تونس تُنهي فصول مخيمات لمهاجرين أفارقة وسط تزايد الضغوط

العامرة (تونس) - نفذت السلطات التونسية الجمعة عملية واسعة النطاق لفك مخيمات مؤقتة كانت تؤوي آلاف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في منطقتي العامرة وجبنيانة التابعتين لولاية صفافس بوسط شرق البلاد، في تحرك يعكس تصاعد الضغط الشعبي والمخاوف الصحية.
وجاءت هذه الخطوة استجابة لحملة نشطة على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب برحيل هؤلاء المهاجرين غير النظاميين، وتزايد شكاوى السكان المحليين من الظروف المعيشية في محيط هذه التجمعات العشوائية المقامة وسط بساتين الزيتون بعدما أصبحت شوكة في خاصرة السلطات.
وقال المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي مساء الجمعة إن حوالي عشرين ألف مهاجر، مقسمين في مخيمات عدة غير رسمية، نصبوا خياما في الحقول.
وأضاف أنه منذ الخميس، اضطر حوالي 4000 شخص من جنسيات عدة إلى مغادرة مخيم "الكيلو 24"، وهو أحد أكبر المخيمات في المنطقة.
وأشار إلى أنه تم إخلاء مخيمات عشوائية أخرى في المنطقة نفسها، لافتا إلى أن العمليات ستستمر خلال الأيام المقبلة.
وذكر أن السلطات الصحية تكفلت بالاعتناء بأشخاص ضعفاء وبنساء حوامل.
ولدى سؤاله عن مصير الآلاف من المهاجرين المتبقين، قال إن بعضهم "تفرقوا في البرية". وأوضح أن أشخاصا كثيرين أبدوا رغبتهم في العودة طوعا إلى بلادهم.
ومساء الجمعة، في مخيم "الكيلو 24"، شوهدت في الظلام أحذية وبقايا طعام وحزمة من المتعلقات الشخصية إلى جانب أكوام من الأشياء والفرش المحترقة.
وقال الجبابلي "كان هناك العديد من القضايا المعروضة أمام المحاكم بسبب احتلال ممتلكات خاصة" مثل بساتين الزيتون "وكان من واجبنا إزالة كل أشكال الفوضى".
كما كشف في تصريح لإذاعة محلية عن حجز "العديد من الأسلحة البيضاء" خلال العملية، وإيقاف عدد من المهاجرين الأفارقة الذين يجري العمل على ترحيلهم قسرياً.
وأضاف أنه تبين خلال التحقيقات مع الموقوفين وجود "تواصلهم مع أطراف أجنبية لبث البلبلة في المخيمات وفي المناطق المجاورة".
وفي سياق متصل، أكد مدير عام منظمة الهلال الأحمر التونسي بصفاقس، أنس الحكيم، وجود "إقبال كبير" من المهاجرين غير النظاميين في منطقتي العامرة وجبنيانة على العودة الطوعية. وأوضح في تصريح إذاعي أن متطوعي الهلال الأحمر والفرق الطبية يتواجدون في المخيمات للتواصل مع المهاجرين وإقناعهم بضرورة القبول بالمغادرة الطوعية، مشيراً إلى أن التسجيل للعودة بدأ منذ أربعة أشهر على الأقل.
وحذر الحكيم من أن "الوضع الصحي بمخيمات الأفارقة غير مطمئن" سواء للمهاجرين أو لسكان المناطق القريبة، مشدداً على ضرورة الإسراع في عمليات العودة الطوعية لتفادي انتشار الأمراض. وأشار إلى أن منظمة الهلال الأحمر هي الجهة الوحيدة المخولة من السلطات التونسية بالتعامل مع المهاجرين جنوب الصحراء في ولاية صفاقس.
وأوضح الحكيم أن عمليات المغادرة الطوعية ستنطلق فور حصول "الشريك الدولي المعني بالملف" على قوائم المسجلين، مؤكداً حرص منظمته على تسريع وتيرة العودة الطوعية لإخلاء أماكن تواجد المهاجرين غير النظاميين في أقرب وقت ممكن. ونفى بشدة تسجيل أي عمليات عودة قسرية للمهاجرين، مؤكداً أن "الدولة التونسية لا تعتمد العودة القسرية تجاه المهاجر غير النظامي احتراماً للمعاهدات الدولية التي أمضتها".
ورغم عدم وجود تأكيد رسمي بشأن نقل المهاجرين إلى أماكن أخرى داخل البلاد، ترجح وسائل إعلام محلية تخصيص مراكز إيواء مؤقتة لهم في مناطق مختلفة لحين إعادتهم طوعاً إلى بلدانهم.
ويأتي هذا التحرك بعد دعوة وجهها الرئيس قيس سعيد في نهاية مارس الماضي إلى المنظمة الدولية للهجرة لتكثيف جهودها لضمان "العودة الطوعية" للمهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم.
وكانت وزارة الخارجية التونسية قد أعلنت في يناير الماضي عن إعادة 7 آلاف و250 مهاجراً غير نظامي إلى بلدانهم طوعياً خلال عام 2024، بالتعاون مع المنظمات الدولية وعلى رأسها المنظمة الدولية للهجرة.
كما سبق أن أعلنت المفوضية الأوروبية، في سبتمبر 2023، تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس، ضمن مذكرة تفاهم تتعلق بملفات بينها الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
وتشكل قضية المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى موضوع توتر شديد في تونس. وتعد البلاد نقطة عبور رئيسة لآلاف المهاجرين واللاجئين من أفريقيا جنوب الصحراء، الراغبين في الوصول إلى الساحل الإيطالي.
وتبعد أقرب نقطة من تونس الى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية أقل من 150 كيلومترا، وغالبا ما تكون أول نقطة وصول للمهاجرين غير القانونيين.
ويحاول عشرات الآلاف من المهاجرين، معظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، العبور كل عام.
ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، فقد مات أو فقد 343 شخصا أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط هذا العام.
وتواجه تونس ضغطا متزايدا من الاتحاد الأوروبي للحد من هذه الرحلات غير القانونية، بينما أثارت مجموعات حقوقية مخاوف بشأن معاملة المهاجرين الذين يعيشون بشكل مؤقت في مناطق غير مؤهلة للسكن في تونس.
ووصل حوالي 8743 مهاجرا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، وهو عدد أكبر بقليل مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الفائت، وفقا لوزارة الداخلية الإيطالية.