قرارات ترامب تهدد الصحافيين الأجانب بالعودة إلى القمع في بلادهم

واشنطن - بعد الاختباء في تايلاند لمدة سبعة أعوام، وصل صحافيان من كمبوديا إلى الولايات المتحدة العام الماضي بتأشيرات عمل، أملا في الاستمرار في تزويد المواطنين في موطنهم بجنوب شرق آسيا بأخبار موضوعية وواقعية من خلال إذاعة آسيا الحرة.
ولكن فوثي ثا وهاور هوم يقولان الآن إن وظائفهما ووضعهما القانوني في الولايات المتحدة في خطر عقب أن وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا أمرا تنفيذيا بإغلاق الوكالة الأميركية للإعلام العالمي. وتمول الوكالة إذاعة آسيا الحرة وشبكات أخرى، تقوم بتقديم معلومات دون رقابة لمناطق من العالم تخضع للحكم السلطوي وغالبا لا تحظى بصحافة حرة .
وقال فوثي وهو والد لطفلين، إن قرار إدارة ترامب يهدد بقلب حياته رأسا على عقب ”أشعر بالأسف الشديد لعدم استطاعة مستمعينا الحصول على أنباء دقيقة.”
ويخشى الرجلان من عدم القدرة على توفير المعيشة لأسرتيهما وإمكانية بقائهما في الولايات المتحدة. ويقولان إنه من المستحيل العودة إلى كمبوديا، وهي دولة ذات حزب واحد، معادية للإعلام المستقل، حيث يخشيان أن يتعرضا للاضطهاد بسبب عملهما الصحفي.
الصحافيون يقومون برفع دعاوى قضائية في ما يتعلق بالأمر الذي أصدره ترامب، ومن بينهم صحافيان أجنبيان يعملان بتأشيرات مؤقتة
يذكر أن إدارة ترامب تقوم بتفكيك وكالات اتحادية أو تقليص حجمها، ما أدى إلى فصل عشرات الآلاف من العاملين الحكوميين والمتعاملين معها أو منحهم إجازة. ولكن استهداف الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، التي تهدف شبكاتها التي بدأت منذ عقود لتمديد النفوذ الأميركي في الخارج، يعني إمكانية أن يتعرض الصحافيون الذين تحدوا الأنظمة السلطوية للمساعدة في تنفيذ مهمة أميركا المتمثلة في تقديم برامج داعمة للديمقراطية للترحيل ومواجهة المضايقة والاضطهاد في أوطانهم.
ويقبع 11 صحافيا لهم صلة بالشبكات الإعلامية التي تمولها أميركا وراء القضبان في الخارج، من بينهم شين داوي، الذي يعمل بإذاعة آسيا الحرة، حيث يقضي عقوبة السجن 15 عاما في ميانمار لاتهامه بدعم الإرهاب.
ويمكن أن يواجه ما لا يقل عن 84 صحافيا بالوكالة الأميركية للإعلام العالمي يعملون في أميركا بتأشيرات عمل الترحيل ومن بينهم ما لا يقل عن 23 شخصا ”يواجهون خطرا جادا يتمثل في الاعتقال الفوري لدى وصولهم واحتمالية سجنهم” حسب ما ذكرت منظمة مراسلون بلا حدود وائتلاف يضم 36 من منظمات حقوق الإنسان.
وقال تيبو بروتان الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود ”إنه من المشين احتمال أن يتم التخلي تماما عن هؤلاء الصحافيين، الذين يخاطرون بحياتهم لكشف مدى القمع في بلادهم.”
وأضاف ”يتعين على الكونجرس الأميركي تحمل مسؤولية حماية هؤلاء الصحافيين وجميع الشبكات التي تمولها الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، الممولة من الكونجرس نفسه،” موضحا ”هذه المسؤولية ليست أخلاقية فقط، فهي تنبع من التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن مبادئ الديمقراطية وحرية الصحافة.”
وقالت وزارة الخارجية إنها تنسق مع الوكالة الأميركية للإعلام العالمي بشأن الصحافيين المحتجزين، كما أنها تدين الاحتجاز غير العادل للصحافيين لممارستهم حرية التعبير.
من الممكن أن يواجه ما لا يقل عن 84 صحافيا بالوكالة الأميركية للإعلام العالمي يعملون في أميركا بتأشيرات عمل الترحيل
ويقوم الصحافيون برفع دعاوى قضائية في ما يتعلق بالأمر الذي أصدره ترامب. وقد رفع عدد منهم بإذاعة صوت أميركا، دعوى قضائية في محكمة اتحادية. ومن بينهم صحافيان أجنبيان لم يتم ذكر أسمائهما، يعملان بتأشيرات مؤقتة.
وجاء في الدعوى أنه في حال تم ترحيل أحدهما فإنه قد يواجه خطر السجن لمدة 10 أعوام بسبب عمله في إذاعة صوت أميركا، ويمكن أن يواجه الآخر، وهو من أفراد أقلية مضطهدة في بلاده ”خطرا جسديا”. وقد أوقفت المحكمة مؤقتا إنهاء العقود، مما يمنع إجبار أصحاب التأشيرات على المغادرة في الوقت الحالي.
وقد رفعت إذاعة آسيا الحرة وإذاعة أوروبا الحرة/راديو الحرية، التي تمولها أيضا الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، دعوى قضائية سعيا لاستعادة التمويل.
وتأتي أوامر ترامب عقب أن ساعدت الولايات المتحدة العام الماضي في تحرير المواطنة الروسية – الأميركية ألسو كورماشيفا والصحافية لدى إذاعة أوروبا الحرة ضمن اتفاق تبادل للسجناء شمل الصحافي إيفان جيرشكوفيتش الذي يعمل بصحيفة وول ستريت جورنال.
وفي فيتنام، يقبع أربعة مراسلين بإذاعة آسيا الحرة في السجن، في حين يخضع آخر للإقامة الجبرية، حسبما قالت تامارا برالو، رئيس أمن الصحافيين بالإذاعة. وأضافت أنها قلقة من أن السعي الأميركي للإفراج عنهم قد يتراجع في حال توقفت الإذاعة عن العمل.
وبدأ فوثي وهاور العمل في إذاعة آسيا الحرة في كمبوديا، ولكن اضطرا للمغادرة في عام 2017 عندما قامت أعلى محكمة في كمبوديا بحل حزب الإنقاذ الوطني الكمبودي المعارض الرئيسي، كما ألقت السلطات القبض على زملائهما وأغلقت الإذاعة مكتبها.
وفي تايلاند وبصفتهما لاجئين، استمر الاثنان في العمل، ولكن تم إخفاء هويتهما. وقد واجها خطورة إعادتهما إلى كمبوديا حتى أعادتهما الإذاعة إلى أميركا بتأشيرات عمل العام الماضي.
ويقول فوثي إنه مازال يأمل أن تستمر إذاعة آسيا الحرة في العمل، مضيفا أنها ” تكافح من أجل بقائها.”