفة.

تاكيو إيجاراشي: التحديات لا تزال قائمة، لأن من طبيعة البشر أن يشعروا بالقلق
وهذه الاختبارات تساعد في ضمان أن السيارات ذاتية القيادة يمكنها اتخاذ قرارات في الوقت الفعلي تكون آمنة وموثوقة.
وأثبت ابتكار مركبات ذاتية القيادة بالكامل أنه يمكنها الذهاب إلى كل مكان دون تدخل من السائق أنها أصعب وأكثر كلفة من المتوقع، لكن المطورين يواصلون ملاحقة الحلول الأبسط لتمهيد انتشارها مستقبلا عبر تطويع هذه التكنولوجيا بشكل حقيقي.
وتسمح أنظمة القيادة الآلية للسائقين برفع أيديهم عن عجلة القيادة في مواقف معينة، إلى جانب الكبح والتسارع الآليين، ويمكن لهذه الميزة أن تساعد في جعل القيادة لمسافات طويلة أو في حركة المرور المزدحمة أسهل وأقل إرهاقًا.
وبغض النظر عن المشاكل، التي تعاني منها تسلا بسبب نظام القيادة الآلي الخاص بها وقوة المنافسة مع بي.واي.دي الصينية، فإن الوعود التي قطعتها الشركات بتشغيل أساطيل من المركبات لا تزال يسير ببطء بسبب تحديات تكنولوجية وتنظيمية تتعلق بالسلامة.
ولم تواكب اليابان، موطن أكبر شركات صناعة السيارات في العالم، التحوّل العالمي نحو القيادة الذاتية، والذي تقوده حتى الآن الصين والولايات المتحدة. لكن الزخم يتزايد.
وستصل وايمو إلى اليابان هذا العام. ولم تُكشف التفاصيل بعد، لكنها أبرمت شراكة مع شركة التأجير نيهون كوتسو، التي تشرف على سيارات جاغوار آي بيس الرياضية متعددة الاستخدامات الكهربائية بالكامل وتديرها، لأول مرة في طوكيو، مع سائق يرافقها.
وخلال عرض نيسان الذي أقيم مؤخرا، كانت الشوارع تعجّ بالمركبات والمشاة. وقد التزمت السيارة الاختبارية بالسرعة القصوى المحددة في نطاق 40 كيلومترا في الساعة (25 ميلًا في الساعة)، وحُدّدت وجهتها عبر تطبيق هاتف ذكي.
ويصرّ تاكيشي كيمورا، مهندس مختبر التنقل والذكاء الاصطناعي في نيسان، على أن شركات صناعة السيارات أكثر مهارة في دمج تقنية القيادة الذاتية مع آلية عمل المركبة، وقال “ببساطة لأنها تعرف السيارات بشكل أفضل.”
وأضاف خلال عرضٍ تقديميٍّ اصطحب خلاله مجموعة من الصحافيين في جولةٍ قصيرة إن “كيفية تكييف المستشعرات مع حركة السيارة، أو مراقبة المستشعرات وأجهزة الكمبيوتر لضمان الموثوقية والسلامة، تتطلب فهمًا شاملًا لنظام السيارة.”

فيل كوبمان: المشكلة تكمن في تعامل هذه التقنية مع الحالات الطارئة
ولا تزال تقنية نيسان، التي تُختبر حاليًا على طراز سيرينا ميني فان، في المستوى الثاني، حيث يجلس شخص أمام لوحة التحكم عن بُعد في مكان منفصل خارج السيارة، في هذه الحالة، في المقر الرئيسي للشركة، وهو مستعد للتدخل في حال تعطل التقنية.
كما أتاحت الشركة مشاركة شخص يجلس في مقعد الراكب الأمامي أثناء جولات الاختبار، ويمكنه تولي القيادة عند الحاجة. وفي حال وجود مشكلة، يقوم المهندسون في غرفة التحكم عن بُعد ومقعد الراكب بالتدخل لتفادي حصول حادث عرضي.
