أفريكوم تعول على الشراكات الإستراتيجية في شمال أفريقيا لإقناع ترامب بدورها

لانغلي يعتبر المغرب قائدا إقليميا من خلال تصدير الأمن والتنمية.
الأحد 2025/04/06
المغرب أحد أبرز المرشحين والأكثر جاهزية لاحتضان مقر أفريكوم

أوضح قائد القيادة الأميركية في أفريقيا "أفريكوم" في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي أهمية الشراكات الأميركية في شمال أفريقيا مع المغرب وتونس وليبيا، والدور الذي تقوم به لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي، خصوصا مع مساعي خصوم واشنطن للتمدد في القارة.

واشنطن - حدد الجنرال مايكل إي. لانغلي، قائد القيادة الأميركية في أفريقيا "أفريكوم"، أهداف واشنطن في شمال أفريقيا بالاعتماد على الشراكة الإستراتيجية مع المغرب وتونس ومساعدة ليبيا على توحيد قواتها العسكرية وبناء جيش موحد يخضع للسيطرة العسكرية.

ويسعى الجنرال لانغلي إلى إقناع الرئيس دونالد ترامب بأهمية عمل "أفريكوم" في ظل التساؤلات حول جدوى الوجود العسكري لواشنطن في القارة، وأبرز خلال شهادته الخميس أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي التحديات الأمنية في القارة ودور "أفريكوم" في حماية الولايات المتحدة من "التهديدات الصادرة من أفريقيا، وصون المصالح الحيوية لواشنطن عبر مواجهة جهود الخصوم"، بالاعتماد على الشركاء.

وأشار إلى مجموعة متنوعة من العمليات والأنشطة والاستثمارات في شمال أفريقيا وذلك لتعزيز المصالح الأميركية عبر تعزيز الشراكات القوية في منطقة تقع عند مفترق طرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وقال لانغلي إن شمال أفريقيا تضم حليفين رئيسيين خارج “ناتو” يتمتعان بقدرات عالية، وهما المغرب وتونس، وكلاهما يدعم أهداف واشنطن الإقليمية.

ويعد المغرب قائدا إقليميا من خلال تصدير الأمن والتنمية الاقتصادية عبر أفريقيا، حيث يقدم تدريبا لأكثر من 1200 شريك أفريقي سنويا، غالبا دون تكلفة على المتدربين. ويشمل التدريب جميع مستويات التعليم العسكري من التدريب الأساسي إلى كلية الحرب، ويغطي جميع الأفرع، بما في ذلك التدريب الطبي والاستخباراتي والمظلي والعمليات الخاصة. وفقا لتصريحات لانغلي.

ويواصل المغرب التزامه القوي بمساندة بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، حيث ينشر سنويا 1700 جندي في جمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية. وفي إطار تعزيز هذا الدور، سيفتتح المغرب في سبتمبر 2025 مركزا للتميز في مجال حفظ السلام، بتمويل مشترك مع الولايات المتحدة. وسيكون هذا المركز قادرا على تدريب الآلاف من العسكريين الأفارقة، بالإضافة إلى استضافة لقاءات إستراتيجية تجمع قادة الدفاع والدبلوماسيين وخبراء العمليات الأممية.

وفي ظل التحولات الجيوسياسية والأمنية التي تعرفها القارة الأفريقية، بدأت تتعالى الأصوات مجددا حول إمكانية نقل مقر (أفريكوم) من مقره الحالي في شتوتغارت ألمانيا، إلى دولة أفريقية قريبة من ساحات التحديات الحقيقية. ويبرز المغرب كأحد أبرز المرشحين والأكثر جاهزية لاحتضان هذا المقر الإستراتيجي.

◙ خبرة المدرسة التونسية في مكافحة العبوات الناسفة مطلوبة بشدة من قِبل القوات الأفريقية المنتشرة في بعثات الأمم المتحدة

وكشف تقرير صدر في مايو الماضي عن "معهد شيلبي كولوم ديفيس للأمن القومي والسياسة الخارجية" الأميركي، عن وجود إمكانية أن تقوم قيادة "أفريكوم" بالاستقرار في المغرب عن طريق نقل بعض آلياته وعناصره، لزيادة تعزيز العلاقات العسكرية مع المغرب والاستفادة من الموقع الإستراتيجي الهام للمملكة في غرب أفريقيا.

وقال التقرير إن العلاقات التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة قوية من الناحية العسكرية، ويتم ترجمة هذا في العديد من الأنشطة المشتركة، مثل تدريبات الأسد الأفريقي السنوية التي تُعد أكبر تدريبات القيادة الأميركية في أفريقيا، وبالتالي فإن هذه التدريبات تُعتبر شهادة على الشراكة الأمنية الدائمة بين البلدين.

وقال لانغلي "نحن ثابتون في التزامنا تجاه الشعب الأميركي، ونهجنا سليم، نعمل مع الحلفاء والشركاء المتشابهين في التفكير لتمكين حلول أمنية تحمي مصالحنا." و"أفريكوم" هي قيادة عسكرية تم إنشاؤها في العام 2007 من قبل الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، في إطار الحرب ضد الإرهاب العالمي.

ويجد ترامب نفسه مضطرا إلى تكثيف تركيزه على تعزيز العلاقات الأميركية - الأفريقية من أجل الحد من النفوذ المتنامي لكل من الصين وروسيا في القارة، لاسيما أن السياسة الخارجية الأميركية لم تجعل من أفريقيا أولوية لفترة طويلة باستثناء رؤيتها من خلال عدسة مواجهة المنافسين الإستراتيجيين مثل الصين وروسيا.

