تصاعد العنف الطائفي في سوريا.. حمص وطرطوس في دائرة الاستهداف

دمشق – شهدت مناطق حمص وطرطوس في وسط وغرب سوريا تصاعدًا خطيرًا للعنف الطائفي، حيث قُتل 12 مدنيًا، غالبيتهم علويون، في هجمات متفرقة الاثنين على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بعد أسابيع من أعمال عنف دامية استهدفت الأقلية العلوية في غرب البلاد، مما يثير مخاوف جدية بشأن استقرار الوضع الأمني في سوريا.
وفي محافظة طرطوس (غرب) ذات الغالبية العلوية، أحصى المرصد مقتل ستة مدنيين في قرية حرف بنمرة، بينهم مختار القرية، على يد مسلحين.
وقال المرصد إن المسلحين انطلقوا من "قاعدة الديسنة" التي كانت معسكرا لقوات الجيش السابق، وباتت "تتمركز ضمنها قوات تابعة لوزارة الدفاع والداخلية"، مضيفا أنهم "نفذوا العملية وعادوا إلى القاعدة".
وبحسب المرصد، ردد المهاجمون "شعارات طائفية وأطلقوا تهديدات مباشرة قبل تنفيذ الجريمة"، من دون ان تتضح خلفياتها.
وقال عامر المدني، مدير أمن منطقة بانياس، الذي تحدث في مقطع فيديو تم نشره على الصفحة الرسمية للمحافظة على، إن "قوات الأمن العام في طرطوس تلاحق المتورطين في هذه الحادثة لتقديمهم للعدالة".
وقال كمال، وهو من سكان قرية مجاورة وأحد أقارب ثلاثة من الضحايا، والذي طلب تعريفه باسمه الأول فقط خوفا من الانتقام، "إن المسلحين الملثمين، الذين يعتقد أنهم من قوات الأمن الحكومية، وصلوا إلى القرية بحثا عن شخص يدعى "مختار"، وهو زعيم محلي يمثل المجتمع المحلي في المسائل الإدارية، قبل أن يفتحوا النار ويقتلوا أربعة أشخاص على الأقل، من بينهم صبي من العمر 12 عاما ومسن في الثمانين من العمر من نفس العائلة".
وقال كمال إنه يستشهد بروايات ثلاثة شهود عيان آخرين.
ولم يتم التحقق من تسلسل الأحداث بشكل مستقل، ولا يوجد بيان رسمي حول تفاصيل الهجوم.
ومساء الاثنين، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات الأمن أوقفت اثنين من أفراد فصيل ينتمي إلى التحالف المسلح الذي أطاح بشار الأسد "ارتكبا الاثنين مجزرة حرف بنمرة" في ريف بانياس في محافظة طرطوس، وذلك "للتحقيق في المجزرة ومحاكمتهما".
كما انتشرت قوات الأمن للضغط على الفصيل حتى يسحب مقاتليه من المنطقة، وفق المنظمة غير الحكومية.
وتواجه السلطات الجديدة في سوريا تحدّي ضبط الأمن من بين تحديات عديدة، في بلد قسّمته حرب اندلعت قبل 14 عاما إلى مناطق نفوذ، خاصة في ظل وجود فصائل مسلحة ذات خلفيات وولاءات متعددة.
وتزيد صعوبة دمج هذه الفصائل في الجيش الوطني وقوات الأمن من تعقيد الوضع الأمني.
وفي مدينة حمص (وسط)، اقتحم مسلحان منزلا في حي كرم الزيتون الذي يقطنه علويون وسنة، وأطلقوا "الرصاص على من بداخله وقتلوا بدم بارد سيدة وثلاثة من أولادها بينهم طفلة، وأصيب رب الأسرة" وهم من الطائفة العلوية، وفقا للمرصد.
وقُتل في الهجوم ذاته شخصان من الطائفة السنية كانوا في استضافة الأسرة، وفق المرصد الذي قال إن المسلحين هما "عنصر من الأمن العام وابنه". ولم تتضح كذلك خلفية إطلاق النار.
وحمص المعروفة بتنوعها الديني تقطنها أغلبية من المسلمين السنة وعدد كبير من الأقلية العلوية، وهي طائفة من الشيعة تنتمي في المقام الأول إلى الإسلام الشيعي في سوريا.
ويرى مراقبون أن تصاعد العنف الطائفي في سوريا قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها، إذ قد تستغل قوى إقليمية ودولية هذا الوضع لتعزيز نفوذها في سوريا.
ولم يصدر أي تعليق رسمي على الحادث من جانب الحكومة أو السلطات المعنية. وتواجه الطائفة العلوية في سوريا أعمال عنف متصاعدة، مع ورود تقارير عن وقوع مجازر وهجمات استهدفتهم.
وتأتي هذه الهجمات بعد نحو ثلاثة أسابيع من أعمال عنف دامية شهدتها منطقة الساحل السوري، اتهمت السلطات مسلحين موالين للرئيس بشار الأسد بإشعالها عبر شن هجمات دامية على عناصرها.
وأرسلت السلطات تعزيزات عسكرية الى المناطق ذات الغالبية العلوية. وتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن ارتكابها ومجموعات رديفة لها مجازر وعمليات "إعدام ميدانية"، أسفرت عن مقتل نحو 1700 مدني غالبيتهم الساحقة من الأقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد. ووقعت غالبية المجازر يومي 7 و8 مارس.
وقضت عائلات بأكملها، بما فيها نساء وأطفال ومسنون. واقتحم مسلحون منازل وسألوا قاطنيها عما إذا كانوا علويين أو سنة، قبل قتلهم أو العفو عنهم، وفق شهادات ناجين ومنظمات حقوقية ودولية.
ووثق المسلحون أنفسهم عبر مقاطع فيديو قتلهم أشخاصا بلباس مدني عبر إطلاق الرصاص من مسافة قريبة، بعد توجيه الشتائم وضربهم.
وأرغمت أعمال العنف هذه، وهي الأسوأ منذ الإطاحة بالأسد في ديسمبر، أكثر من 21 ألف شخص على الفرار نحو لبنان المجاور، بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وشكّلت الرئاسة السورية لجنة تحقيق في تلك الأحداث، بينما تعهّد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع محاسبة كل من "تورط في دماء المدنيين" مؤكدا في الوقت نفسه أنه لن يسمح بجر البلاد إلى "حرب أهلية".
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش دعت السلطات السورية الى الإسراع في محاكمة مرتكبي إطلاق النار العشوائي والإعدامات الميدانية في الساحل السوري.
ويمثل تصاعد العنف الطائفي في سوريا تطورا خطيرا يهدد بتقويض الاستقرار في البلاد، الأمر الذي يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف العنف وحماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
سوريا في دوامة العنف: مجازر وهجمات طائفية تزيد من تعقيد الأزمة