وتخطط نيسان لتشغيل 20 مركبة من هذا النوع في منطقة يوكوهاما خلال العامين المقبلين، مع خطة للوصول إلى المستوى الرابع، أي عدم وجود أيّ تدخل بشري حتى كبديل، بحلول عامي 2029 أو 2030.
ويمكن للمركبات ذاتية القيادة تلبية حاجة حقيقية في ظل تناقص عدد سكان البلاد، بما في ذلك نقص السائقين.
وتعمل شركات أخرى على هذه التقنية في اليابان، بما في ذلك شركات ناشئة مثل تاير تي.في، التي تدفع بتعاون مفتوح المصدر في مجال تقنية القيادة الذاتية.
وحتى الآن، وافقت اليابان على استخدام ما يُسمّى بالمركبات ذاتية القيادة من المستوى الرابع في منطقة ريفية بمحافظة فوكوي، إلا أن هذه المركبات تبدو أشبه بعربات الغولف.
وتجوب حافلة من المستوى الرابع منطقة محدودة بالقرب من مطار هانيدا بطوكيو، لكن سرعتها القصوى تبلغ 12 كيلومترا في الساعة. وسيارة نيسان ذاتية القيادة مركبة حقيقية بالفعل، قادرة على أداء جميع وظائفها الميكانيكية ومستويات سرعتها.
وعرضت شركة تويوتا موتور مؤخرًا “مدينتها” أو منطقة المعيشة الخاصة بها لموظفيها والشركات الناشئة الشريكة، بالقرب من جبل فوجي، والتي بُنيت خصيصًا لاختبار تقنيات متنوعة، بما في ذلك القيادة الذاتية.
وكان التقدم حذرًا. ويعتقد تاكيو إيجاراشي، الأستاذ بجامعة طوكيو والمتخصص في تكنولوجيا الحاسوب والمعلومات، أن التحديات لا تزال قائمة، لأن من طبيعة البشر أن يشعروا بالقلق من حوادث المركبات ذاتية القيادة أكثر من الحوادث العادية.
وصرح إيجاراشي لوكالة أسوشيتد برس “في القيادة البشرية، يتحمل السائق المسؤولية. الأمر واضح تمامًا. لكن لا أحد يقود، لذا لا نعرف من سيتحمل المسؤولية.”
وأضاف “في اليابان، التوقعات من الخدمات التجارية عالية جدًا. يتوقع الزبون جودة مثالية لأيّ خدمة سواء مطاعم أو سائقين أو أيّ شيء آخر. هذا النوع من القيادة الذاتية هو خدمة تقدمها شركة، والجميع يتوقع جودة عالية وإتقانًا. حتى الخطأ الصغير غير مقبول.”
وتؤكد نيسان أن تقنيتها آمنة. ففي النهاية، لا يمكن للإنسان أن ينظر إلى الأمام والخلف وكل ما حوله في نفس الوقت، لكن السيارة ذاتية القيادة قادرة على ذلك، بفضل جميع أجهزة الاستشعار التي تحتوي عليها.
وعندما حدث عطل في النظام خلال العرض التجريبي الأخير، توقفت السيارة فجأةً، وكان كل شيء على ما يرام.
ويعتقد فيل كوبمان، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في جامعة كارنيغي ميلون، أن صناعة المركبات ذاتية القيادة لا تزال في بداياتها.
وتكمن المشكلة الرئيسية فيما يُعرف بـ”الحالات الطارئة”، وهي تلك الحالات النادرة والخطيرة التي لم تُدرَّب الآلة على التعامل معها بعد. وأوضح أن استخدام أساطيل كبيرة من المركبات ذاتية القيادة لفترة من الوقت ضروري لتعلم هذه الحالات الطارئة.
وقال كوبمان “سنرى أن كل مدينة ستحتاج إلى جهود هندسية خاصة وإنشاء مركز دعم عن بُعد خاص. وسيتطلب هذا نشرًا لكل مدينة على حدة لسنوات عديدة.” وأضاف “لا يوجد حل سحري.”