إسرائيل توسع عملياتها العسكرية في غزة لضم مناطق شاسعة

القدس - أعلنت إسرائيل توسيعا كبيرا لعملياتها العسكرية في غزة اليوم الأربعاء وقالت إنها ستستولى على مناطق واسعة من القطاع وستضمها إلى المناطق الأمنية إلى جانب عمليات إخلاء واسعة النطاق لمناطق بالقطاع.
ووجد قادة إسرائيل ما يشجعهم من خلال بوادر احتجاج في غزة على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تدير القطاع منذ عام 2007، وبدا أن العملية الموسعة تهدف بقدر ما إلى زيادة الضغط المدني على قادة الحركة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان إن عمليات إخلاء واسعة النطاق ستحدث في مناطق القتال، ودعا سكان غزة إلى القضاء على حماس وإعادة الرهائن الإسرائيليين، وقال إن هذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب.
وأصدر الجيش الإسرائيلي بالفعل تحذيرات بالإخلاء للسكان الذين يعيشون حول مدينة رفح بجنوب القطاع ونحو مدينة خان يونس، وطلب منهم الانتقال إلى منطقة المواصي على الشاطئ، التي أعلنتها إسرائيل في السابق منطقة إنسانية.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الفرقة 36، التي أُرسلت إلى منطقة القيادة الجنوبية الشهر الماضي للتحضير للعمليات في غزة، ستشارك في العملية.
ولم يوضح بيان كاتس مساحة الأراضي التي تنوي إسرائيل السيطرة عليها.
وبدأ الجيش الإسرائيلي بالفعل المرحلة الجديدة من العملية العسكرية البرية في مدينة رفح، بقيادة الفرقة 36 المدرعة، كما تشارك وحدات قتالية من بينها "لواء جولاني"، الذي عاد إلى قطاع غزة بعد أكثر من عام من الانتشار المتواصل على الحدود الشمالية.
وأنشأت إسرائيل بالفعل منطقة عازلة كبيرة داخل غزة، إذ وسعت مساحة كانت موجودة على أطراف القطاع قبل الحرب، مع إضافة منطقة أمنية كبيرة فيما يسمى بممر نتساريم عبر وسط قطاع غزة.
وفي الوقت نفسه، أعلن قادة إسرائيليون خططا لتسهيل المغادرة الطوعية للفلسطينيين من القطاع بعد أن دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إخلائه نهائيا وإعادة تطويره ليصير منتجعا ساحليا تحت السيطرة الأمريكية.
وجاءت تعليقات كاتس بعد أن كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعوة حماس إلى نزع سلاحها، وقال إن ممارسة الضغط العسكري هو أفضل طريقة لاستعادة الرهائن المتبقين وعددهم 59.
وقال كاتس في بيانه "أدعو سكان غزة إلى العمل الآن للقضاء على حماس وإعادة جميع المخطوفين"، مضيفا أن العملية ستطهر المنطقة من المسلحين وبنيتهم التحتية.
وأردف كاتس "هذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب".
وقال منتدى عائلات الرهائن، الذي يمثل عائلات المحتجزين في غزة، إن العائلات "شعرت بالرعب من الاستيقاظ هذا الصباح" على إعلان وزير الدفاع. وقال إن إسرائيل ملزمة بإطلاق سراح جميع الرهائن و "اتباع كل السبل المتاحة للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراحهم".
واستهدفت الغارات الإسرائيلية مناطق متفرقة من رفح وخان يونس ودير البلح، وسط أنباء عن دخول آليات عسكرية إلى شرق ووسط رفح.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته العسكرية البرية في العديد من الأحياء والمدن والمخيمات في القطاع الفلسطيني.
وبينما قال مسؤول إسرائيلي رفيع، في إفادة صحافية أوردها موقع "أكسيوس"، إن الجيش الإسرائيلي سيوسع عمليته البرية في غزة لاحتلال 25 بالمئة من القطاع خلال الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع المقبلة.
وزعم المسؤول الإسرائيلي أن هذه العملية البرية جزء من حملة "ضغط قصوى" ضد حركة "حماس" للموافقة على "إطلاق سراح المزيد من المحتجزين".
