الإمارات تدفع دبلوماسية اتفاقات أبراهام لإنهاء مأساة سكان غزة

وزير الخارجية الاماراتي ونظيره الإسرائيلي يبحثان في أبوظبي الجهود الإقليمية والدولية لاستئناف اتفاق الهدنة ووقف لإطلاق النار وتدفق المساعدات.
الاثنين 2025/04/07
وزير الخارجية الاماراتي يؤكد على أهمية حل الدولتين لانهاء الصراع

أبوظبي - بحث نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الأحد، "العلاقات المتطورة" بين البلدين، والأزمة الإنسانية بقطاع غزة، وجهود استئناف اتفاق الهدنة، وذلك في تحرك دبلوماسي لافت يرسخ دور أبوظبي الإقليمي المتزايد في المنطقة.

ويأتي هذا اللقاء الهام بعد نحو ثلاثة أسابيع من استئناف إسرائيل لعملياتها العسكرية المكثفة في القطاع الفلسطيني، مما يسلط الضوء على قلق أبوظبي المتزايد إزاء الوضع الإنساني المتردي الذي يواجهه سكان غزة.

وتكشف هذه الخطوة عن مساع دبلوماسية إماراتية حثيثة مع تل أبيب، مدفوعة برغبة حقيقية في تخفيف وطأة المعاناة عن سكان القطاع الذين يواجهون خطر التهجير والقصف المستمر، في ظل فشل جهود الوساطة الدولية الأخرى.

وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) بأن الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وجدعون ساعر استعرضا خلال اجتماعهما "مجمل التطورات الراهنة في المنطقة وتداعياتها، لا سيما الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة". وتناول الجانبان أيضًا "الجهود الإقليمية والدولية لاستئناف اتفاق الهدنة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن".

وتُعد الإمارات العربية المتحدة من أبرز الدول العربية التي خطت خطوات جريئة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020، وذلك بموجب "اتفاقات أبراهام" التي رعتها الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب. وشملت هذه الاتفاقات أيضًا المغرب والبحرين، لتصبح الإمارات بذلك أول دولة خليجية وثالث دولة عربية (بعد مصر والأردن) تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل.

وعلى الرغم من تبادل البلدين للعديد من الزيارات رفيعة المستوى منذ تطبيع العلاقات، إلا أن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى أبوظبي تُعتبر حدثًا نادرًا منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، مما يضفي عليها أهمية خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة.

وخلال اللقاء، أكد الشيخ عبدالله بن زايد على "أولوية العمل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وتجنب اتساع رقعة الصراع في المنطقة"، مشددًا على دعم بلاده "الجهود الدبلوماسية كافة الرامية إلى حماية المدنيين كافة وتعزيز الاستجابة للأزمة الإنسانية في قطاع غزة".

وجدد وزير الخارجية الإماراتي التأكيد على "الأهمية العاجلة... لإعادة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين"، وهو موقف ثابت للإمارات يؤكد على ضرورة معالجة جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لتحقيق استقرار دائم في المنطقة.

ويأتي هذا التحرك الدبلوماسي الإماراتي في أعقاب استئناف إسرائيل لقصفها المكثف على غزة في 18 مارس الماضي، بعد تعثر المفاوضات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان ساري المفعول منذ 19 يناير، والذي جاء بعد 15 شهرًا من الحرب المدمرة في القطاع.

ومنذ تجدد القتال، أعلنت وزارة الصحة التي تديرها حماس عن مقتل 1330 شخصًا في الهجمات الإسرائيلية.

وحتى الآن، باءت بالفشل جميع الجهود الرامية إلى إحياء وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، مما يزيد من الضغوط على الأطراف الإقليمية والدولية لإيجاد حلول عاجلة.

وقد عبر الشيخ عبدالله بن زايد عن قلق بلاده العميق إزاء "الأوضاع المأساوية التي يعانيها المدنيون في قطاع غزة"، مؤكدًا على "ضرورة بذل كافة الجهود لضمان التدفق الآمن والمستدام ودون أي عوائق للمساعدات الإنسانية الملحة إلى القطاع".

وتأتي هذه التصريحات في سياق استمرار الحصار الإسرائيلي الشامل على غزة، والذي يشمل منع دخول المساعدات وقطع إمدادات الكهرباء عن محطة تحلية المياه الرئيسية، مما يفاقم أزمة الجوع والمرض التي تهدد حياة مئات الآلاف من السكان.

واندلعت إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، والذي تسبب بمقتل 1218 شخصًا، وفقًا لتعداد استند إلى أرقام إسرائيلية رسمية. ومنذ ذلك الحين، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة عن ارتفاع الحصيلة الإجمالية للقتلى في القطاع إلى 50695 شخصًا.

ويمثل هذا اللقاء الرفيع المستوى في أبوظبي محاولة إماراتية جادة لتفعيل دبلوماسية "اتفاقات أبراهام" في مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.

وتسعى الإمارات إلى ترجمة علاقاتها الجديدة مع إسرائيل إلى قوة دافعة للضغط من أجل تخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة، مما يضفي بعدًا إنسانيًا وسياسيًا أوسع على "اتفاقات أبراهام".

وفي ظل تعثر جهود الوساطة التقليدية، تحاول الإمارات فتح قناة اتصال مباشرة مع إسرائيل لإيجاد حلول عملية أو على الأقل التأثير على القرارات الإسرائيلية المتعلقة بالهدنة والمساعدات الإنسانية.

وتسعى أبوظبي لتعزيز مكانتها كلاعب إقليمي مسؤول يسعى للمساهمة في حل النزاعات وتخفيف الأزمات الإنسانية، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وتتبنى الإمارات مقاربة ترى في تحسين الوضع الإنساني في غزة خطوة ضرورية نحو تهيئة الظروف لاستئناف العملية السياسية وتحقيق حل الدولتين.

كما تسعى أيضا من خلال هذه المبادرة، إلى إرسال رسالة ضمنية بوجود موقف عربي موحد يسعى لإنهاء معاناة الفلسطينيين وتحقيق السلام العادل والشامل.