"المراهقة".. دراما نفسية تناقش تأثيرات الإنترنت على سلوكيات الشباب

دراما نفسية مثيرة تستكشف التنمر والذكورة السامة، وكيف يمكن لعقل شاب مراهق من عائلة تبدو محبة أن يتحول بهدوء إلى متطرف.
الجمعة 2025/04/04
طفل هادئ حوّله التنمر إلى قاتل

لندن- كيف تؤثر الإنترنت على سلوك الشباب وإلى أي مدى يمكن أن تقودهم نحو الانحرافات السلوكية؟ وما مدى خطورة التنمر والعزلة الاجتماعية على استفزاز أنماط التفكير والفعل الخطيرة لدى المراهقين؟ هذا ما يحاول مناقشته المسلسل البريطاني القصير “المراهقة”، الذي بمجرد عرضه أول حلقاته حتى صار ضمن المسلسلات الأكثر نجاحا لهذا الموسم.

تدور أحداث مسلسل “المراهقة” حول قصة مراهق قاتل، وبدأ هذا الموضوع الحساس يلفت الأنظار إليه حيث أبدت وسائل إعلام بريطانية اهتماما كبيرا بهذه الدراما النفسية المثيرة.

وحقق المسلسل أكثر من 66 مليون مشاهدة حول العالم خلال الأيام العشرة الأولى من عرضه، الذي بدأ يوم 13 من شهر مارس الماضي.

وقالت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، إن العمل المكون من أربعة أجزاء، هو “الأقرب إلى الكمال بين الأعمال التلفزيونية التي تم تقديمها منذ عقود،” وهو من تأليف جاك ثورن وستيفن جراهام، وتبلغ مدة عرضه 3 ساعات و50 دقيقة.

ماذا عن اسم المسلسل؟ إن “المراهقة” هي المرحلة الانتقالية التي يمر بها صغار السن، والتي عادة ما تكون شديدة الصعوبة ومضطربة وغير متوقعة وتتسم بقوة المشاعر والعواطف، كما يصفها المسلسل بأن “هناك أشياء شديدة الجنون تحدث في عقل الطفل” خلال هذه المرحلة.

أما عن نوع العمل، فتدور أحداث المسلسل حول جريمة قتل، وهو ما قد يدفع البعض لوصفه بأنه مسلسل جريمة وإثارة، ولكن لا نتوقع منه غموضا. ويتمكن المشاهد من الحلقة الأولى أن يحصل على إجابة لسؤال “من الذي ارتكب الجريمة؟” وهي ليست النقطة المحورية في المسلسل.

إنه ليس حتى مسلسلا عائليا أو يدور حول فكرة مرحلة النضوج، بل هو أقرب إلى أن يكون دراما اجتماعية تطرح سؤالا، هو “ما هو تأثير عنف الولد على من حوله؟ وهل هناك شخص مسؤول عن ذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن هو؟”

تدور أحداث المسلسل، المكون من أربعة أجزاء، حول الصبي جيمي ميلر الذي يجسد دوره أوين كوبر، يبلغ من العمر 13 عاما، يقوم بطعن زميلة له في الصف المدرسي. وفي اليوم التالي، عندما اقتحمت الشرطة غرفة نومه وقف والداه، اللذان يجسد دورهما ستيفن غراهام وكريستين تريماركو، مذهولين وعاجزين.

كما تؤثر الواقعة على أخته الكبرى ليزا التي تجسد شخصيتها الممثلة الشابة إيميلي بيز. ومن خلال جريمة قتل الطالبة كاتي، يستكشف المشاهد نفسية الصبي القاتل، الذي من الواضح أنه شديد التأثر بالتنمر والعزلة الاجتماعية وأنماط التفكير الخطيرة.

ولكن، لماذا يتحدث الجميع عن المسلسل؟ لقد كانت نقطة الانطلاق بالنسبة إلى كاتبي السيناريو، هي الارتفاع الحاد في معدلات جرائم الطعن بين الشباب في بريطانيا، وكيف يتم تحويلهم إلى متطرفين عبر الإنترنت. ويحظى المسلسل بتأثير قوي على المشاهدين، ولا تدور أحداثه حول قصة يسهل للمرء أن ينساها.