وذكر "أكسيوس" أن إعادة احتلال غزة قد تتجاوز الأهداف المعلنة لإسرائيل في الحرب، وقد تُستخدم كذريعة للضغط على الفلسطينيين من أجل تهجيرهم من القطاع، خصوصاً وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن صراحة رغبته في إخراج الفلسطينيين من القطاع لتنفيذ المقترح الذي قدمه سابقاً الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وذكرت وسائل إعلامية إسرائيلية أن "الجيش الإسرائيلي ينفّذ عمليات تمشيط للبحث عن أنفاق وأسلحة، بالتزامن مع إخلاء واسع النطاق للسكان الفلسطينيين نحو منطقة المواصي".
وتهدف العملية العسكرية الإسرائيلية، التي انطلقت بالفعل، إلى تهجير الفلسطينيين الذين عادوا إلى منازلهم في شمال وجنوب قطاع غزة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار السابق في يناير الماضي.
وبحسب "أكسيوس"، فإنه في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد بشأن إطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار، فإن العملية البرية قد تتوسع وتؤدي إلى إعادة احتلال معظم القطاع، وتشريد معظم المدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، والبالغ عددهم مليوني نسمة.
ونقل الموقع الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن إعادة احتلال غزة خطوة نحو تنفيذ خطة تهجير سكان غزة، والتي تصفها الحكومة الإسرائيلية بـ"الخروج الطوعي للفلسطينيين".
لكن مسؤولين آخرين حذَّروا من أن خطة احتلال غزة "قد تجعل إسرائيل مسؤولة عن مليوني فلسطيني، وقد يتحول إلى احتلال غير محدد المدة".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ ضربة الأربعاء مستهدفا مقاتلين من حركة حماس في مبنى تابع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم جباليا بشمال قطاع غزة.
وأفاد الجيش في بيان أنه "ضرب إرهابيين من حماس في منطقة جباليا" كانوا "يختبئون في مركز قيادة"، فيما أكد متحدث عسكري ردا على أسئلة وكالة فرانس برس أن الضربة استهدفت مبنى للأونروا يؤوي "عيادة". وقتل ما لا يقل عن 19 شخصا بينهم أطفال في الضربة، بحسب آخر حصيلة للدفاع المدني في قطاع غزة.
واستأنفت إسرائيل ضرباتها الجوية على غزة وأعادت قواتها البرية بعد شهرين من الهدوء النسبي الذي أعقب إبرام هدنة بدعم أمريكي للسماح بتبادل الرهائن لدى حماس مقابل معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وقُتل مئات الفلسطينيين منذ استئناف الضربات كما قطعت إسرائيل المساعدات عن القطاع قائلة إن حماس تأخذ الكثير من المواد التي تدخل وتستخدمها لأعضائها.
ولم تحرز جهود وسطاء من قطر ومصر لإعادة المحادثات إلى مسارها من أجل إنهاء الحرب أي تقدم حتى الآن.
ومع تصاعد العملية في غزة، قصفت إسرائيل أيضا أهدافا في جنوب لبنان وسوريا، ونفذت ضربة لاستهداف قائد في جماعة حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الثلاثاء، مما زاد الضغط على اتفاقات وقف إطلاق النار الهشة التي أوقفت القتال إلى حد كبير في يناير كانون الثاني.
يضاف إلى ذلك أن القوات الإسرائيلية لا تزال تنفذ عملية كبيرة في الضفة الغربية المحتلة يقول الجيش إنها تهدف إلى تدمير الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في مخيمات اللاجئين بالمنطقة.
واجتاحت إسرائيل قطاع غزة في أعقاب هجوم على جنوب إسرائيل شنه مسلحون بقيادة حماس، والذي أسفر وفقا للإحصاءات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة واقتيادهم إلى غزة.
ووفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، أسفرت الحرب الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني، ودمرت قطاع غزة وأجبرت ما يقرب من 2.3 مليون نسمة على النزوح من منازلهم ليعيش مئات الآلاف في خيام وملاجئ عشوائية.