نجاح أمني في مكافحة المخدرات بتونس

تونس - حققت تونس في الفترة الأخيرة نجاحات أمنية في علاقة بمكافحة آفة المخدرات التي باتت تنخر المجتمع، وحولت البلاد من منطقة عبور إلى منطقة استهلاك، تبعا لانتشار الظاهرة في مختلف الأوساط التربوية والاجتماعية.
ولئن ثمنت أوساط سياسية وأمنية الجهود الرقابية للأمن التونسي في التصدي لانتشار الظاهرة محليا، فإنها أكدت على أن المقاربة الأمنية لا تكفي لوحدها للحد من استفحالها بل تتطلب معاضدة مختلف الأطراف من أسر ومؤسسات.
وقال المتحدث باسم إدارة الحرس الوطني في تونس حسام الدين الجبابلي، إن شبكات الاتجار بالمخدرات تلقت “ضربة موجعة” في أعقاب عمليات أمنية نوعية خلال شهر مارس الماضي مع ضبط عدة كيلوغرامات وإيقاف 11 مروجا من بينهم ثلاثة أجانب.
وفي بيانات نشرها الحرس الوطني، شملت الحملات، التي انطلقت في بداية شهر رمضان الماضي، منطقة تونس الكبرى (ولايات تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة) بالإضافة إلى ولايات (محافظات) المنستير وسوسة والقصرين.
ومكنت تلك الحملات من ضبط 3.6 كيلوغرام من مادة الكوكايين و97 صفيحة من مادة القنب الهندي تزن 9.7 كيلوغرام مع مصادرة أربع سيارات تم استخدامها في نقل المخدرات.
وشددت تونس عمليات الملاحقة للمتاجرين بالمواد المخدرة التي يجري تهريبها عبر الموانئ والمعابر البرية، في ظل تفشي الجريمة وأعمال عنف في مناطق شعبية وفي محيط المؤسسات التعليمية.
ويناهز عدد السجناء الموقوفين في قضايا المخدرات في تونس بنحو ثلث إجمالي الموقوفين في السجون، وفق تقديرات منظمات غير حكومية.
ويؤكد المتابعون أن تجارة المخدرات شهدت تطورا لافتا، حيث تحولت تونس من منطقة عبور لتجار ومهربي المخدرات بين الجزائر وليبيا أو بين أوروبا والجزائر أو بين تونس وتركيا، إلى سوق سوداء لمختلف المواد المخدرة وخاصة القنب الهندي، والأقراص المخدرة بكل أصنافها وأنواعها.
وقال المحلل السياسي والخبير الأمني، خليفة الشيباني: “هناك نجاح أمني وخصوصا في الضبطيات، وهذا ما يعني وجود سوق لاستهلاك المخدرات، كما توجد العديد من الفئات المتضررة.”
وأكد في تصريح لـ”العرب”، أن “تونس انتقلت من منطقة عبور إلى منطقة استهلاك للمخدرات،” لافتا أن “المجهودات الأمنية جيدة لكنها لا تكفي للحد من الظاهرة، بل هناك حلول أسرية مع معاضدة جهود الدولة بمراكز العلاج ضد الإدمان وغيرها، فضلا عن حلول اجتماعية أخرى.”
ولفت خليفة الشيباني إلى أن “العديد من جرائم القتل والاغتصاب في تونس خلال الفترة الأخيرة ارتبطت باستهلاك المخدرات.”
وكشفت الإدارة العامة للحرس الوطني في بلاغ عن تفاصيل عمليات نفذت مؤخرا تم خلالها حجز كميات ضخمة من مخدري “الكوكايين” و”القنب الهندي” وإيقاف مروجين بينهم أجانب.
وأوضحت الإدارة العامة في بلاغها أن الفرقة المركزية لمكافحة المخدرات للحرس الوطني ببن عروس، مدعومة بتشكيلات من الإدارة العامة لوحدات التدخل ووحدات إدارة الشؤون العدلية بعدد من الجهات، ضبت في العوينة، مشتبها به مقيما بالخارج، مرتبطا بشبكة دولية لتهريب المخدرات، بحوزته 2.6 كغ من “الكوكايين” وسيارة.
وفي حي ابن خلدون بتونس العاصمة، تم إيقاف مروج متلبسًا بحيازة 4 صفائح من “القنب الهندي” ومبالغ مالية.
وفي المنستير (شرق)، تم تنفيذ عملية مشتركة مع مختلف وحدات الحرس الوطني بطبلبة، أسفرت عن ضبط 1 كغ من “الكوكايين”، وتوقيف أجنبيين وحجز سيارة بلوحة منجمية أجنبية.
تونس تشدد عمليات الملاحقة للمتاجرين بالمواد المخدرة التي يجري تهريبها عبر الموانئ والمعابر البرية، في ظل تفشي الجريمة وأعمال عنف في مناطق شعبية وفي محيط المؤسسات التعليمية
كما تم ضبط مشتبه به ثالث في سوسة (شرق) على صلة بنفس الشبكة، مع مصادرة سيارته، ومبالغ مالية، ومصوغ.
وفي تالة بالقصرين (غرب)، وبالتنسيق مع مختلف وحدات الحرس، تم ضبط مشتبه به متلبسًا أثناء محاولته نقل 93 صفيحة من “القنب الهندي” تزن 9.3 كلغ، إلى جانب حجز شاحنة خفيفة.
وفي ماطر وبنزرت (شمال)، تم إيقاف 5 أشخاص لتورطهم في ترويج الأقراص المخدرة، مع ضبط كميات من الأقراص المخدرة، دراجة نارية كبيرة الحجم، ومبالغ مالية، واتخذت الإجراءات القانونية الخاصة بتلك العمليات بالتنسيق مع النيابة العمومية لدى مختلف المحاكم الابتدائية بتلك الجهات.
وتقوم شبكات دولية بمحاولة إدخال شحنات كبيرة من المواد المخدرة إلى تونس، برا أو جوا أو بحرا، وهي معدّة خصوصا للترويج بين صفوف المراهقين والشباب والتلاميذ، كما تجد شبكات ترويج المخدرات في تونس مجالا واسعا للتحرك في الوسط المدرسي، وخصوصا في صفوف التلاميذ، وتعمد هذه الشبكات إلى بث سمومها في هذه الشريحة التي تعد فريسة سهلة.
وفي وقت سابق، قالت المتفقدة العامة بالإدارة العامة للصيدلة والدواء بوزارة الصحة، ريم المنصوري حجري، إن وزارة الصحة تعكف على إعداد مشروع قانون يعتبر الإدمان على المخدرات، مرضا مزمنا تجب معالجته، وليس جريمة تستوجب العقاب.
وأضافت خلال ندوة نظمها مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدّرات والجريمة أن توجه الوزارة نحو مراجعة الإطار التشريعي فرضه الوضع المتعلق باستهلاك المخدرات في تونس والذي ينذر بالخطر بالنظر إلى التطور الملحوظ لاستهلاك المواد المخدرة، مؤكدة أن هذه المبادرة التشريعية لوزارة الصحة والتي تم رفعها إلى رئاسة الحكومة، ترمي إلى اعتبار مستهلك المخدرات شخصا مريضا تجب معالجته مشيرة إلى أن مشروع القانون تضمن عقوبات مشددة بالنسبة للمروجين.