الفن الجماعي يساعد كبار السن على علاج الاكتئاب والقلق

برلين - توصلت نتائج دراسة حديثة إلى أن الفن الجماعي يساعد في علاج الاكتئاب والقلق لدى كبار السن، خصوصا أن هذه الفئة العمرية تعاني غالبا من الوحدة والمتاعب الجسدية والنفسية.
وأوضح الباحثون القائمون على الدراسة، التي نشرتها مجلة الصحة العقلية الطبيعية المتخصصة، أن عزف الموسيقى أو الرسم أو الرقص تساعد على تخفيف المتاعب بشكل ملحوظ لدى كبار السن، الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق، مشيرين إلى أن التأثير يكاد يضاهي تأثير مضادات الاكتئاب أو العلاج المتمحور حول المريض أو ممارسة التمارين الرياضية. ولم يلاحظ الباحثون أيّ فرق بين فنون الرسم والرقص والموسيقى، مما يشير إلى أن العمل الإبداعي التعاوني في إطار المجموعة هو العنصر الأكثر أهمية؛ حيث تعمل الممارسة المشتركة مع العناصر الفريدة للأنشطة الفنية على تعزيز الصحة النفسية. وهذا مهم بشكل خاص لكبار السن، الذين قد يواجهون صعوبات في الحصول على العلاجات التقليدية.
يُشار إلى أن الباحثين قاموا بتقييم 39 دراسة من 21 دولة شملت أكثر من 3360 شخصا مسنا يعانون من الاكتئاب و949 شخصا يعانون من القلق. ويحدث كلا المرضين بشكل متكرر في سن الشيخوخة؛ حيث يعاني حوالي 7 في المئة من الأشخاص فوق سن الستين من الاكتئاب، في حين يعاني 4 في المئة من القلق.
والعلاج بالفن هو أحد أنواع العلاج النفسي والذي يعرف بالعلاج التعبيري؛ فهو يعتمد على توظيف العملية الإبداعية، حيث يستخدم هذا النوع من العلاج مع تقنيات العلاج النفسي الأخرى مثل العلاج الجماعي والسلوكي والمعرفي ويشمل أنشطة إبداعية مثل الرسم والنحت والطين.
ويعمل هذا العلاج على فهم الجوانب النفسية للعملية الإبداعية، ويعتمد المعالجون على استخدام أنسب الأدوات من المواد الفنية والوسائط والتقنيات التي تتناسب مع احتياجات كل شخص.
وتختلف الأساليب طبقاً للعمر وأسباب طلب المساعدة والإعاقة الجسدية أو النفسية، وهو يناسب جميع الأعمار من الأطفال والبالغين على حد سواء. ويقوم هذا النوع من العلاج على تحفيز الأشخاص على رسم عواطفهم أو تحويلها إلى عمل فني يعبر عن أفكارهم، وهو أسلوب مثالي لمساعدة الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم بالكلمات، ويقدم الدعم للأشخاص والأطفال الذين تعرضوا لصدمات أو أزمات إنسانية.
تأثير عزف الموسيقى أو الرسم أو الرقص يكاد يضاهي تأثير مضادات الاكتئاب أو ممارسة التمارين الرياضية
وتفيد المؤسسة القومية الأميركية للشيخوخة قائلة أن “الاكتئاب لدى كبار السن يمكن علاجه، حتى الاكتئاب الشديد. ومن المهم طلب العلاج بمجرد أن تبدأ في ملاحظة العلامات. ويمكن أن تسبب بعض الأدوية (بعض أدوية علاج ارتفاع الضغط مثلاً) أو الحالات الطبية (كسل الغدة الدرقية أو فقر الدم مثلاً) في بعض الأحيان نفس أعراض الاكتئاب.”
وتضيف أن العلاج النفسي يمكن أن يساعد الشخص على تحديد وتغيير المشاعر والأفكار والسلوك المزعج. ومن أمثلة أساليب العلاج النفسي للاكتئاب “العلاج السلوكي المعرفي” ويوضحه المتخصصون النفسيون في مايوكلينك بالقول “هو نوع شائع من العلاج، ويشمل حضور عددٍ محدود من الجلسات للمحادثة الكلامية مع المُعالِج النفساني بطريقة منظَمة. وتساعد طريقة العلاج السلوكي المعرفي على أن يدرك الشخص التفكير غير الصحيح أو السلبي، حتى يتمكن من فهم المواقف الصعبة بشكل أكثر وضوحاً والاستجابة لها بطريقة أكثر فاعلية.
ويمكن أن تكون طريقة العلاج السلوكي المعرفي أداة مُفيدة جداً – إما بمُفردها أو باشتراكها مع علاجاتٍ أخرى – في علاج الاكتئاب. ومع ذلك، ليس كل من يخضع لطريقة العلاج بالسلوك المعرفي هو بالفعل مصاب بحالة صحية عقلية. بل يُمكن أن تكون طريقة العلاج السلوكي المعرفي أداة فعالة لمساعدة أيّ شخصٍ على تعلم كيفية إدارة ظروف الحياة المُجهِدة بشكلٍ أفضل.
وتتفق الأوساط الطبية على أنه يجدر ألا يُعاني كبار السن من الاكتئاب. وتحت عنوان “الاكتئاب ليس جزءاً طبيعياً من التقدم في السن”، تشير المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى أن “الاكتئاب ليس جزءاً طبيعياً من التقدم في السن. والاكتئاب ليس مجرد الشعور بالحزن أو المشاعر التي نشعر بها عند الحزن على فقدان أحد الأحباء، بل هو حالة طبية حقيقية يمكن علاجها، مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك، فإن كبار السن معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بالاكتئاب.”
وتختلف تقديرات انتشار الإصابات بالاكتئاب الشديد لدى كبار السن، فلدى الذين يعيشون في المجتمع، هي ما بين 1 إلى 5 في المئة. وعند الذين يحتاجون رعاية منزلية (لا يتمكنون من الاعتماد على أنفسهم) ترتفع النسبة إلى 14 في المئة.