مطالب حظر تيك توك في العراق تصطدم باعتراضات واسعة

تيك توك أصبح منصة رئيسية لروّاد الأعمال خاصة صغار التجّار والمبدعين لبيع منتجاتهم وبناء العلامات التجارية.
الاثنين 2025/04/07
منصة بين الرفض والقبول للعراقيين

بغداد - أثارت وزيرة الاتصالات العراقية هيام الياسري، الجدل مجددا حول حظر تطبيق تيك توك الذي يحظى بشعبية واسعة في البلاد، إذ تقول أن آلاف المناشدات وردتها من عوائل عراقية تطالب بإيقاف وحظر التطبيق، “لأن فيه ما لا يليق بشعبنا وعوائلنا،” بينما يرفض الكثيرون هذا الطرح بسبب أهميته في أعمالهم.

وبحسب مركز الإعلام الرقمي يستخدم 34.3 مليون شخص في العراق تطبيق تيك توك، ما يشير إلى أن هذه المنصة أصبحت الوجهة المفضلة لشريحة واسعة من المستخدمين العراقيين، خصوصاً الشباب والعديد من المؤثرين وصناع المحتوى.

وهذه ليست هي المرة الأولى التي تعلن فيها وزيرة الاتصالات عزمها حجب التطبيق فقد قدمت وزارة الاتصالات طلبا إلى مجلس الوزراء بهذا الخصوص في مارس 2024، لأنه “ساهم بشكل كبير في تفكك النسيج المجتمعي العراقي، وكونه لا يحتوي على فائدة علمية وتعليمية، بل هو مجرد تطبيق للترفيه” بحسب الياسري.

غير أن اقتراح الوزيرة لا يحظى بالموافقة لدى شريحة واسعة من العراقيين، وأكد الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج، أن “تيك توك أصبح منصة رئيسية لروّاد الأعمال، خاصة صغار التجّار والمبدعين، فمن خلاله تُباع المنتجات المحلية، وتُسوّق الخدمات، وتُبنى العلامات التجارية الشخصية، وأن حجبه يعني إغلاق نوافذ البيع والتسويق أمام الآلاف من الشباب العاملين في مجال (الاقتصاد الرقمي).”

وأضاف فرج في تصريح لوكالة شفق نيوز المحلية، أن “قرار الحجب ليس بسيطاً، فهو يؤثر على طبقة شابة حاولت بناء اقتصاد جديد من خلال الهاتف، دون أن تثقل الدولة بمطالب التوظيف، وإغلاق هذا الباب هو خسارة اقتصادية لا يُستهان بها في زمن يبحث فيه العالم عن مصادر جديدة للنمو.”

ويؤكد الكثيرون أنهم يعتمدون على التطبيق في أعمالهم، معبرين عن استيائهم من محاولات وزارة الاتصالات لحظره، كما هو الحال مع إحدى صانعات المحتوى التي تنشر مقاطع فيديو حول مواد التجميل، وتشارك آراءها حول المنتجات المختلفة، وتقدم النصائح لمتابعيها حول كيفية استخدامها.

وقالت صاحبة المحتوى التي رفضت الإفصاح عن هويتها إن “التطبيق يعتبر مصدر رزق للكثيرين الذين بنوا جمهورا كبيرا على التطبيق ويستفيدون منه من خلال بيع مواد التجميل وغيرها عبر الإنترنت، حيث يتلقون الطلبات من المتابعين، ويقومون بخدمتهم وتقديم النصائح لهم.”

34.3

مليون شخص في العراق يستخدمون تيك توك ما يشير إلى أن هذه المنصة أصبحت الوجهة المفضلة لشريحة واسعة من المستخدمين العراقيين

وأضافت، أن “التلويح بين فترة وأخرى بحجب تيك توك يثير القلق فهو مصدر رزقنا، ونعتمد عليه كوسيلة للتواصل مع المتابعين وبيع المنتجات، لذلك هناك تخوف على مستقبل هذا العمل، حيث إن حجب التطبيق سيؤثر على المبيعات وسيحد من قدرات التواصل مع المتابعين.”

وترى، أن “التوجه لحجب التطبيق غير صحيح، ولا نعلم ما هو الهدف الحقيقي منه، فكل شيء يمكن استخدامه بطريقة صحيحة أو خاطئة، فالعلة ليست به بل بالمستخدم، لذلك حديث وزيرة الاتصالات ربما يأتي دعاية انتخابية مبكرة لها، أو غاية في نفسها لا نعلمها.”

وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت في 14 مارس الماضي، قرارا بشأن حجب المواقع وشبكات الإنترنت وتطبيقات التواصل الإلكتروني التي تتضمن صناعة ونشر المقاطع المخلة بالأخلاق والآداب والمحتوى الهابط الذي يخدش الحياء والتجاوز بحق الذات الإلهية وحرمة الكتب المقدسة والتجاوز بحق الأنبياء والرسل والرموز الدينية والإساءة للأديان والمذاهب والترويج والنشر للفسق والفجور والبغاء والشذوذ الجنسي والتعرض للآخرين والإساءة إليهم.

كما وجه البنك المركزي العراقي في ديسمبر 2024، بإيقاف الحوالات المالية لوكلاء شركة تيك توك داخل البلاد، وبحسب وثيقة صادرة عن المركزي العراقي، فإن “القرار جاء بناءً على كتاب من وزارة الاتصالات العراقية.”

ويرى عضو لجنة الاتصالات النيابية هيثم الزركاني، أن “هذه القضية ليست بجديدة فقد صرحت وزيرة الاتصالات في أكثر من مناسبة بعزمها غلق تيك توك لكن هذا الإجراء غير صحيح وليس في محله، باعتبار أن التطبيق مصدر رزق للكثير من الشباب، كما هو منصة لنشر المعلومات وإبراز الأعمال، والكثير من السياسيين يستخدمون هذا التطبيق وينشرون فعالياتهم عليه.”

وأشار الزركاني، إلى أن “تيك توك هو التطبيق الوحيد غير التابع للولايات المتحدة، وأن توجه وزيرة الاتصالات ينافي تصريحات حكومة الإطار التنسيقي بعدم التوجه نحو الاحتكار الأميركي، لذلك الوزيرة من حيث لا تعلم تحاول تنفيذ الأجندات الأميركية، حيث إن ترامب هو من أغلق التطبيق في الولايات المتحدة، لذلك على الوزيرة الانتباه لهذا الجانب.”

وأكد أن “لجنة الاتصالات هي المعنية بمثل هكذا قرارات، لذلك عند وصول طلب وزيرة الاتصالات إلى اللجنة فهي سوف تناقشه داخلها وترد الطلب دون عرضه على البرلمان لقراءته تحت قبته، لأن القرار غير صائب وينفذ أجندات أميركية.”

وكان رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، أكد أن “حرية الرأي والتعبير في كل التشريعات والدساتير والمواثيق والعهود الدولية تعتبر من الحقوق الأساسية للمواطن، وهذه الحريات مكفولة باعتبارها تمثل حقاً من الحقوق الأساسية التي يجب أن تكون متوفرة لكل البشر.”

وأكد أن “الحظر الشامل للتطبيق غير صحيح، بل ينبغي تنظيم هذا البرنامج كما في باقي الدول، وهذا التنظيم سيساعد على تشذيب ما ينشر في البرنامج التي لا تتناسب مع الذوق والآداب العامة، لذلك على الحكومة توفير بيئة مناسبة وآمنة ومحمية لممارسة هذا الحق دون حظره.”

5