حوارات ثقافية تجمع المثقفين العرب حول شمس تشرق من المغرب

مؤلف الكاتب والصحافي المغربي عبدالحي كريط يطرح عددا من الحوارات التي أجراها في وقت سابق، ليحولها إلى منطقة لقاء بين المشرق والمغرب العربيين.
الأربعاء 2025/04/02
الحوار أرض للتلاقي (لوحة للفنان زياد الأصرم)

الرباط - تظل الحوارات الثقافية من أهم مصادر بناء المعرفة الجدلية والمتجددة، خاصة وأنها تكشف المساحات الخفية وتقدم عوالم مختلفة من خلال السؤال والإجابة، لتفتح أمام المحاوِر والمحاوَر والقراء نوافذ للنقاش والتفكير والبوح، وهي بذلك تخلق حركية ضرورية تجدد من الرؤى والأفكار والتصورات.

 إيمانا بأهمية الحوارات وبنكهة مختلفة وتصور جديد للثقافة والفكر، يقدم الكاتب والصحافي المغربي عبدالحي كريط مؤلفه الثاني بعنوان “مدارات ثقافية.. في الفكر والشعر والرواية، الشمس تشرق من المغرب” طارحا عددا من الحوارات التي أجراها في وقت سابق، ليحولها إلى منطقة لقاء بين المشرق والمغرب العربيين.

ويمكن القول إن الحوار بين المشارقة والمغاربة ظل مستمرا حتى نهاية القرن العشرين، لكنه بدأ في التقلص والضمور منذ بداية الألفية الجديدة. ويعود ذلك إلى أسباب عدة منها أن كل بلد عربي سواء من المشرق أو المغرب أصبح يركز اهتماماته على مشاكله وقضاياه الخاصة به. لذا باتت نخبه منشغلة بذلك انشغالا يلهيها عن مشاكل وقضايا البلد العربي المجاور أو البعيد، وهذا ما يحاول تجاوزه كريط وكتاب آخرون في إحياء للحوار من جديد.

ل

وتميز كتاب كريط، الصادر عن مؤسسة أفرا للدراسات والأبحاث، بمقدمة قام بكتابتها الأديب والناقد السوداني المقيم في جمهورية مصر العربية بدرالدين العتاق، مهد من خلالها لأهمية الكتاب ودوره الثقافي والحضاري.

ويضم الكتاب مجموعة من المقابلات مع نخبة من الأدباء والمفكرين من العالم العربي والإسلامي، من بينهم الفيلسوف السوداني عماد البليك، والباحثة والكاتبة المغربية الدكتورة أسماء المرابط، والدكتور عبدالإله بن عرفة، رائد الرواية العرفانية بالعالم العربي، إضافة إلى  الشاعرة اللبنانية ماري جليل، وغيرهم من الوجوه الثقافية البارزة التي تمثل كلا من المشرق والمغرب.

ولا يكتفي كريط بتقديم حواراته بل يسلط الضوء على إصدارات من يحاورهم، عبر حوارات صحفية عميقة وبأسلوب توثيقي متفرد قل نظيره في عالم الصحافة الثقافية، التي تنتهج في أغلبها الاستسهال ولا تغوص بالتالي الحوارات في جوهر القضايا ولا تكشف الكثير عن ذات الشخصية المحاوَرة وخفاياها، وهو ما يتجاوزه هذا الكتاب بتجنب الأسئلة المكررة.

كما يقدم الكتاب للقارئ تجارب فكرية وثقافية مرتبطة بالسياقات التاريخية والاجتماعية، مما يعزز التأمل والتفكير النقدي، وهي وظيفة كل حوار في الأصل.

وربما يلفت القراء عنوان الكتاب الذي يعتبر مثيرا للانتباه، إذ يتميز بتوازن جيد بين التنوع الثقافي والبعد الرمزي، ويحاول الإشارة بشكل جمالي إلى غنى التراث الثقافي المغربي في مجالات متعددة. وقد تم استخدام “الشمس تشرق من المغرب” في هذا التوجه ما يضيف بعدا شعريا ووجدانيا، مما يبرز المغرب كمصدر للإشعاع الثقافي والإبداع الفكري في العالم العربي.

كما أن العنوان يشير إلى تعدد الموضوعات التي سيغطيها المحتوى (الفكر، الشعر، الرواية)، مما يجعل القارئ يتوقع تنوعا غنيا في المواد المطروحة.

الكتاب يضم مجموعة من المقابلات مع نخبة من الأدباء والمفكرين من العالم العربي والإسلامي كاشفا عوالمهم الخفية

قراءة أخرى لصورة غلاف الكتاب الذي يصور الريشة والكتاب، كرمز للثقافة والفكر، وشمسا تشرق من خلف جبال الأطلس لتعكس الأمل والتجدد، بينما نجد صومعة الكتبية، كمعلم ثقافي مميز للمغرب، علاوة على اعتماد ألوان خفيفة في وئام بين مختلف العناصر.

وجاء في كلمة الناشر “لأن تتحول فكرة الصحافي أوالصحافة من الخبر والتقرير وما أشبه إلى خلق ‘مدارات ثقافية’ تعمل على توثيق نمط الفكر أينما كان وتنميط المفكرين في كافة المجالات الحياتية لهو قفزة عالية للغاية في فضاء صاحبة الجلالة والبلاط الملكي السلطة الرابعة، لم يشهد لها عالم الصحافة من قبل مثيلا، وهذا هو الأستاذ الصحافي عبدالحي كريط، الشاب المغربي الذي يحمل لواء التجديد في عالم الصحافة الحداثوية”.

وأضاف “اليوم بكل ثقة يقدمه لعالم الأدب والفكر والتاريخ، وهو جدير بأن يكون أول من نَفَذَ لهذا المجال بلا شك إذاً، نحن أمام فتح صحافي جديد يحمل اتفاقا مفهوم التوثيق والتاريخ والفكر والأدب في قالب صحافي يميزه عن غيره من جيله الصحافي في كل المنطقة العربية”.

وجدير بالذكر أن عبدالحي كريط هو صحافي وكاتب مغربي ويشغل منصب مدير نشر موقع أنباء إكسبريس،  معروف بأعماله في مجال الفكر والثقافة.

يهتم بالدراسات الأدبية والنقدية وله العديد من المساهمات التي تتناول الأدب والفكر، ونشرت في جرائد ومواقع عربية مختلفة، يتسم أسلوبه بالعمق والموضوعية، ويجمع بين التوثيق الصحافي والتحليل النقدي في دراسة تجارب الأدباء والمفكرين.

 إضافة إلى تخصصه بالشأن الإسباني، أجرى العديد من الحوارات مع كتاب وشعراء وفلاسفة من إسبانيا وأميركا اللاتينية ونشرت كذلك باللغة الإسبانية، وتم توثيق هذه الحوارات في إصداره الأول نوافذ حوارية في الأدب الإسباني والفن والفلسفة، ويعد الإعلامي عبدالحي كريط من الصحافيين المهنيين المشهود لهم بالكفاءة وبالأخلاق الحميدة والسمعة الطيبة، وهو من القلائل الذين ندر وجود أمثالهم.

12