ومما يجعل المسلسل شديد التميز، أنه مكون من أربع حلقات، مدة كل منها ساعة تقريبا، كل منها مصور في لقطة واحدة. ويمكن للمشاهد أن يرى حركات كاميرا مذهلة، من خلال الإخراج الذي تم بمنتهى المهارة والبراعة على أيدي مخرج العمل، فيليب بارانتيني. وقد تطلبت حركات الكاميرا البانورامية والسريعة المذهلة تخطيطا وتنسيقا دقيقين من جانب الممثلين وطاقم العمل وجميع من شاركوا فيه.

أما عن مشكلة الأسرة في العمل، فإن مسلسل “المراهقة” لا يقدم للمشاهد إجابات سهلة. إن بطل المسلسل لديه والدان يحبانه كثيرا، ولكنهما لا يعرفان احتياجات ابنهما. يوفران لابنهما جهاز كمبيوتر في غرفته، ولكنهما لا يراقبان ما يفعله على الإنترنت. ويتضح أن العالم الرقمي مكان قاس، ومن بين الرسائل التي يطرحها المسلسل، أن الآباء عليهم معرفة ما يفعله أبناؤهم.

ويضم المسلسل عددا من الممثلين، لكن يظل أبرز اكتشاف في المسلسل هو – بلا شك – أوين كوبر، المولود عام 2009 وقد كان أداؤه في الحلقة الثالثة، وهي الأولى التي تم تصويرها بين حلقات المسلسل، قويا إلى درجة جعلته أشبه بوحش صغير، رغم أنه يمثل لأول مرة.

وقال مخرج المسلسل، فيليب بارانتيني “عندما حصلنا على النص، كان الأمر أشبه بـ: حسنًا، هذا عن فتى في الثالثة عشرة من عمره. وكنا نفكر: هل يمكننا حقًا اختيار فتى في هذا العمر؟ أم علينا البحث عن شخص في السادسة عشرة أو السابعة عشرة أو الثامنة عشرة، لكنه يبدو صغيرًا جدًا؟ لكن هناك شيء ما يتعلق بعمر المراهقة، حيث تتغير سلوكيات الناس، وأجسادهم، وأصواتهم.”

وتابع “كان من الواضح تمامًا أننا لا نستطيع اختيار شخص أكبر سنًا، لذا قلت لشاهين بيج، مديرة الكاستينغ البارعة في اختيار المواهب الجديدة، إننا يجب أن نبحث في مدارس الدراما، ونوادي الشباب، ومدارس المسرح العريقة، لكنني أردت أيضًا أن أحاول العثور على شخص لم يسبق له التمثيل. وأوين، بطل العمل، كان أحد المرشحين الرائدين.

وفي ذلك الوقت، تسأله الطبيبة النفسية بريوني أريستون التي تجسد دورها إيرين دوهيرتي، في مركز احتجاز الأحداث، عما فعله.

ويركز المسلسل على أن هناك العديد من المراهقين في عصر الإنترنت، ممن يحاولون تعويض عدم ثقتهم بأنفسهم من خلال الرجولة العدوانية، وهو أمر قد يكون ساما ومدمرا للغاية.

وأشاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بالمسلسل وبالموضوع الرئيسي الذي يدور حوله. ويرى الكثير من الآباء والأمهات والأشخاص الذين يعملون مع المراهقين، أن هناك مشكلة تواجه الأولاد والشباب وتحتاج إلى المعالجة.

ويقول ستارمر (62 عاما) الذي يستمتع بمشاهدة المسلسل مع ابنه (16 عاما) وابنته (14 عاما) “أنا شخصيا آخذ الأمر على محمل الجد.”

وقبل أسابيع من موعد إطلاقه، وُصف المسلسل في الصحافة البريطانية بأنه أحد “أكثر المسلسلات التلفزيونية رعباً في عصرنا” لاستكشافه التنمر والذكورة السامة، وكيف يمكن لعقل شاب مراهق من عائلة تبدو محبة أن يتحول بهدوء إلى متطرف.

14