ونوه لانغلي بأن أفريقيا تعد مسرحا إستراتيجيا، إذ أنها قارة تلتقي فيها المصالح العالمية. فبحلول العام 2050 سيشكل سكانها 25 في المئة من سكان العالم، وهي تتمتع حاليا بأكبر شريحة ديموغرافية من الشباب، بالإضافة إلى مجتمعات تتحضر بسرعة.

وأضاف "تُعد تونس أيضا مصدرا للأمن في شمال أفريقيا، فهي تظل شريكا إستراتيجيا في التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي الأوسع كمحور تدريبي عسكري إقليمي متنامٍ، إذ تبرز كشريك رئيسي يتبنى ويعكس المعايير العسكرية الغربية." وتدعم تونس عمليات حفظ السلام عبر أفريقيا، ولاسيما عبر قدرات النقل الجوي الإستراتيجي مع أسطولها المتزايد من طائرات سي-130.

وأوضح لانغلي أن خبرة "المدرسة التونسية لمكافحة العبوات الناسفة" المكتسبة خلال كفاح تونس ضد الإرهاب في العقد الماضي مطلوبة بشدة من قِبل القوات الأفريقية المنتشرة في بعثات الأمم المتحدة، متابعا “تمتلك تونس قدرة كبيرة على التأثير في الجيوش عبر منطقة الساحل وغرب أفريقيا."

كما تطرق إلى ليبيا، قائلا إن قيادة "أفريكوم" تسعى إلى دفع الليبيين لتعزيز اعتمادهم على أنفسهم لبناء جيش موحد يخضع للسيطرة المدنية، ويحفظ السيادة الليبية، ويعزز أمن الحدود، ويحارب الهجرة غير الشرعية والإرهاب العابر للحدود. وأضاف لانغلي، في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ أن التنافس بين الفاعلين الأمنيين في شرق وغرب ليبيا يؤثر على تطور البلاد واستقرارها، و"هو وضع يهز أحيانا أسواق الطاقة العالمية،" بينما يجب أن تأتي إعادة التوحيد الوطني في النهاية من الشعب الليبي.

◙ قيادة "أفريكوم" تسعى إلى دفع الليبيين لتعزيز اعتمادهم على أنفسهم لبناء جيش موحد يخضع للسيطرة المدنية

وهذه الجلسة الأولى في سلسلة من الجلسات من المقرر أن تُعقد أمام مشرفي وزارة الدفاع الأميركية ومسؤولي المخصصات العسكرية في الأسابيع المقبلة، وسوف تتبعها على الفور جلسة استماع مغلقة بشأن التهديدات السرية في المنطقة. وأوضح أنه يمكن لـ"أفريكوم" من خلال خطوات مدروسة ومحدودة أن تدعم جهود التكامل الأمني متعدد الأطراف، لتعزيز الظروف المواتية للمصالح الأميركية، في ظل أن إعادة التوحيد الوطني “يجب في النهاية أن تكون من الشعب الليبي."

وفي نهاية فبراير الماضي قامت "أفريكوم" بتدريب جوي في ليبيا كخطوة لإعادة توحيد المؤسسات العسكرية في البلاد وتحسين قدراتها في الدفاع الجوي. وقالت في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي الإلكتروني، إن طيرانها العسكري "يدعم تدريب الشركاء ومشاريع القوة العالمية، وقد أجرت بدعم من القيادة الإستراتيجية الأميركية، فرصة تدريب فريدة من نوعها مع المراقبين الجويين التكتيكيين العسكريين الليبيين."

وعبرت طائرتان أميركيتان من طراز بي-52 إتش من جناح القنابل الثاني في قاعدة باركسديل الجوية في لوس أنجلس المجال الجوي الليبي، بينما أظهر المراقبون الجويون التكتيكيون الليبيون والأميركيون المشتركون كيف سيوجهون بشكل مشترك طائرات بي-52 للقيام بمهمة محاكاة." ونقل البيان عن نائب قائد القيادة الأميركية الأفريقية الفريق جون برينان قوله “نحن ملتزمون بمواصلة التعاون مع القوات الليبية لدعم ليبيا مستقرة وموحدة وذات سيادة."

واعتبرت السفارة الأميركية لدى ليبيا أن هذا الحدث "يمثل خطوة مهمة أخرى نحو هدف إعادة توحيد المؤسسات العسكرية الليبية ويظهر التزام الولايات المتحدة بالوحدة والاستقرار في ليبيا." وفي ليبيا، يشهد الجيش انقساما إلى جهتين، إحداهما القوات العسكرية في غرب البلاد وتتبع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، والثانية في شرق البلاد برئاسة المشير خليفة حفتر.

ومنذ سنوات، تقود بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا حوارا بين العسكريين المنقسمين لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية وذلك ضمن لجنة "5+5" المشكلة من 5 أعضاء من المؤسسة العسكرية في غرب ليبيا و5 من طرف حفتر. ويأمل الليبيون أن تؤدي الانتخابات التي طال انتظارها إلى وضع حد للصراعات السياسية والمسلحة وإنهاء الفترات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).

وتناول لانغلي أيضا العلاقات مع الجزائر قائلا إنها “تُعتبر تقليديا دولة غير منحازة، لكن صناعتها الدفاعية تحرز تقدما كبيرا في المبيعات التجارية المباشرة للمعدات الدفاعية، مثل طائرات سي-130." وفي يناير 2025، وقّعت الولايات المتحدة والجزائر مذكرة تفاهم للتعاون العسكري، مما يعكس رؤية البلدين المشتركة لتعزيز السلام الإقليمي والدولي عبر الحوار الإستراتيجي.

2