تمرد داخل الجيش الإسرائيلي.. عشرات الجنود يرفضون القتال بغزة

القدس – يشهد الجيش الإسرائيلي حالة من التململ المتزايد، تتجلى في رفض العشرات من جنود الاحتياط العودة إلى القتال في غزة، وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإنهاء الحرب، وتزايد عدم الثقة بالحكومة.
وهذه التطورات تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته في موقف حرج، وتزيد من الضغوط الداخلية والخارجية لإنهاء الصراع.
وأعلن العشرات من ضباط وجنود الاحتياط في سلاح الطب بالجيش الإسرائيلي، أنهم ليسوا مستعدين للعودة والمشاركة في القتال بقطاع غزة، وفقا لوسائل إعلام عبرية.
وقالت هيئة البث العبرية الرسمية إن "عشرات من جنود الاحتياط في الوحدة الطبية التابعة للجيش الإسرائيلي، وقّعوا عريضة أعلنوا فيها رفضهم العودة إلى القتال في غزة".
وأشارت إلى أن الجنود برروا موقفهم بأنه يأتي احتجاجا على استئناف الحرب، ومماطلة الحكومة في تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى مع الفصائل الفلسطينية في غزة.
وقال الجنود في عريضتهم "لا يمكننا الاستمرار في الصمت ومشاهدة دولة إسرائيل تُقاد من قبل قادتها نحو مسار ينذر بإيذاء ذاتي خطير".
وشددوا على أنهم لن يواصلوا خدمتهم في الوحدة الطبية ما لم يتم إحراز تقدم فعلي في تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى.
ووقّع الرسالة جنود وجنديات احتياط من تخصصات طبية متعددة، بينهم أطباء، ومختصون نفسيون عسكريون، وممرضون، ومسعفون، ومساعدو طب ميداني.
وأشار الموقعون إلى أن أحد الأسباب المركزية لرفضهم الخدمة هو "الاستيلاء على أراضٍ فلسطينية والدعوات إلى توطينها، في مخالفة صريحة للقانون الدولي"، إضافة إلى "جمود مسار صفقة الأسرى"، وهو ما يرونه دافعا إضافيا لرفض المشاركة في القتال.
وأوضحوا أنهم يرفضون مواصلة الخدمة أو التطوع في الوحدة الطبية بسبب استمرار الحرب "لفترة أطول من أي منطق"، معتبرين أنها تسبّب "أذى مباشرا للمدنيين من كلا الجانبين، وتُضعف النسيج الاجتماعي الإسرائيلي، وتُهدد مستقبل دولة إسرائيل على المدى الطويل".
ويعكس هذا الرفض تصاعد حالة الإحباط والغضب داخل الجيش الإسرائيلي، وتزايد المخاوف بشأن جدوى استمرار الحرب وتداعياتها.
وتستمر الاحتجاجات في إسرائيل للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق لاستعادة الرهائن، حيث أغلق المتظاهرون شوارع رئيسية في تل أبيب قبل أن تفرّقهم الشرطة، التي اعتقلت 7 أشخاص.
كما عبّر المتظاهرون عن رفضهم لإقالة رئيس الشاباك رونين بار، والمستشار القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا.
ودعت العائلات وكذلك الحراك الاحتجاجي للتظاهر مجدداً في تل أبيب ومناطق أخرى مساء السبت.
وأظهر استطلاع للرأي نشرته القناة 12 أن 69 بالمئة يؤيدون صفقة لإعادة كل الرهائن مقابل إنهاء الحرب، فيما يعارض 21 بالمئة من الإسرائيليين مثل هذه الصفقة.
كما أظهر الاستطلاع عينه أن 70 بالمئة لا يثقون بحكومة نتنياهو، وأن 50 بالمئة من الإسرائيليين يعارضون القوانين الأخيرة المتعلقة بالجهاز القضائي.
وأشار إلى أن 66 بالمئة من الإسرائيليين يرون أن الحكومة تهتم بالمتزمتين وتشكيلة الائتلاف الحاكم.
ومن جهة أخرى، أظهرت نتائج الاستطلاع أن المعسكر اليميني بقيادة نتنياهو سيحصل على 50 مقعدا مقابل 61 مقعدا للمعارضة و9 مقاعد للنواب العرب في حال جرت الانتخابات الآن.
وفي حال قرر رئيس الوزراء اليميني السابق نفتالي بينيت العودة للساحة السياسية فسيحصل المعسكر المعارض على 67 مقعدا مقابل 44 مقعدا للمعسكر اليميني، وفق الاستطلاع ذاته.
ووفقا لهذه النتائج، تراجعت شعبية حزب "الصهيونية الدينية" بقيادة سموتريتش.
ويعكس هذا الاستطلاع تزايد الضغوط الشعبية على الحكومة لإنهاء الحرب، وتزايد المخاوف بشأن مصير الرهائن.
ويرفض نتنياهو وقف الحرب حتى تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكومية، وبالتالي رفض الدخول في المرحلة الثانية، بل سعى بدلاً من ذلك إلى تمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار المؤقت، مما فاقم من حدة الخلافات الداخلية والخارجية.
وبعد أكثر من أسبوعين من الجمود، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية المكثفة في جميع أنحاء غزة في 18 مارس.
كما لم ترد حماس بعد على الاقتراح الأميركي الأخير، لكن الوسطاء القطريين أبلغوا الحركة أن الامتثال من شأنه أن يخلق حسن نية لهم مع ترامب، مما يزيد من احتمالات دفعه نتنياهو للموافقة على وقف دائم لإطلاق النار، بحسب الدبلوماسي.
إلا أن عضو المكتب السياسي في حماس، باسم نعيم، أكد مساء الجمعة، أن المحادثات تتكثف، وأن الحركة تأمل أن تشهد الأيام القليلة القادمة انفراجة حقيقية في مشهد الحرب، بعدما تكثّفت الاتصالات ومع الوسطاء في الأيام الأخيرة.
وتتواصل الجهود الدبلوماسية من قبل الوسطاء المصريين والقطريين والأميركيين للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
ويواجه نتنياهو وحكومته ضغوطًا داخلية وخارجية متزايدة لإنهاء الحرب، وتلبية مطالب الشعب الإسرائيلي وعائلات الرهائن.
تزايد حالة التململ داخل الجيش الإسرائيلي، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية، وتزايد عدم الثقة بالحكومة، كلها عوامل تزيد من الضغوط على نتنياهو. ويبقى مصير الحرب والرهائن معلقًا على نتائج المفاوضات الجارية، وقدرة الأطراف على التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع.