صورة الطفل إبراهيم تفضح جرائم القتل الطائفي في سوريا

تحولت صورة الطفل إبراهيم إلى أيقونة ورمز للتعاطف مع ضحايا القتل الطائفي في سوريا مع انتشارها بشكل واسع واستنكار استمرار هذه الجرائم التي يذهب ضحيتها الأبرياء من المدنيين في قرى الساحل.
دمشق - اجتاحت صورة الطفل إبراهيم شاهين الذي كان من ضمن 6 ضحايا فارقوا الحياة برصاص مسلحين في ريف بانياس، مواقع التواصل الاجتماعي وسط موجة تعاطف مع العائلة وغضب من انتشار حالات الانتقام الطائفي بحجة “الحالات الفردية” ومطالب للسلطات بتحمل مسؤوليتها ووضع حد لهذه المجازر.
وأظهرت الصورة المتداولة جثة الطفل وحبلا أسود استخدمه كبديل للحزام على محيط بنطاله ما يعكس الحالة المعيشية الصعبة التي كان يعيشها.
وانتشرت ردود فعل واسعة على المجزرة، حيث عبر معظمهم عن رفضهم إنكار الجريمة أو تبريرها، كما طالبوا الحكومة بالخروج برواية رسمية، مؤكدين على ضرورة إجراء تحقيق شفاف للوصول إلى الحقيقة ومعرفة ما جرى وتحديد المسؤول عن المجزرة ومحاسبته، وجاء في تعليق:
NabilQaser@
وكتب ناشط:
وعبّر الكثير من رواد مواقع التواصل عن حجم بشاعة الجريمة وأثرها على نفوسهم، وجاء في تعليق:
وكتبت الإعلامية راميا الإبراهيم:
وأسف الكثيرون لحال البلاد:
7azemKa@
وأكد ناشطون أن الجريمة لا تختلف باختلاف مرتكبها إن كان في الوقت الحالي تحت حكم سلطة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أو تحت سلطة الرئيس السابق بشار الأسد، وعلق ناشط:
وقارن الكثيرون بين الطفل إبراهيم شاهين والطفل حمزة الخطيب من محافظة درعا الذي تم اعتقاله عام 2013 من قبل نظام الأسد وقتله تحت التعذيب في السجون، معتبرين أن الجريمتين تعبران عن وحشية، ولا يمكن إنكار واحدة منهما أو تبريرها، وجاء في تعليق:
ali147689@
وأضاف آخر:
ومع محاولة التشكيك بالصورة وتاريخها وثقت جهات حقوقية ومن بينها منصة “تأكد” للمجزرة. وأفادت المنصة في بيان لها “الصورة التي شكّك مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي في صحتها بعد انتشارها تزامنا مع أنباء عن وقوع مجزرة في إحدى قرى مدينة بانياس التابعة لمحافظة طرطوس، هي صورة حديثة تُظهر الطفل إبراهيم شاهين، أحد ضحايا المجزرة التي وقعت في أول أيام عيد الفطر في سوريا”.
وحسب “تأكد”، قُتل إبراهيم مع عدد من أفراد عائلته، بينهم والده وجده وثلاثة رجال آخرين، على يد مسلحين ظهر الاثنين الحادي والثلاثين من مارس المنقضي، وأفادت بأن معظم سكان القرية نزحوا بعدها خوفا على سلامتهم.
في المقابل، تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا مصورا يُظهر وصول قوى مسلحة تابعة لوزارة الداخلية السورية في وقت لاحق إلى موقع المجزرة، وسط تضارب في الروايات بشأن هوية مرتكبي المجزرة وتبعيتهم.
وفي ظل غياب الرواية الرسمية، قالت مصادر أهلية إن ملثمين مسلحين اقتحما قرية حرف بنمرة ودخلا منزل سومر شاهين، وطلبا مقابلة مختار القرية جودت فارس، فأُجبر سومر على الاتصال بالمختار الذي قدم إلى بيته. وعند حضوره فتح المسلحون النار على المختار جودت فارس، وقتلوه مع ابنه نجدت، إلى جانب صاحب المنزل سومر شاهين وابنه إبراهيم، وشقيقه ثائر، ووالده إبراهيم، ثم لاذا بالفرار إلى الثكنة الأمنية القريبة من القرية، فيما سارعت قوات الأمن بعد إبلاغها بتطويق القرية للبحث عن المتورطين.
◙ ناشطون يستنكرون عدم وجود معلومات موثوقة وحملوا الحكومة مسؤولية ترك الناس عرضة للشائعات
وبينما تناقل رواد وسائل التواصل جملة من الروايات حول المتورطين بالجريمة وأسبابها، مؤكدين في معظم هذه الروايات أن عناصر من قوات الأمن العام متورطة بالجريمة، بثت الصفحة الرسمية لمحافظة طرطوس تسجيلا مرئيا لمسؤول أمني من جهاز الأمن العام، ظهر فيه وسط جمع من أهالي قرية حرف بنمرة، اعترف فيه بوقوع الجريمة، وتعهد فيه بمحاسبة مرتكبي الجريمة وإحالتهم إلى القضاء، ومساءلة كل من يخل بالسلم الأهلي.
وقال إن من نفذ هذه الجريمة “لا يمثل الدولة ولا مؤسساتها ولا قيمها، وأن القضاء سيأخذ مجراه، وسيحاسب كل من يخل بالسلم الأهلي”، مؤكدا أن “الدولة لا تحمي أي جهة تتجاوز القانون.”
وتداولت العديد من الحسابات معلومات مفادها بأن منفذي الهجوم فصيل مسلح موجود في معسكر الديسنة. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تسبب الهجوم في نزوح العديد من العائلات، وسط مناشدات لإنقاذ المدنيين وتأمين المنطقة من تهديد المسلحين، حيث نامت المئات من العائلات في البراري والأحراش المحيطة بالقرية، ثم انتشر الأمن العام لإقناع الأهالي بالعودة ومنع أي تكرار لجرائم مماثلة.
واستنكر ناشطون عدم وجود مصادر رسمية تقدم معلومات موثوقة للمواطنين، وحمّل المحامي ميشال شماس الحكومة المسؤولية “بترك الناس عرضة للشائعات، ومهما كانت الحقيقة مرة ومؤلمة يجب الاعتراف بها إذا أردنا فعلا بناء دولة.” وقال “للأسف رجعنا إلى نفس أسلوب الأسد البائد، البعض يغطي، وينكر ارتكاب جريمة مقتل الطفل في بانياس”، مؤكدا أن “التغطية على الجريمة وإنكارها، جريمة أيضا، وتشجيع وتحريض للمجرمين على مواصلة جرائمهم.”
واعتبر أن “غياب أي مصدر رسمي أو ناطق باسم الحكومة أو الأمن العام هو السبب في هذه البلبلة التي نشهدها على وسائل التواصل الاجتماعي حول ما يحدث لعمليات القتل في سوريا بين نفي وتكذيب وتهويل وتبرير وتغطية.”
وأكدت الممثلة البارزة والناشطة في مجال حقوق الإنسان الفنانة يارا صبري في منشور لها أن من الضروري “الاستجابة للكشف عن أسماء وشخصيات مرتكبي الجرائم بحق المدنيين ومحاكمتهم علنا أمام الشعب السوري. هو مطلب لا يجب التغاضي عنه أو تأجيله، ولم تعد هناك حجج مقنعة لأحد بعد الآن، هذا استحقاق وطني برسم الحكومة الجديدة فإما أن نكون دولة عدالة ومواطنة… أو لن نكون.”