ترامب يعرض وساطته لنزع فتيل الأزمة الإسرائيلية التركية بسوريا

الرئيس الأميركي يبدي إشارات بتسليمه بالهيمنة التركية على سوريا، فيما يكشف نتنياهو عن مناقشات بشأن تفادي هذا النزاع بطرق متنوعة.
الثلاثاء 2025/04/08
ترامب يحاول لعب دور "صانع السلام" بين إسرائيل وتركيا

واشنطن - طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين نفسه كوسيط بين حليفته إسرائيل وتركيا لـ"إيجاد حل" للتوترات المتصاعدة بينهما بشأن سوريا، حيث تتنازع الدولتان بسط نفوذهما.

وأشاد ترامب خلال حديثه مع صحافيين في البيت الابيض وإلى جانب حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بـ"علاقاته الممتازة" مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معتبرا أن ذلك يمهد الطريق أمامه لإجراء مفاوضات.

وقال ترامب للصحافيين، "قلت لرئيس الوزراء، قلت، بيبي، إذا كانت لديك مشكلة مع تركيا، أعتقد جازما أنني سأكون قادرا على حلها"، متوجها إلى نتنياهو بلقبه.

وأضاف "أنت تعلم، لديّ علاقة جيدة جدا مع تركيا ومع زعيمها، وأعتقد أننا سنكون قادرين على حلها".

وتأتي هذه المبادرة في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل وتركيا في سوريا، التي أصبحت ساحة تنافس جديدة بينهما بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي على يد تحالف فصائل بقيادة إسلامية، مدعوم بشكل رئيسي من تركيا.

وتخشى إسرائيل من تنامي النفوذ التركي على السلطات السورية الجديدة، وهو ما دفعها لشن غارات جوية وتوغلات برية في جنوب سوريا بهدف إبعاد القوات الحكومية عن حدودها.

وفي إشارة تبدو وكأنها تسليم بالهيمنة التركية في سوريا، كشف ترامب عن قوله لأردوغان إنه "سيطر عليها من خلال وكلاء"، مضيفًا "قلت، 'تهانيّ، فعلت ما لم يستطع أحد فعله خلال ألفي عام. لقد سيطرت على سوريا' بأسماء مختلفة، لكن الأمر سيان".

وفي الاثناء، أعرب نتنياهو الذي يزور واشنطن، عن مخاوف إسرائيل بشأن النفوذ التركي في سوريا، مثنيا في الوقت نفسه على عرض الرئيس الأميركي للوساطة.

وقال "لدينا علاقات ودية مع تركيا تدهورت، ولا نريد أن نرى سوريا تُستخدم من قبل أي جهة، بما في ذلك تركيا، كقاعدة لشن هجمات على إسرائيل".

وأضاف نتنياهو "ناقشنا كيف يكون بإمكاننا تفادي هذا النزاع بطرق متنوعة، وأعتقد أنه لا يمكن أن يكون لدينا محاور أفضل من رئيس الولايات المتحدة لهذا الغرض".

ويتصاعد التوتر بين إسرائيل وتركيا في سوريا، التي باتت مسرحًا جديدًا للتنافس بينهما، وسط مخاوف متزايدة من الانزلاق نحو مواجهة مباشرة قد تكون لها تداعيات وخيمة على المنطقة.

ويأتي ذلك في سياق الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لسوريا، والذي تعتبره تركيا "عرقلة لجهود إرساء الاستقرار"، بينما تؤكد إسرائيل أن عملياتها تهدف إلى حماية مصالحها الأمنية. ويرى مراقبون أن خلفيات هذا التوتر المتصاعد معقدة وتشمل عوامل جيوسياسية وسياسية داخلية لدى الطرفين.

فمنذ إطاحة تحالف الفصائل المعارضة بالرئيس بشار الأسد أواخر عام 2024، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات في سوريا، معلنًا استهداف منشآت عسكرية وقواعد بحرية وجوية لمنع الإدارة الجديدة من الاستحواذ على ترسانة الجيش السابق.

كما توغلت القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة في هضبة الجولان. وكان آخر هذه الضربات ليل الأربعاء الماضي، حيث استهدفت غارات إسرائيلية مطاري حماة العسكري ومحيط مطار تي-فور في محافظة حمص، بالإضافة إلى مركز البحوث العلمية في منطقة برزة في دمشق.

ونددت وزارة الخارجية السورية بشدة بهذه الغارات، واصفة إياها في بيان بأنها "تصعيد غير مبرر ومحاولة متعمدة لزعزعة استقرار سوريا وإطالة معاناة شعبها"، مشيرة إلى أن الغارات استهدفت خمس مناطق مختلفة في أنحاء البلاد خلال ثلاثين دقيقة، وأسفرت عن تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين.

في المقابل، دعت تركيا إسرائيل إلى الانسحاب من سوريا و"الكف عن عرقلة جهود إرساء الاستقرار هناك". ووصفت وزارة الخارجية التركية في أنقرة إسرائيل بأنها "أصبحت أكبر تهديد للأمن في المنطقة" وأنها "مزعزعة للاستقرار الاستراتيجي وتسبب الفوضى وتغذي الإرهاب".

وصرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة، بأن بلاده لا ترغب في أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا، مؤكدًا أن تصرفات إسرائيل في سوريا تمهد الطريق لعدم استقرار المنطقة في المستقبل. وأشار إلى أنه إذا كانت الإدارة الجديدة في دمشق ترغب في التوصل إلى "تفاهمات معينة" مع إسرائيل، فهذا شأنها الخاص.

وفي المقابل، وجه وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس تحذيرًا شديد اللهجة للرئيس السوري أحمد الشرع، مؤكدًا أنه سيواجه عواقب وخيمة إذا تم تهديد أمن إسرائيل.

وقال كاتس مخاطبًا الرئيس الانتقالي باسمه الحركي السابق أبومحمد الجولاني "أحذر الزعيم السوري الجولاني: إذا سمحت للقوات المعادية بدخول سوريا وتهديد مصالح الأمن الإسرائيلي، ستدفع ثمنا باهظا".

وتعمل إسرائيل، التي تتخوف أيضًا من نفوذ أنقرة المتزايد على دمشق، على تحقيق أهدافها في سوريا منذ الإطاحة بالأسد. وبعدما استولت على أراض في جنوب غرب البلاد وأعلنت استعدادها لحماية الأقلية الدرزية، مارست ضغوطًا على واشنطن لإبقاء سوريا دولة ضعيفة، وقامت بتفجير الكثير من الأسلحة والعتاد العسكري السوري الثقيل في الأيام التي تلت سقوط الأسد.

وفي سياق متصل، كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن تركيا تستعد لبناء قاعدة دفاع جوي في مطار "تي فور" العسكري بالقرب من تدمر في حمص وسط سوريا، بهدف ضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" وردع الهجمات الجوية الإسرائيلية على سوريا. وأوضح الموقع أن خطط البناء للموقع قيد التنفيذ، وأن أنقرة ستنشر منظومة دفاع جوي من نوع "حصار" لتوفير الغطاء الجوي للقاعدة، وهي أنظمة صواريخ أرض-جو قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى.